هانى سويلم: «التعليم الأهلى» يعالج تدهور المنظومة.. والتقييم التراكمى يقضى على ظاهرة الغش
الدكتور هانى سويلم
أكد الدكتور هانى سويلم، أستاذ التنمية المستدامة، أن منظومة العملية التعليمية فى مصر تم إهمالها لما يزيد على 30 عاماً، مشيراً إلى أن الكثافة الطلابية داخل الفصول من أهم عوامل تدهور حال التعليم المصرى، موضحاً أن عجز الإمكانيات المادية ساعد على انتشار الدروس الخصوصية، التى تستنزف موارد الأسر وتذهب إلى مجموعة قليلة من المدرسين دون دفع أى ضرائب وتسديد حق الدولة.
وقال «سويلم»، خلال حواره لـ«الوطن»، إن هناك مليارات تنفق على الدروس الخصوصية بطرق غير شرعية وغير خاضعه للضرائب، مشيراً إلى أن الوزير الجديد الدكتور طارق شوقى، قادر على إعادة هيكلة منظومة العملية التعليمية وتطويرها، موضحاً أن الرئيس عبدالفتاح السيسى وعد بتذليل العقبات أمام أى عالم يجد صعوبات فى تنفيذ أفكاره.
أستاذ التنمية المستدامة: «التعليم الأهلى» يعالج تدهور المنظومة.. والتقييم التراكمى يقضى على ظاهرة الغش
■ فى البداية.. ما تعليقك على التعديل الوزارى الأخير؟
- نتمنى للجميع التوفيق، وسنكون جميعاً سنداً لهم فى تحقيق طموحات وآمال الشعب المصرى.
■ منظومة التعليم فى مصر تعانى أزمات عديدة؟ ما تعليقك؟
- خلينى أقولك إن القيادة الحالية فى وزارة التربية والتعليم قادرة على إعادة هيكلة منظومة العملية التعليمية فى مصر وتطويرها.
■ كيف يجب التعامل مع التعليم بجميع أنواعه كوحدة واحدة فكرياً وخططياً؟
- أولاً: إن مخرجات التعليم الأساسى تصب فى التعليم العالى ولابد من التعامل معهم كوحدة واحدة، وثانياً: لا بد من التنسيق الكامل لتغطية احتياجات سوق العمل وخاصة فى المراحل التعليمية التى تنتهى بالتعليم الأساسى مثل الدبلومات فالجميع يصب فى نفس سوق العمل، وثالثاً: التخطيط للأعداد المطلوبة لكل كلية أو تخصص، يبدأ من المدرسة ليصب فى الجامعة، ورابعاً: لا بد من إعداد المعلم بواسطة كليات التربية وغيرها من مراحل التعليم العالى لخدمة التعليم الأساسى، فمن يحدد المهارات المطلوبة من المدرس فى التعليم الأساسى هى وزارة التعليم والمسئول عن تحقيقها وزارة التعليم العالى، خامساً: جزء كبير من حل مشاكل التعليم الفنى والتقنى، وهما عماد الصناعة فى أى دولة، يعتمد بشكل كبير على التنسيق بين الوزارتين وعدم التضارب فى قراراتهما.
■ كيف تقيم المنظومة التعليمية فى مصر والمركز المتأخر فى التقييم العالمى؟
- المنظومة التعليمية فى مصر تم إهمالها لما يزيد على 30 عاماً، خاصة المدرس، حيث لم يتلق التدريب المناسب والعناية التى تجعله يطور من نفسه ويستخدم الطرق الحديثة فى التدريس، وانحصار التعليم فى التلقين والحفظ. كما أن زيادة عدد التلاميذ بالمقارنة بعدد الفصول المتاحة أدى إلى تكدسهم، مما جعل المهمة صعبة على المدرس للتعامل مع هذا العدد بنفس الطرق القديمة التى لم تتطور حتى الآن، وذلك بالإضافة إلى انخفاض مرتب المدرس وعجز الإمكانيات المادية مما ساعد على انتشار الدروس الخصوصية، فبالرغم من مجانية التعليم فى مصر إلا أن الدروس الخصوصية تستنزف موارد الأسر وتذهب إلى مجموعة قليلة من المدرسين دون دفع أى ضرائب وتسديد حق الدولة.
