نائب رئيس «عين شمس»: الاستراتيجيات العلمية للجامعات عمرها 40 عاماً.. ولا تتماشى مع الواقع
خالد عبدالغفار
قال الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون الدراسات العليا والبحث العلمى، إن البحث العلمى فى مصر يمر بأزمة كبيرة، ومخصصاته لا تفى باحتياجات الباحثين والدارسين، إلا أن هناك مصادر عديدة يمكن الاعتماد عليها لزيادة موارد الجامعات، وزيادة موارد البحث العلمى بالتبعية، وأكد فى حواره مع «الوطن» أن غالبية الاستراتيجيات العلمية المعمول بها فى الجامعات موضوعة منذ 40 عاماً، ولا تتماشى إطلاقاً مع الحاضر.
وأضاف «عبدالغفار» أن قطاع الدراسات العليا والبحث العلمى، هو أمل مصر للتقدم، ولا بد من تطويره لإنتاج كوادر بشرية تتوافق مع سوق العمل فى الداخل والخارج، وهو ما يتطلب أن تنشئ الجامعات مؤسسات لتدريب الطلاب وتأهيلهم لأسوق العمل.. وإلى نص الحوار:
«عبدالغفار»: ميزانية البحث العلمى فى الجامعة لا تتجاوز نصف مليون جنيه.. ونعانى عجزاً كبيراً بسبب «التعويم»
■ هل هناك ميزانية تفى باحتياجات البحث العلمى والباحثين والدراسات فى جامعات مصر؟
- لا تكفى، فالميزانية المرصودة من قبل الدولة للبحث العلمى لا تليق بالجامعة ولا بأى جامعة فى مصر، ونحن لا نستطيع مقارنتها بأى ميزانية أخرى فى أى دولة بمحيطنا، وأغلبها يُستهلك فى الأجور والمرتبات، والرئيس عبدالفتاح السيسى أشار خلال أحد خطاباته السابقة إلى أعباء الهيكل الإدارى المُثقل بالموظفين، واستهلاك معظم ميزانية الدولة فى الأجور والمرتبات، والباقى المتاح من الميزانية لا يكفى للتطوير والبحث العلمى.
■ ألا تقدم الدولة تسهيلات وتيسيرات لدعم البحث العلمى؟
- أولاً مصر لن تنهض إلا بالعلم والأبحاث، لذلك فإن الدستور نصَّ على تخصيص ميزانية محددة للبحث العلمى والصحة والتعليم، وقد تضاعفت هذه الميزانية عدة مرات فى السنوات الأخيرة، لمواكبة التغيرات والاحتياجات المحددة لكل قطاع، إضافة إلى أن هناك إدارة سياسية تبذل قصارى جهدها فى هذا المجال، وملف البحث العلمى أخذ بعداً قومياً، لكننا ندرك أن الدولة تمر بظروف عصيبة، وهناك عجز متزايد، ونقص شديد فى موارد الموازنة العامة.
■ وكيف تحاول الجامعات التوفيق بين الميزانية المحدودة واحتياجات البحث العلمى؟
- نحن الآن بصدد وضع خطط للاعتماد على الموارد الذاتية، لتلبية جميع احتياجاتنا من الموارد المادية، ودائماً ما تعمل الجامعات وإداراتها على تنمية مصادر البحث العلمى، من خلال تعظيم دور هيئاتها، مثل صندوق العلوم والتكنولوجيا، ومؤسسة «DiD» ومؤسسة نيوتن فاند، فلم يعد أمام الجامعات سوى استغلال هذه المؤسسات، وأن تتوجه إليها بشكل سريع، كما يجب استغلال بعض موارد الجامعات التسويقية، كفتح مكاتب استشارات داخل كليات الجامعة، للاستفادة منها فى المشروعات القومية واعتمادها، فمثلاً كليات الزراعة لا بد أن يكون لها دور فى متابعة مشروع المليون ونصف المليون فدان، وإذا انتقلنا إلى مشروعات الطاقة المتجددة، فهنا يأتى دور كليات العلوم والهندسة، فى ظل ما تمتلكه من موارد بشرية ومشروعات بحثية هائلة، فعلينا استغلال أغلب الموارد وتنمية مصادرنا، فضلاً عن استغلال إمكانيات هيئات التدريس لوضع خطة أبحاث علمية تتماشى مع احتياجات الدولة.
