أوقات فراغ العمال.. كورة وجيم والعشاء فى مرسى علم
أحد العمال داخل «جيم» المنجم
تطابقت المساكن تقريباً، جميعها تقع فى داخل المنجم، هى عبارة عن غرف منفصلة، مسقوفة بالطوب الأحمر على شكل قبة، استقرت بداخل كل واحدة منها 5 أَسِرَّة، سرير فردى فى مواجهة باب الدخول، وسرير فوق آخر على الجانبين، إلى جانبها تستقر الحمامات، وأمام هذه المساكن جلس عمال منجم السكرى فى أوقات راحتهم يتحدثون إلى بعضهم البعض، منهم من ارتدى ملابس نومه، حيث اقتربت الشمس من مغربها، ومنهم من لم يخلع عنه عباءة العمل بعد.
«الشاذلى»: بعد ما أخلص شغلى الساعة 5 المغرب بروح ألعب كورة.. و«السعيد»: أقضى الفراغ فى «الجيم»
على مصطبة جانبية لغرفته جلس العشرينى «وحيد عبدالحميد»، يحتسى كوباً من الشاى بعد يوم عمل طويل انتهى منذ دقائق، وبمجرد الحديث معه تظهر منه أصالة عرقه الصعيدى، ليصر على دخولنا إلى غرفته لنشرب معه الشاى أثناء الحديث: «أنا شغال فى المنجم ده بقالى 7 سنين، وأول ما جيت كنت شغال فى المطعم وبعد كده نقلت فى قسم التعدين»، يقولها «وحيد» قبل أن يتحدث عن حب العمل الذى يحقق له راحة نفسية: «إحنا بنتعامل مع صخر وبنفضل طول اليوم شغالين مع معدات تقيلة بس كل ده بالتعود مبيكونش صعب، والصعوبات اللى بتواجهنا بتكون زيها زى أى شغلانة تانية بره، وبتلاقى الشغل فيه يوم سهل ويوم تانى فيه شوية تعب والدنيا بتمشى».
وأمام واحدة من الغرف وقف «الشاذلى على»، أحد العمال، يحكى تفاصيل يومه داخل المنجم، التى يحاول فيها أن يرفه عن نفسه بما هو متاح من أدوات ترفيه يوفرها المنجم له: «فيه هنا 3 أيام مخصصة للعب الكرة، وبتكون فى ملاعب كويسة فيها إضاءة كبيرة زى بتاعة الاستاد، وعشان كده أهم حاجة بعملها بعد ما أخلص يوم شغلى الساعة 5 المغرب إنى آخد دش وأكلم مراتى فى التليفون وبعد كده أروح ألعب كورة».
يعيش «الشاذلى» أيام عمله لا يحمل لها هماً، ولا يريد أن يفكر فى أى شىء آخر غير العمل: «حتى غسيل الهدوم، كل اللى علينا إننا نحط الهدوم فى الشنطة بتاعتها، سواء كانت هدوم شغل أو هدوم داخلية، ونسيبها قدام باب الأوضة وحد من المغسلة بييجى ياخدها ويرجعها لنا تانى».
عشرون يوماً يقضيها عمال «السكرى» داخل المنجم، بينما يقضون ما تبقى من الشهر فى بيوتهم مع ذويهم: «الوضع ده كان صعب عليّا جداً فى البداية، بس طبعاً مع الوقت خلاص اتعودت، وبقيت واخد على إنى أكون موجود فى المنجم بشكل كبير لأنى بقعد هنا أكتر ما بقعد فى بيتى»، يقولها العشرينى «حسن على»، وقد بدا على ملامح جسده اهتمامه بلياقته البدنية رغم حياته داخل الجبل: «فيه هنا 3 أيام فى الأسبوع بيكون فيهم تمرينات لياقة، دول بكون حريص جداً إنى أحضرهم طالما هما فى وقت فراغى، وغير كده يا إما بكون فى الجيم يا إما بكون فى الجامع».
وداخل صالة الجيم المخصصة لعمال وموظفى المنجم، وقف «محمد السعيد»، أحد العمال، أمام واحد من الأجهزة الرياضية يؤدى تمرينه المعتاد، حيث تمكن من استغلال أوقات فراغه فى ما ينفع جسده: «قبل ما آجى هنا مكانش عندى شغلانة ثابتة، وعشان أنا كنت دخلت جيش فكان عندى خلفية عن حياة الصحرا ومكانش الوضع هنا بالنسبة لى مفاجئ ولا حاجة، بالعكس أنا كنت متخيل إن الحياة هنا هتكون زى حياة الجيش أو أصعب، بس لما جيت لقيت الوضع عادى جداً ومختلفة عن الجيش كتير، وأساليب الترفيه اللى ممكن تعملها كتيرة جداً برضه، وده غير الصداقات اللى أنا كونتها فى المكان، وبقى ليّا زمايل بقعد معاهم أكتر ما بقعد مع أهلى فى البيت لما بروح فى الإجازة».
لا يكتفى «محمد» بالجيم فقط لقضاء أوقات فراغه، وإنما كانت له طرق أخرى تمكن من خلالها من أن يكسر حياة الملل التى يعيشها فى الصحراء: «إحنا هنا بمجرد ما بنخلص شغل كل واحد حر فى اللى عايز يعمله، والحاجة اللى إحنا بنحبها بنعملها، يعنى بالنسبة ليا أنا فيه أكتر من حاجة بعملها، منها الجيم ومنها إنى أنزل مرسى علم أتعشى هناك مع زمايلى ونرجع تانى».