منظومة التعليم أهملت منذ أكثر من 30 عاماً.. والوزير الجديد قادر على تطويرها و الدروس الخصوصية تهدر مليارات الجنيهات على الدولة.. وتدريب المدرسين أهم من المناهج
■ من وجهة نظرك من أين نبدأ رحلة تطوير التعليم؟
- قبل الحديث عن أى خطوات فعلية لتطوير التعليم علينا أن نفهم ونحلل مشاكلنا لنفهم كيف تدهور التعليم ليصل بِنَا إلى هذا الحد، فالعملية التعليمية مدخلات ومخرجات وما يدهشنى هو المحاولات المتعددة للتطوير عن طريق التأثير فى المخرجات أو النتائج دون التركيز على المدخلات أو الأسباب الحقيقية التى أدت إلى التدهور. فمثلاً الدروس الخصوصية وانتشار مراكز الدروس هى أحد المخرجات، وحل هذه المشكلة لا يمكن أن يكون بغلق هذه المراكز لأنها حالياً تعتبر تعليماً موازياً تعتمد عليه الأسر أكثر من المدارس الحكومية. لا تتحمل الأسر أن يغلق هذا التعليم الموازى فى وجه أبنائهم على الرغم من اعترافنا جميعاً بأن وجود هذه المراكز شىء غير محمود وغير شرعى. وكذلك تغيب التلاميذ عن المدرسة أو الهروب أو التسرب هو أحد مخرجات التعليم، ولا يمكن أن يكون الحل فقط بمعاقبة من لم يحضر للمدرسة أو يتم فصله، الاتجاه لهذه المراكز والابتعاد عن المدرسة هما نتيجتان لانحدار مستوى العملية التعليمية وتدهور حال المدرس وزيادة الأعداد فى الفصل وغياب المتعة فى العملية التعليمية لعدة أسباب. أيضاً اتباع المدرس أساليب التلقين والحفظ هو أحد المخرجات نتيجة عدم الاهتمام بتحديث طرق التدريس والتدريب الدورى الحقيقى للمدرس الذى يعتمد على أحدث النظم. أيضاً القضاء على الغش سوف لا يكفى فقط عن طريق العقاب أو حتى السجن لمن يتورط فيه أو فى تسهيله. الثواب والعقاب دائماً مطلوبان ولابد من تطبيقهما بكل حزم، ولكن لا بد من أن يصحب ذلك حلول جذرية تعتمد على تغير جذرى فى مدخلات العملية التعليمية عن طريق إعادة تأهيل المدرس والإداريين والموجهين وتحسين وضعهم الاقتصادى والاجتماعى والفنى، وتوفير الإمكانات اللازمة لتطوير وتحسين حالة المدرسة ومنشآتها والأدوات التعليمية. وتقليل كثافة الفصول الدراسية وتطوير طرق التدريس والمحتوى وربط المحتوى والمناهج بسوق العمل والمهارات المطلوبة.
■ وكيف يتحقق ذلك فى ظل عجز الإمكانات؟
- هناك المليارات التى تنفق فى الدروس الخصوصية بطرق غير شرعية وغير خاضعة للضرائب التى يستفيد منها عدد محدود من المدرسين لا بد من تحويل هذه الأموال إلى القنوات الشرعية للدولة. حيث تسهم فى تطبيق الخطوات السابقة وتطور المدخلات وتقضى على كل المخرجات غير المحمودة مثل الدروس الخصوصية والتسرب والغش وغيرها.