مخصصات الدولة للبحث العلمى ضئيلة جداً وهناك مصادر بديلة للتمويل ومنظومة الوافدين تحتاج إلى نظام جديد على طريقة «السياحة الأجنبية»
■ وهل نستخدم الموارد البشرية الحالية فى الجامعات بشكل جيد؟
- للأسف أغلب الموارد البحثية والمشروعات والكوادر البشرية الممتازة فى الجامعات غير مستغلة، مع أنه فى حال استغلالها بشكل جيد ستسهم فى زيادة الموارد المالية، وأنا هنا مثلاً لا أعرف ما الذى يمنع إنشاء مكاتب استشارات بحثية للمشروعات الكبرى تابعة للجامعات، فلو أدت الجامعات عمل بعض مكاتب التوظيف للخريجين من بعض الكليات العملية وخصوصاً كليات الهندسة والصيدلة، فإنها ستدر عائداً مادياً مميزاً لنفسها، ويمكن كذلك أن تنشئ مكاتب لتدريب وتأهيل العمالة لإيفادهم إلى الخارج، كلٌ حسب تخصصه، وأؤكد أن زيادة المنتج والدخل للجامعات سيسهم فى زيادة إنفاق الجامعات على البحث العلمى، فالميزانية المرصودة له ضئيلة جداً، ولكن هناك قنوات أخرى نستطيع من خلالها الصرف على البحث العلمى، دون الاعتماد على ميزانية الدولة.
■ هل هناك مصادر أخرى للبحث بخلاف الميزانية والمشروعات؟
- هناك تبرعات رجال الأعمال للبحث العلمى، ولا بد أن تكون هناك شراكة بين الجامعات والمجتمع المدنى، للنهوض بالبحث العلمى، وللعلم هناك بعض الدول تميزت بسبب فكرة أو اختراع ما، ويمكن أن تتميز مصر بفكرة أو فكرتين، فالقاهرة مثلاً لديها ثورة فى العلاج من فيروس سى، بدليل أن هناك حالات تأتى إليها للعلاج فى ظل التطور الهائل الذى تشهده هذه المنظومة لدينا، وهناك دول قامت على صناعة نوع من الهواتف أو السيارات، ومصر كانت فى السابق مميزة بزراعة القطن، وخصوصاً طويل التيلة وهو من أغلى الأنواع فى العالم وأجودها حتى الآن.
■ ما أبرز التحديات التى تواجه البحث العلمى بخلاف التمويل؟
- كثيرة، لكن نحن كقطاع نعمل فى اتجاهين، الأول إيجاد مصادر للتمويل والبحث العلمى وتعظيم الدور المخصص لها دولياً وعالمياً، والثانى يتعلق بالأبحاث التى توضع وفق استراتيجية محددة تتماشى مع احتياجات السوق والأمن القومى، والهدف من زيادة الصرف على الأبحاث أن يكون له مردود وصدى عالمى ودولى، والبحث العلمى فى الدول يقاس بعدد الأبحاث.
■ ما سبب انخفاض عدد الطلاب الوافدين لمصر؟
- هذا كلام غير صحيح، بدليل أن هناك أكثر من 22 ألف طالب وافد من دولة الكويت سواء للتعليم الجامعى أو للدراسات العليا، وبينهم ألف طالب كويتى وافد إلى جامعة عين شمس، لكن عند توزيع هؤلاء على الجامعات، تحصد الجامعات الإقليمية العدد الأكبر، وجامعة عين شمس على سبيل المثال، أنشأت مكتباً لرعاية الوافدين، يضم طلاباً وافدين ومشرفين وأعضاء هيئة تدريس، ويتولى فحص مشاكل التحصيل وغيرها، والجامعات على استعداد لأن تستوعب أضعاف الأعداد الموجودة فيها من الوافدين، وإمكانياتها تسمح بذلك، ولا بد من تدارك هذا الأمر خصوصاً أن هناك دولاً مجاورة لمصر فتحت جامعاتها للجميع ودخلت فى منافسة مباشرة معنا، وإن كان العديد من دول التعاون الخليجى، تفضل التعاون مع مصر لا سيما فى مجالات البحث العلمى.
