حقوقيون: حكم «التمويل الأجنبى» يشوه سمعة مصر أمام العالم
انتقد عدد من الحقوقيين والمنظمات الحقوقية الدولية، الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة أمس الأول، بالسجن لمدة 5 سنوات لعدد من المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، واصفين الحكم بأنه قاسٍ وسيؤدى لتشويه سمعة مصر أمام العالم، خصوصاً أن القضية سياسية وليست جنائية، حسب تعبيرهم.
وقال محمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، إن أغلب الذين شملهم حكم المحكمة خارج البلاد، فضلاً عن أنه حكم قاسٍ على منظمات المجتمع المدنى، رغم أنه معروف منذ البداية بأن قرار الاتهام سياسى وليس قانونياً، مضيفاً: «أتصور أنه فى حالة نقض الحكم سيكون أقل حدة».
وأشار إلى أن هذه المنظمات تعمل فى مصر منذ ما يقرب من 30 عاماً، معتبراً أن هذا الحكم سيحرج النظام السياسى الجديد وسيجبره على تقديم تنازلات سياسية كبيرة.
وقالت عزة سليمان، رئيس مؤسسة قضايا المرأة المصرية، إن القضية سياسية وليست قانونية، منتقدة إغلاق الجمعيات والهجوم على المنظمات الأهلية، قائلة: «مصر أصبحت دولة مصاطب وليست دولة قانون، والمجتمع المدنى أخطأ حينما كان يأخذ دور الحكومة فى تقديم الخدمات».
واعتبر حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ما حدث «بداية لتقويض التطلعات نحو دولة ديمقراطية من خلال خنق العمل الأهلى والنيل من قياداته وناشطيه»، مضيفاً: «هناك سياسة منهجية لوأد العمل الأهلى وتحجيمه، والجمعيات الأهلية فى مصر تعمل الآن فى مناخ صعب للغاية».
وطالب بتشريع يضمن حرية العمل الأهلى ويتسق مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية المصدّقة عليها مصر بما يضمن حرية العمل الأهلى، ليس على الشكل الذى تقدمه الحكومة والذى يعمل على سن قانون جديد للجمعيات يكبح حرية العمل الأهلى.
من جانبها، أعربت منظمة «هيومان رايتس فريست» الحقوقية عن انزعاجها من إدانة الموظفين المصريين والدوليين فى المنظمات غير الحكومية، قائلة إن هذا الحكم يبعث «رسالة تهديد» لمنظمات حقوق الإنسان المستقلة فى مصر.
وأضافت أن المنظمات فى خطر، والقانون الجديد الذى سينظم عمل المنظمات لا يرقى إلى مستوى المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويبدو أنه ينتهك الحماية الدستورية لحرية تكوين الجمعيات.
من جانبه، قال بريان دولى، مدير برنامج المدافعين عن حقوق الإنسان فى المنظمة: «هذا الحكم سيكون له تأثير سلبى على عمل منظمات حقوق الإنسان المستقلة وترويج الديمقراطية فى مصر، خصوصاً أن الحكم يعنى استمرار تهديد المنظمات الأهلية بالملاحقات القضائية ووقف ممارسة حقوقهم الإنسانية الأساسية».
وقالت «المجموعة المتحدة محامون ومستشارون قانونيون» إن هذا الحكم كشف عن أن مصر تتمتع ببنية قانونية استبدادية يمكن لأى سلطة جائرة الاستناد إليها لتصفية حساباتها مع أى أشخاص أو مؤسسات تتصدى لكشف انتهاكاتها للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأوضحت، فى بيان أمس، أن هذا الحكم كشف أيضاً عن أن البنية القانونية المصرية معادية لحريات التجمع والتنظيم، وطالبت الحكومة المصرية بإعادة النظر فوراً فى أحكام قانون العقوبات وغيره من القوانين التى تجعل من الحق فى التجمع والتنظيم أفعالاً مؤثمة عقوبتها السجن.
وأشارت المجموعة إلى أن هذا الحكم يصدر فى وقت تحاول فيه الحكومة المصرية تمرير قانون جديد للجمعيات يناهض ليس فقط المبادئ الدولية للحق فى التنظيم والاجتماع ولكن أحكام الدستور المصرى الجديد نفسه.
من جانبه، قال نجاد البرعى، الناشط الحقوقى، إنه رغم عدم إيداع الأسباب التى استندت إليها المحكمة فى حكمها فإننا متأكدون من أنها تجاهلت دفوعاً جوهرية جرى الاستناد إليها؛ وهو ما سيساعد على تحدى الحكم الصادر من محكمة الجنايات أمام محكمة النقض، خصوصاً أنها سبق أن ألغت أحكاماً مماثلة صادرة من محاكم الجنايات.