■ عرضت فى مؤتمر «مصر تستطيع» مفهوم «التعليم الأهلى»، هل تعتقد أن هذه هى الآلية لتوفير الإمكانيات اللازمة؟
- لدينا تعليم حكومى متدهور ويعانى من جميع المشاكل التى تم ذكرها فيما قبل، ولدينا أيضاً تعليم خاص باهظ التكاليف. الحل لا يمكن أن يكون بالتوسع فى التعليم الخاص، لأن الأسر لن تستطيع تغطية مصاريفه العالية والدولة لن تستطيع فى الوقت الحالى العمل على تطوير المحاور الأربعة للمدخلات التى تم ذكرها. لذلك اقترحنا فى مؤتمر العلماء المصريين بالخارج «مصر تستطيع» نموذج «المدارس الأهلية». حيث يعتمد هذا النموذج على مشاركة الأسر كمجتمع أهلى فى تمويل العملية التعليمية عن طريق بناء مدارس يمتلكون أسهماً فيها ويكون لهم الحق فى تعليم أبنائهم بها بمصروفات بسيطة. ويتم ذلك من خلال جمعيات أو مؤسسات أهلية أو شركات مساهمة بحيث لا يتدخل مستثمرون للتربح من هذا النوع من التعليم على أن يتم إنفاق العائد من المصروفات على الحفاظ على المدرسة وتحديث إمكانياتها، وكذلك التدريب الدورى للمدرس والإدارة المدرسية. ويتم التنسيق بين الممولين من الأسر عن طريق جمعيات عمومية ومجالس إدارة منتخبة. ويمكن للأسر بعد استكمال أبنائهم للدراسة فى المدرسة أن تتنازل عن أسهمها بالسعر الحالى للسهم على حسب سعر الأرض وما عليها من منشآت لأسر أخرى تريد أن تستفيد من حق إرسال أبنائهم لهذه المدرسة بحيث أن يسلم جيل لجيل.
«السيسى» وعدنا بتذليل جميع العقبات أمام كل عالم يجد صعوبة فى تنفيذ أفكاره
■ لأى جهات تخضع المدارس الأهلية؟
- لا بد أولاً أن يتم تحويل هذه الفكرة إلى دراسة تتم بحرفية عالية من متخصصين فى مجالات عدة منها التعليم، والاقتصاد والاستثمار، والمنظمات الأهلية وغيرها ثم يتم تحديد آلية التعامل مع هذه المدارس من قبل مؤسسات الدولة المختلفة، ووضع ضوابط لعلاقتها بوزارة التربية والتعليم وخضوعها لهيئة ضمان الجودة وكذلك وضعها تحت الأجهزة الرقابية للدولة. لا بد أن يكون المجتمع المدنى ممتلكاً لهذه المدارس ومسئولاً عن ميزانيتها ويتم انتخاب مجالس الإدارة. لا بد أن ندرك أن فشل الكثير من الأفكار الجيدة يرجع إلى عدم وجود دراسة متكاملة من محترفين، وعدم التنفيذ كما ورد فى الدراسة، وخطة التنفيذ، فالفكرة الجيدة وحدها لا تكفى.
المدارس الأهلية سوف توفر الإمكانيات الجيدة للمدرسة، وسوف يكون هناك تمويل كافٍ للتدريب المستمر للمدرس. لقد تم طرح قطع أرض بنظام حق الانتفاع، وكنت أتمنى أن يتم ذلك فى إطار أفكار خاصة بالمدارس الأهلية والتقليل من فكرة التربح من التعليم واقتصارها فقط على التعليم الخاص والاستفادة من الأراضى المتاحة لتوفير تعليم جيد ومنخفض المصاريف.