عدد الطلاب الوافدين لم يقل.. واستقبلنا ألف كويتى هذا العام.. والطالب السورى يدرس فى مصر «ببلاش»
■ وكيف لمصر أن تستعيد مكانتها الإقليمية فى التعليم؟
- مصر بالفعل تستعيد مكانتها الدولية والإقليمية، فأغلب الجامعات بدأت ضخ برامج تعليمية متميزة ومتخصصة، تراعى احتياجات الدول التعليمية، وتتوافق مع طبيعتها الخاصة، كما يوجد تبادل علمى بيننا وبعض الدول، للتعريف بالمستوى العلمى والأكاديمى، إلا أن غالبية الاستراتيجيات العلمية المعمول بها فى الجامعات موضوعة منذ 40 عاماً، ولا تتماشى إطلاقاً مع الحاضر، ما يستوجب تطويرها، وهو ما يحدث الآن، لأنه فى النهاية الجامعات لديها سلعة ولابد من تقديمها وعرضها بشكل جيد، ونظام الدراسة الخاص بالوافدين يعد من مصادر الدخل القومى المتميز، ويحتاج إلى تعامل على غرار «السياحة الأجنبية»، خصوصاً أنه يجعل لدى الدارسين فى مصر نوعاً من الولاء للبلد الذى تعلموا فيه.
■ هل تغيرت المصروفات الدراسية للوافدين بتحرير سعر الصرف؟
- المصروفات لم تزد حتى الآن، وتغير المصروفات بدأ مع عام 2016، فيما كان الطالب قبلها يسدد مصروفات وفق قوانين موضوعة منذ الثمانينات والسبعينات، فكانت المبالغ التى تُسدد هزيلة ومضحكة جداً، إلى أن جاء الدكتور حسام الملاح، رئيس قطاع البعثات فى وزارة التعليم العالى، فأجرى تغييراً جذرياً للمصروفات الدراسية للوافدين لتتوافق مع الجامعات الأخرى خارج مصر، بعد موافقة مجلس الوزراء، لأن المصروفات الدراسية لا تزيد إلا بقانون أو بموافقة رئيس مجلس الوزراء، وهى مصروفات متساوية، فالطالب الذى يدرس الطب كالذى يدرس الآداب أو الحقوق، وبشكل عام فإن المصروفات الدراسية للوافدين فى مصر طول العام الدراسى، لا تعادل مصروفات شهر واحد من الدراسة فى أمريكا أو بريطانيا، وأنا أعترف أن هناك جفاء فى التعامل مع الطلاب الوافدين بشتى تخصصاتهم وفرقهم فى بعض الجامعات وفى عين شمس، إلا أننا نعمل على حل جميع المشاكل، فالوافد أتى إلى مصر حتى يستفيد بنوع معين من الخدمات، ويجب تقديمها له على أكمل وجه.
■ كم تبلغ ميزانية البحث العلمى فى جامعة عين شمس؟
- 500 ألف جنيه، وكان هذا قبل تعويم الجنيه، إلا أن قيمة ذلك المبلغ بعد التعويم انخفضت كثيراً وأصبح لدينا عجز كبير نحاول تداركه.
■ وكم يبلغ عدد الطلاب الوافدين للدراسات العليا فى الجامعة؟
- 1070 طالباً وافداً فى شئون قطاع الدراسات العليا، وهم من جنسيات مختلفة.
■ كيف يعامل الطالب السورى فى مصر وتحديداً فى «عين شمس»؟
- الطالب السورى الذى جاء إلى مصر وهى فى أشد الظروف العصيبة على دولته، يدرس «ببلاش» فى مصر ويعامل كزميله المصرى فى المجموع والمصروفات، فمصر تقف إلى جوار أشقائها فى ظروفهم العصيبة، فى حين تعامل بعض الدول الطالب السورى كغيره من الوافدين.