ألوان الخطف في دمياط.. الأطفال للاعتداء الجنسي ورجال الأعمال لاستغلالهم
عبد الرحمن بعد تحريره
شهدت محافظة دمياط، خلال الآونة الأخيرة، عدة وقائع اختطاف، غالبيتها لأطفال، حيث تم اختطاف 3 خلال العام الماضي بدائرة مركز كفر البطيخ، وواقعتي اختطاف بدائرة دمياط الجديدة، إحداهما في شهر يونيو الماضي، والأخرى في يناير، وحسبما أسفرت عنه تحقيقات النيابة العامة مع المتهمين فإن الغرض من تلك الجرائم الاعتداء جنسياً على الأطفال، حيث تم الاعتداء على 3 منهم، واقترنت جريمة الخطف بالاعتداء جنسياً على الضحايا.
ورغم غياب السبب المادي لجرائم اختطاف الأطفال، فإنه خلال السنوات الماضية وتحديداً في فترة حكم "الإخوان"، تعددت جرائم اختطاف أصحاب المزارع السمكية بغرض السرقة، حتى لقي أحدهم مصرعه لتأخر ذويه في دفع الفدية، وأقدم شاب على اغتصاب طفل في نهار رمضان العام الماضي، حيث قام المدعو "كريم. أ" (16 عاماً، فكهاني) بهتك عرض الطفل "عمرو.م.ا" (8 أعوام)، بعد خطفه تحت تهديد السلاح وارتكب جريمته بهتك عرض الطفل بمقابر كفر البطيخ، وتمكن أهالي الطفل من ضبط المتهم والاتصال بقوات مباحث المركز التي ضبطته، ووجهت نيابة دمياط الجديدة، برئاسة المستشار محمد سلام، للمتهم حينذاك، تهم خطف طفل تحت تهديد السلاح وهتك عرضه، وحيازة سلاح أبيض دون ترخيص، وأمرت النيابة، بحبس المتهم 4 أيام على ذمة القضية 5749 جنح كفر البطيخ لسنة 2016.
وأقدم عامل يدعى "طارق. ن. م" على خطف وتعذيب نجل شقيقه، الطفل "محمد.ع. م" (4 أعوام)، حيث عذَّب المتهم المجني عليه بإطفاء السجائر في جسده بدعوى رفضه شراء فحم له، ونفى عقب ذلك واقعة اختطافه وادعى ارتكابه واقعة التعذيب لخلافات عائلية.
وكشفت مديرية أمن دمياط، برئاسة اللواء نادر جنيدي، مدير الأمن، غموض جريمة قتل مؤخراً عقب العثور على جثمان تاجر سيارات مخنوقاً داخل سيارته، وملقاة في الترعة، وأخطرت النيابة العامة في الزرقا التي باشرت التحقيق.
وأوضح مصدر أمني، لـ"الوطن"، أن الأمن عثر على جثة "عطية.ا. ش" (65 عاماً، مالك معارض سيارات ولوادر) ووجود شبهة خنق وتعذيب، واتهم أبناء المجني عليه "م.ا" بدعوى وجود خلافات مالية بين الطرفين، حيث اشترى المتهم سيارة من المجني عليه، ووقَّع المتهم على إيصالات أمانة ولم يسدد، وبحسب مصدر بالنيابة العامة، فإن ذوي الضحية وجَّهوا للمتهم تهمة الخطف والقتل لخلاف مادي، وتم ضبط المتهم وعرضه على النيابة العامة التي أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق وأحالت النيابة العامة بدمياط المتهم عقب التحقيق معه لنيابة المنصورة للاختصاص.
وفي 16 من شهر مايو 2014، تمكنت قوات الأمن بدمياط برئاسة الرائد حسين القندقلي، رئيس مباحث مركز دمياط، وبإشراف اللواء سيد العشماوي، مدير المباحث الجنائية، من التوصل لمكان اختطاف وكيل نيابة بني سويف وإعادته لذويه سالماً، بالاشتراك مع مديريتي أمن بورسعيد والدقهلية.
وشهدت دمياط واقعة اختطاف من نوع جديد في فبراير 2015، بطلتها سيدة تدعى منى محمد التابعي عبدالباقي (34 عاماً، ربة منزل، مقيمة بأولاد حمام دائرة قسم أول) حيث اختطفت طفلا بعد ولادته من والدته لمشكلات عائلية بين المختطفة وأهل زوجها، نظراً لعدم إنجابها الأولاد ومعايرتها دوماً من عائلة زوجها بعدم إنجاب الأولاد، علاوة على سقوط حملها الأخير، واعترفت أمام مباحث قسم أول دمياط برئاسة الرائد أحمد كيوان بخطفها للطفل حديث الولادة لكي تقدمه لعائلة زوجها على أساس أنه نجلها، لكي يكفوا عن معايرتها، حسبما أفادت في اعترافاتها.