نتمنى للوزراء الجدد التوفيق.. وسنكون سنداً لهم فى تحقيق طموحات الشعب المصرى
■ وكيف نتعامل مع المناهج فى أنواع التعليم الثلاثة «الحكومى والأهلى والخاص»؟
- أنا بصراحة لا أدرى لماذا يتحدث الجميع عن المناهج، أنا أرى أن مشكلة المناهج هى أقل مشاكل التعليم؛ لأن مجموعة جيدة من المتخصصين وبتكلفة محدودة يمكنهم وضع مناهج جديدة حقيقية تتعامل مع أهداف التنمية للمجتمع. يتم وضعها اعتماداً على خريطة المهارات المطلوبة فى سوق العمل فى المناطق المختلفة على مستوى الجمهورية. أنا أرى أن نشر وإعداد طرق التدريس الحديثة، وتدريب المدرس عليها لإعداد الطلاب وفقاً للمهارات المطلوب اكتسابها هو أهم بمراحل من الحديث المتكرر اللامنطقى عن المناهج على أنها المشكلة الوحيدة الأبدية. لا أدرى لماذا؟ هل هناك من يدفعنا إلى التعديل المتكرر للمناهج حتى تتكلف الدولة الملايين فى الطباعة وتعديل الكتب باستمرار؟
■ وما الخطة المثالية للقضاء على ظاهرة الغش؟
- الغش هو أيضاً أحد مخرجات العملية التعليمية المتدهورة والقضاء عليه فعلياً لن يتأتى إلا إذا غيرنا أسلوب التقييم ولجأنا إلى التقييم التراكمى لجميع السنوات الدراسية بما فى ذلك الثانوية العامة فلا يوجد تعليم متقدم فى العالم يعتمد على امتحان «ساعة الحظ»، أى أنه إذا كان الطالب بحال جيد فى الامتحان ويحفظ المنهج أو الملخص يحصل على أعلى الدرجات، وإذا كان مريضاً أو متوتراً فى لجنة الامتحان «يضيع مستقبله» لا يمكن أن يكون هذا نظام تقييم عادلاً، فالتقييم عادة ما يعتمد على المشاركة الفعالة طوال العام فى المدرسة وخاصة مع التعليم التفاعلى الحديث، وكذلك المناقشة ومهارات أخرى عديدة يقوم المدرس المحترف بتنميتها عند التلاميذ وكذلك الاختبارات القصيرة المتعددة خلال العام الدراسى والمشاركة الفعالة فى الأنشطة داخل وخارج المدرسة. وكذلك تدريب واختبار التلاميذ على إلقاء الكلمات والمحاضرات منذ الصغر وغيره من المهارات.. كل هذا يتم تقييمه خلال العام الدراسى وليس فقط امتحان آخر العام، لذلك يكون التقييم عادلاً ويشجع التلاميذ على الاهتمام بتنمية مهارات مختلفة وليست فقط مهارة الحفظ مما يعيد للمدرسة جزءاً من قيمتها وأهميتها. اتباع هذه الطرق التراكمية التى لا تعتمد فقط على الامتحان التحريرى يقلل جداً من الغش ويجعل المعلم قادراً على التقييم وإعطاء التلميذ أكثر من فرصة لتحسين مستواه.. ولكن هذا الأسلوب من التقييم يحتاج مدرساً ذا مهارات عالية وأميناً وعادلاً فى التقييم.
لدينا برنامج جاهز لتدريب المدرسين على التعليم من أجل التنمية وطرق التدريس التفاعلية
■ وماذا عن تطبيق التجربة اليابانية فى مصر؟
- كل التجارب الناجحة مهمة ولا بد من دراستها جميعاً كما فعلنا قبل تطبيق مشروع الـ«إيديو كامب»، وجيد أن ننشئ مدارس فى مصر لخلفيات متعددة، فلدينا مدارس أمريكية وألمانية وإنجليزية ولا يوجد مانع أن يكون لدينا بضع مئات من المدارس اليابانية، ولكن عجز الإمكانيات لن يسمح أن تكون كل مدارسنا ألمانية ولا يابانية، ولكن يجب التعلم من جميع التجارب واستحداث تجربتنا التى تتواكب مع عاداتنا وتقاليدنا فى حدود فقر إمكانياتنا ليكون لدينا تجربة مصرية تعتمد على الاستفادة من كل التجارب الناجحة فى العالم ويمكن تطبيقها فى كل مدارس مصر، ليست فقط عدد قليل وتأثير محدود.
