في عهد الإخوان.. أسلمة "كونان" و"سندباد" وداعية يصف "سبونج بوب" بـ"المايع"
اختفت الموسيقى وتبدلت الشخصيات، فانعدم الخيال وتاهت المعاني، هذا ما قام به المنتمون للتيار الإسلامي لتنمية مواهب الأطفال، لم يكلفوا أنفسهم بابتداع أفكار جديدة في عالم مسلسلات الأطفال، بل بددوا كل المعاني السامية والروح التي تربى عليها الأجيال القديمة، فحرّموا "كونان" وأسموه "كمال"، وأسلموا "سندباد"، وأخفوا موسيقى "توم وجيري" التي كان بمجرد سماعها تستعيد ذكريات طفولة لا تُمح من الذاكرة.
بعد أن كان الأطفال يهرولون للالتفاف حول مسلسل "المحقق كونان" لكشف ألغازه خلال الحلقة، إلا أن النسخة الإسلامية منه حولته إلى "فريق المحققين الصغار"، ولم يكتفوا بذلك بل تحوّل اسم "كونان" إلى "كمال ابن القاضي منصور".
ولإضفاء مزيد من الصبغة الدينية، تغيرت كلمات الأغنية وأصبحت: "لا مهرب من كشف الجرم هيا نبدد عتم الظلم بذكاء مع قلب مؤمن، وإرادة خير من مسلم.. علمنا الله الغفار ألا فشل مع الإصرار ووهبنا عقلا لنفكر نتبين زيف الأشرار.. نتحرى نكشف أسرار خفيت واستصعبها كبار نعمل نسأل ليل نهار نحمي الناس من الأخطار.. فريق المحققين الصغار اسعوا وبقلب مقدام نرفع الظلم عن المظلوم يدعونا إليه الإسلام".
"صبي مسلم قد جال في كل البلاد".. هكذا ردد الأطفال أغنية "السندباد" بعد أسلمته، يحتوي المسلسل على العديد من المواعظ الدينية للأطفال والأحاديث النبوية الشريفة، يجول مع العصفورة "ياسمين" في البلاد والتي ترافقه طوال أحداث المسلسل، وتبدّلت كلمات الأغنية إلى: "قصة في كل يوم من حكايا سندباد عن صبي مسلم قد جال في كل البلاد.. إنها أحلى الحكايا متعة تروي خفايا يحتسي الأطفال منها عبرة قولًا وصايا.. سندباد وياسمين راحلان على السفين يسألان الله دوما أنه المعطي المعين.. سندباد الآن يرحل طالبا للعلم يسأل بعد أن صلى صلاة الشكر لله المبجل".
أخونة "توم وجيري"، جاءت بطريقة مختلفة، حيث قاموا بحذف الموسيقى التصويرية المميزة لها واكتفوا بموسيقى أخرى إسلامية دون إيقاع، في خلفية الحلقة.
لم يختلف حال مسلسل "سلاحف النينجا"، كثيرًا عن "توم وجيري"، إلا أنها أخفت تماما الموسيقى التصويرية للمسلسل، وأيضًا مسلسل "السنافر" الذين اعتمدوا في موسيقاه على أصوات فتيات صغيرات عن طريق "الدندنة"، دون التطرق لأي نوع من الإيقاع الموسيقي.
واستطاعت قناة "مريد الجنة"، التي يرأسها محمد عيسى أبوقاسم، أحد أنصار حازم صلاح أبو إسماعيل، بحذف الموسيقى من مسلسل الأطفال الشهير "بوجي وطمطم"، وتم استبدالها بأصوات من الطبيعة والعصافير مع عدم ظهور أي وجه نسائي في العمل الذي نشأ عليه الجميع كبارا وصغارا.
يبدو أن الشخصيات الكرتونية أثرت تأثيرًا كبيرا على بعض الشيوخ والدعاة، لم يسلم "سبونج بوب" أيضًا من فتواهم، فبعد أن أفتى أحد الشيوخ الوهابيين بأن "ميكي ماوس" شرعًا يُقتل لأنه فأر وكائن مفسد، ظهر الداعية الكويتي نبيل العوضي، في مقطع فيديو قديم تم تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي، هاجم فيه شخصية "سبونج بوب"، لأنه شاب جميع حركاته وملابسه ورموشه تدل على أنه فتاة، واصفًا إياه بالـ"مايع" والخجول، الذي يبكي ويخاف، مشيرًا إلى أن الفتاة ساندي، قوية الشخصية وعنيفة تمارس رياضة الكاراتيه.
وقال الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، إن مسلسلات الكارتون القديمة أُنتجت في ضوء رؤية متكاملة لمنتجيها، مشيرا إلى أن هذا النوع من الأفلام غير مثير للأطفال، معتبرًا أن تحويل المسلسلات الكارتونية يعتبر "عبث" بالفنون، واصفا تلك الأعمال بنوع من أنواع السطو واللصوصية المباشرة، مطالبا بمقاضاتهم، ومشيرا إلى أن هؤلاء لصوص محترفين استولوا على إبداع المبدعين بمنتهى الخسة، حسب وصفه.
وأضاف مغيث، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أن هؤلاء "اللصوص"، كما وصفهم، إذا كان لديهم شيء يقدموه فلابد وأن يقوموا بعمل فيلم عن الصحابة دون السطو وسرقة جهد الآخرين.
وردا على الشيخ الذي وصف "سبونج بوب" بـ"المايع" قال مغيث، من يحرم ذلك فيحرمه لأولاده وليس لديه الحق في أن يفرض وصايته على أحد، وقد وصف الفتوى بشيء "مقزز"، حسب وصفه، مشيرا إلى أن ذلك يعكس الهوس الجنسي لدى هؤلاء الشيوخ الذين ركزوا على شخصية سبونج بوب "المايعة" وساق وأرجل الفتيات.