وتمكنت مباحث كفر البطيخ، برئاسة الرائد أحمد الدمرداش ومعاونه النقيب محمود البلشي، في 12 من سبتمبر 2014 من ضبط أحد أخطر التشكيلات العصابية المتخصصة في وقائع سرقة بالإكراه وخطف الأطفال، وتبين من خلال تحريات المباحث أن أعضاء التشكيل هم "محمد.إ.م" وشهرته حمادة (29 عاماً، عاطل، ومقيم الزعفران دائرة مركز الحامول محافظة كفر الشيخ) والمسجل جنائياً تحت رقم 1420 فئة ب في مجال السرقات العامة والسابق ضبطه واتهامه والحكم عليه في 34 قضية متنوعة، والمدعو "محمد.ر" (50 عاماً، عاطل، ومقيم دائرة مركز بيلا محافظة كفر الشيخ) والمسجل جنائياً تحت رقم 1441 فئة ج في مجال السرقات العامة والسابق ضبطه واتهامه في 20 قضية، والمحبوس حالياً على ذمة القضية رقم 4957 لسنة 2014 إداري مركز نبروة محافظة الدقهلية (خطف طفل)، والمدعو "محمد. م. ع" (25 عاماً، عاطل، ومقيم سيدي غازي دائرة مركز كفر الشيخ محافظة كفر الشيخ) والمدعو "رفيق. ا. س" (27 عاماً، عاطل، ومقيم قرية المثلث دائرة مركز الرياض محافظة كفر الشيخ) والسابق ضبطه واتهامه في قضيتين ما بين (سلاح أبيض - سرقة).
ورصدت "الوطن" قضية هزت الرأي العام في شهر أبريل العام قبل الماضي، حيث اختطف 3 بينهم طبيبا امتياز طفلاً وشرعوا في قتله أيضاً، ففي يوم وليلة انقلبت حياة أسرة دمياطية رأساً على عقب، بعد أن تمكن ثلاثة أشخاص، خلع اثنان منهم "البالطو الأبيض" ليتحولا لأعضاء تشكيل عصابي بمساعدة نجل صاحب أحد مطاعم مدينة دمياط الجديدة وجار "عبدالرحمن"، الطفل الصغير، حيث قادهم تفكيرهم الشيطاني لاختطاف الصغير والشروع في قتله من أجل 5 ملايين جنيه، مستغلين العلم الذي تلقياه طيلة السنوات بكلية الطب في كيفية السيطرة على عقل الضحية بفعل المواد المخدرة دون رحمة أو شفقة بسن الصغير الذي كاد أن يلقى مصرعه بفعل الجرعات التي تعاطاها.
وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي شهدت محافظة دمياط العديد من وقائع اختطاف أصحاب مزارع سمكية من بين هؤلاء محمد إسحاق أحمد، الشهير بعيد إسحاق، تاجر الأسماك الشهير بعزبة البرج، الذي اخْتُطِفَ 15 أغسطس عام 2012م من قبل عصابات الشبول، يروي تفاصيل اختطافه حتى عودته مرة أخرى، خاصة وأن عددا كبيرا مِنْ مَنْ تم اختطافهم على أيدي عصابات الشبول تم إنهاء حياتهم قائلا: "كنت في طريقي لرأس البر لتحصيل مبالغ مالية من أحد زبائني، وفجأة استوقفتني سيارة جيب، وقام من فيها برش مخدر وغمموا عيناي تماما حتى لا أعلم من هم، كما هجموا عليَّ بسلاح من عند أبو طبل، ثم أخذوني لجزيرة بعيدة تابعة للشبول، وأركبوني قاربا وظلوا يضربونني طوال مدة اختطافي وعايزين يعرفوا عندنا أملاك إيه وكانوا كل شوية يزودوا الضرب ويقولوا لي عندكم كام في البنك وكام مزرعة سمك، وضربوني بظهر السلاح وجابوا لي عيش برمل ومِغَمِّيين عيني طوال الأسبوع، وبيضربوني بخشب وبيرفسوا فيَّ برجليهم، وخلعوا ملابسي ونزلوا عليَّ ضرب بخشب، وكانوا بيقرصوني بكماشات، وكان حولي جاموس في مكان اختطافي وهو نفسه مكان اختطاف من سبقوني من تجار الأسماك والصيادين".
وقال "عيد": "بعد مصرع أحد أشهر تجار السلاح في تلك الفترة في دمياط، سمعت العصابة بتتكلم لازم نفرج عن كل المخطوفين حالا لأن البحيرة هتتحرق وتم تحرير من تبقى على قيد الحياة من مختطفين".