■ وما هو مشروع «إيديو كامب»؟
- هذا المشروع يركز على طرق التدريس وتدريب المعلمين على أحدث الطرق وتحويل المناهج إلى مادة شيقة للتعلم جذابة للتلميذ، فتتحول العملية التعليمية إلى متعة وتتحول المدرسة إلى مكان جاذب للأطفال. التعليم تطور كثيراً فى العالم وطرق التدريس تغيرت لتواكب تطورات العصر فمثلاً المدرس يقوم بفتح موضوع للنقاش والطلبة تتكلم والمدرس ينسق بينهم فى الحوار، والمدرس دوره يبقى فى بعض الحصص إدارة الحوار، وفى الحصص الأخرى يلعب معهم لعبة مصممة بحرفية لشرح نظرية معينة فى الفيزياء. مشروعنا بكل بساطة يتلخص فى التركيز على طرق التدريس، ورفع كفاءة ومهارة المعلم لتوصيل المعلومة للطفل بدون تلقين وحفظ، حتى يحب الطفل الدراسة والمدرسة، مشروعنا يهدف إلى تحويل التعليم فى مصر إلى التعليم من أجل التنمية المستدامة. مشروعنا هو عبارة عن تطوير جذرى لطرق التدريس لتتواكب مع تطورات العصر.أعددنا طرقاً جديدة للتدريس نستهدف منها تغييراً جوهرياً فى أداء ومهارات المدرس لتبسيط المعلومة للطالب، وربط المتعة والترفيه بالتعليم، والابتعاد تماماً عن الحفظ وغرز حب التعلم داخل الطفل بأقل التكاليف وأبسط الإمكانيات المُتاحة.
■ وما هو التعليم من أجل التنمية المستدامة؟
- أعلنت اليونيسكو فى 2005 مشروع التعليم من أجل التنمية المستدامة من 2005 حتى 2014، والعالم كله تحرك لتوجيه التعليم للتنمية المستدامة و«العقد انتهى فى ديسمبر 2014»، وعندما أتى المؤتمر الدولى الختامى فى طوكيو باليابان فى نوفمبر 2014، كان التمثيل العربى ضعيفاً والتجارب الناجحة فى الدول العربية كانت محدودة جداً على عكس الدول الصناعية التى عرضت تجارب ناجحة تعطى أمثلة مبهرة لتوجيه التعليم فى اتجاه التعليم من أجل التنمية المستدامة. وكان لنا شرف تلقى الدعوة من منظمة اليونيسكو لعرض تجربتنا عن التعليم من أجل التنمية المستدامة فى الدول النامية والتى أبهرت الحاضرين لبساطتها وقلة تكلفتها ولكونها تم تجربتها على أرض الواقع فى مصر بشكل تجريبى محدود.
■ وكيف يتم تطبيق هذا المشروع فى مصر؟
- بدأ مشروعنا بدراسة المناهج المصرية فى التعليم الحكومى للمرحلتين الابتدائية والإعدادية. أخدنا مناهج المدارس وقرأناها، وبدأنا ترجمة بعض منها للشركاء الأجانب، حيث إن مشروعنا يشارك فيه 21 منظمة، منها مكتبة الإسكندرية، وجامعات القاهرة والزقازيق والفيوم والجامعة الأمريكية، وجامعة قناة السويس، وجامعة هيلوبوليس، إضافة إلى مشاركة جمعيات أهلية، وجامعات أجنبية، وتم صرف مليون ونصف مليون يورو بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى، وبعد الدراسة الدقيقة للمناهج المصرية قمنا بإعداد طرق تدريس للمناهج المصرية تتلاءم مع ظروفنا، وراجعنا التجارب العالمية، وأخذنا منهم ما يهمنا وبدأنا نطوره ونطوعه لظروفنا، وبقيت المناهج كما هى بحيث نشرح الكتب والمناهج للمدرس، وعملنا دليلاً إرشادياً للمدرس يشرح له كيف يطبق المناهج المصرية الحالية، وضفنا بعد التنمية المستدامة الموجود فى رؤيتنا. وقمنا بإنشاء مراكز تدريب للمدرسين على الطرق الجديدة المقترحة، وتم إعداد المدربين من الجامعات المصرية فى العديد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا، النمسا، البرتغال وأيرلندا. ولدينا برنامج جاهز لتدريب المدرسين على التعليم من أجل التنمية المستدامة وطرق التدريس التفاعلية الحديثة.
21 منظمة شاركت فى تنفيذ برنامج التنمية المستدامة لتطوير التعليم بـ1.5 مليون يورو
■ هل تمت تجربة هذا المشروع على أرض الواقع؟
- لقد قمنا بتطبيق هذه التجربة فى أفقر المدارس فى منطقة الوراق العشوائية بمحافظة الجيزة لاختبار مدى ملاءمة التجربة للظروف والإمكانيات. فقد قمنا بتطوير طرق التدريس وإعداد دليل إرشادى للمدرسين بعد دراسة منطقة الوراق ومقابلة الأهالى فى المنطقة وتحديد مشاكل المجتمع الحقيقية فى المنطقة وتطويع الأنشطة داخل المدرسة لتتواكب مع المقرر الدراسى الحكومى، وكذلك متطلبات البيئة المحيطة بالمدرسة. فنناقش ونعالج موضوعات كتوفير الطاقة، والحفاظ على المياه، وتقليل الضوضاء، إعادة تدوير المخلفات، والزراعة الحيوية والحفاظ على الأرض الزراعية، وغيرها. بعد إعداد دقيق للأنشطة فى شكل حوار، لعبة، رحلة، وغيرها تم تدريب المدرسين بعناية على هذه الطرق ومفهوم وأبعاد التنمية المستدامة. ثم قام المدرسون بتطبيق المحتوى والطرق لشرح الدروس للطلاب. لاحظنا روحاً جديدة داخل المدرسة، لاحظنا حب الأطفال والمدرس للعملية التعليمية، لاحظنا استيعاب التلاميذ للدروس والموضوعات مهما كانت معقدة. بشكل عام تغير جذرى فى العملية التعليمية وبالتالى المستوى التعليمى للتلميذ.
■ هل واجهتكم عقبات لتطبيق هذا المشروع الطموح؟
- العقبات التى واجهناها لا تحصى، بدءاً من الحصول على الموافقات الكتابية من الوزارة لتطبيق هذه التجربة فى خلال فترة الإجازة الصيفية وحتى إقناع أصغر المسئولين بتغير طرق التعليم.
تقابلت منذ بداية التخطيط لهذه المبادرة عام 2009 مع 6 وزراء تعليم، كلهم تحمسوا جداً للمشروع، وكل مرة أذهب وأشرح لهم المشروع، ولكن يبدو أن صعوبة التغيير أقوى من الوزير، لأنى أثق أن جميعهم كانت لديهم النية الخالصة فى التغيير ولكن النية شىء والقدرة شىء آخر. مؤخراً نتعاون مع السادة الأفاضل فى لجنة التعليم بمجلس الشعب لتعميم هذه التجربة على مستوى الجمهورية، ونتمنى أن يكلل هذا المجهود بالنجاح إن شاء الله.
■ كيف كان لقاء الرئيس بعد ختام مؤتمر «مصر تستطيع» فى نوفمبر الماضى؟
- اللقاء كان جيداً، والرئيس استمع لكل المتحدثين وشرفت أن أكون أحد أربعة علماء طلب منهم التحدث، وكان ترتيبى فى التحدث مباشرة بعد العالم مجدى يعقوب فقمت بعرض أفكارى فى الدمج بين المياه والطاقة والغذاء لتحقيق الأمن المائى والغذائى فى مصر وهى تجربة نعمل فيها منذ سنوات وتعد من التجارب المهمة لاستصلاح الأراضى كمشروع المليون ونصف المليون فدان، وهى تجربة بحثية تهدف إلى تطوير تكنولوجيا جديدة فى التحلية لأغراض الزراعة لتمكن مصر من الوصول للأمن المائى والغذائى. والفكرة الثانية التى قمت بطرحها كانت فكرة التعليم الأهلى ومشروع الـ«إيديو كامب» لحل جميع مشاكل التعليم، وعلق الرئيس على الأفكار كلها وركز على أن كل عالم من العلماء عليه أن يكافح من أجل تحقيق فكرته على أرض الواقع فى مصر ولا يكتفى بطرح الفكرة فقط، ووعد بتذليل العقبات أمام أى عالم يجد صعوبات فى تنفيذ أفكاره، وأوصى بالاهتمام بكل المصريين فى الخارج، ليس العلماء فقط.