وكان قد لقي إبراهيم حمزة صاحب مزرعة سمكية، هو الآخر مصرعه بعد تأخر ذويه عن دفع الفدية للخاطفين خلال ذات الفترة، حيث عثر أهالي الشيخ ضرغام على جثمانه فجر يوم 14 أغسطس عام 2012م أثناء فترة عهد المعزول والتي شهدت دمياط خلالها حوادث اختطاف عدة لأصحاب المزارع السمكية وعثر على جثمان إبراهيم حمزة بعد إلقائها بالبحيرة لمدة 3 أيام، حيث اختفت ملامح وجهه بعد إحراقه على يد مختطفيه وتعرفت أسرته على جثمانه من ملابسه بعد قيام مختطفيه بتقييد يديه وقدميه بالسلاسل الحديدية ومنعوه عن تناول الطعام طوال الست أيام، وكان قد طالب مختطفو "حمزة" بفدية قدرها مليون جنيه، وعجزت أسرته عن جمع المبلغ في الوقت المحدد، وتبين اختطافه هو الآخر على يد عصابات "الشبول" التي استغلت وقوع دمياط على بحيرة المنزلة، واختطفت العديد من أصحاب المزارع قدروا بحسب صيادين بـ9 حالات خلال شهر رمضان عام 2012م فحسب.
وقال اللواء فؤاد علام، الخبير الأمني ووكيل جهاز أمن الدولة سابقا، في تصريح لـ"الوطن"، إن الاختطاف ليس ظاهرة، ففي وقت الفوضى التي حدثت في مراحل سابقة زادت حالات الاختطاف ولكن بعد استرجاع الأمن لقدرات كبيرة قلت عمليات الاختطاف بصورة واضحة.
ويرى "علام" أن الوقاية من عمليات الاختطاف تتمثل في خضوع الأبناء لرعاية دقيقة، فأغلب حالات الاختطاف كانت تتمثل في اختطاف أحد أبناء كبار المسثمرين أو الأثرياء للتفاوض ماديا مع أسرهم لدفع فدية مقابل استرداد ذويهم، مضيفا أن الوعي الشعبي مهم للغاية فبعض الجرائم كان يخشى الأهالي من إبلاغ الأمن ويتفاوضون دون دفع الفدية دون الإبلاغ.
وتابع علام: "حال وقوع اختطاف لا بد من إبلاغ جهاز الشرطة حتى لا يعاود المجرم جريمته مع ذات الشخص طالما قام ذويه بدفع الفدية، حيث يُعتبر فرصة ذهبية لهم"، وأشار لإمكانية اقتناء الطفل شريحة أشبه بشريحة الهاتف المحمول يمكن من خلالها تتبع الطفل حال اختطفاه واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة واستعادته.
وتابع "علام" قائلا: "اختطاف أطفال بغرض الاعتداء الجنسي ليس بظاهرة لمجرد وقوعه بمحافظة دمياط، وإن تكرر الحادث، مرجعا سبب وقوع تلك الجرائم للانحراف الإنساني الذي يعد سمة من سمات أي مجتمع"، مشددا على ضرورة الوعي الديني والتوعية من خلال المساجد والحث على التحلي بالأخلاق والمبادئ ومتابعة الأطفال متابعة جادة والرقابة، مضيفا: "الإعلام له دور لتوعية الناس بمتابعة أطفالهم والرقابة الدقيقة في هذا الشأن".
وأشار "علام" إلى أن مواد التشريع كفيلة بمعاقبة المجرم حال الاعتداء جنسيا على طفل، حيث يعاقب المتهم أمام محكمة الجنايات قد تصل لـ15 عام سجن.
وبدورها، قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، لـ"الوطن"، إن الاختطاف موجود في كل دولة العالم ومنها أمريكا ومفيش دولة في العالم لا يوجد بها اختطاف ولكن لا بد من أخد كل مواطن حرصه، مشددة على ضرورة عدم العودة لمنازلنا ليلا والوجود في أماكن مكتظة بالناس وعدم سهر الفتاة لوحدها ولا بد من الاهتمام الأشخاص بنفسهم، مشيرة لوقائع اختطاف لأطفال في كل الدول ولا بد من أخذ الحيطة والحذر والاستعانة بالكاميرات في الشوارع أو المحال، حيث باتت الكاميرا تمكنا من تجنب بعض هذه الجرائم، مضيفة: "أمريكا أم الاختطاف، وخاصة الأطفال"، مشددة على ضرورة عدم خروج الفتاة بمفردها في وقت مبكر للغاية كالسادسة صباحا أو الخروج في وقت متأخر من الليل.
وتابعت خضر: "لا بد من التعامل مع ضحايا الاختطاف بعدم إثارة الذعر في قلوبهم بالتحدث عن تفاصيل الواقعة بعد عودتهم حتى لا يؤثر سلبا على نفسيتهم وتوجههم لمشاهدة أفلام تتضمن مشاهد مبهجة تعود عليهم بالابتسامة والعمل على إشعارهم بكونهم أقوياء ويتحلون بالشجاعة والتأهيل نفسيا من جديد لهم وتواجد الأسرة لجوار الضحية عامل مهم في تأهيله نفسيا".
وطالبت خضر بضرورة تشديد عقوبة المتورطين في جرائم اختطاف وإعدام المغتصب خلال 15 يوما حال اقتران جريمة الخطف بالاغتصاب، مشددة على ضرورة وجود عدالة ناجزة، واستشهدت خضر بتركيا قائلة إن هناك محاكمات ناجزة في تركيا، متسائلة: "لما لا نصبح مثلهم؟".