في ذكرى وفاة حسين كمال.. عدو الفشل
المخرج حسين كمال
لعب دور كبير في تطوير الأغنية المصورة وتحويلها إلى فيديو كليب من خلال أغنية "جانا الهوا" للعندليب، وله أعمال فنية تركت علامة مميزة في تاريخ السينما المصرية، حيث قدم المخرج الراحل حسين كمال 6 أفلام ضمن قائمة أهم 100 فيلم في السينما.
ومن أشهر أعماله الفنية التي أخرجها أفلام "ابنتي والذئاب، أبي فوق الشجرة، إحنا بتوع الأتوبيس، أرجوك أعطني هذا الدواء، النداهة، إمبراطورية ميم، شيء من الخوف، بالإضافة إلى مسلسل نحن لا نزرع الشوك ومسرحيتي الواد سيد الشغال وريا وسكينة.
اعتبر حسين كمال مخرجا ثوريا، وكادت الرقابة تمنع فيلمه "شيء من الخوف" الذي حمل بعدًا سياسيًا ومُنع من العرض في البداية بسبب الإسقاطات السياسية التي حملها، فالبعض رأى أن بطل الفيلم "عتريس" يرمز إلى الرئيس جمال عبدالناصر، ورغم ذلك وافق على عرضه، وقال وقتها: "هو إحنا عصابة؟ لو أنا كده بأعمل زي عتريس، أستاهل اللي يجرى لي، ولو كنت ببشاعة عتريس كان الناس قتلوني"، وأضاف: "والله لو إحنا كده، نبقى نستاهل الحرق"، ثم أعطى الضوء الأخضر لعرض الفيلم.
ورغم أن الكثيرين اعتبروا حسين كمال بطلًا رمزيًا يناقش الظلم والفساد في أعماله، فإنه انتقد الاتهامات التي وجهت لفيلمه، والتي أصابته بالاكتئاب، كما أوضح البعض أن الفضل الأكبر في الإسقاطات السياسية التي ظهرت بالفيلم يرجع إلى الكاتب والشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي الذي أدخل تعديلات على السيناريو.
أثبت "حسين كمال" براعته أيضًا في هذا الفيلم كمخرج يفهم أساسيات المهنة، فرغم أن إمكانية التصوير بالألوان في ذلك الوقت كانت متاحة، إلا أنه أصّر على استخدام الأبيض والأسود ليعبر عن قصة الفيلم باحترافية، وبالفعل نجح الفيلم وفاز بعدد كبير من الجوائز ورشح لجائزة مهرجان موسكو السينمائي.
رجل لا يعرف الفشل، هكذا عرف "حسين كمال"، الذي اعتبره كثير من النقاد مخرجًا واقعيًا بسبب مناقشة كثير من أعماله للقضايا الاجتماعية، ورغم فشل بعض أفلامه جماهيريًا، مثل فيلم "البوسطجي" و"المستحيل"؛ فإنه لم ييأس واستمر في إنتاج الأفلام البارزة التي شكَّل كثير منها تاريخ السينما المصرية، كما حققت بعض أفلامه إيرادات عالية، مثل فيلم "أبي فوق الشجرة".
قال عنه الماكيير محمد عشوب إن فيلم "المستحيل" أول فيلم سينمائي أخرجه حسين كمال لم يلقَ نجاحا كبيرا ولكنه كان يرغب أن يرى رأي جمهور الدرجة الثالثة، وبالفعل ذهب إلى إحدى دور العرض ودخل وسط الناس شبه متنكر ولم يكمل الفيلم "تلت الساعة" فبدأ مشاهدو الفيلم بخلع الأحذية ورشقها على الشاشة فأصيب حسين كمال بصدمة عصبية وظن أنه فشل وانتهى، وتوقف عن العمل عدة سنوات إلى أن سنحت له الفرصة والتقى العندليب عبدالحليم حافظ الذي فكر أن يخرج من الأفلام الدرامية وينتج فيلما شبابيا، وبالفعل أرسل السيناريو لحسين كمال الذي رأى فيه فرصة عمره فأخرج فيلم "أبي فوق الشجرة" وحقق نجاحا ساحقا.
وأضاف: لأول مرة يعرض فيلم سينمائي بدور العرض لأكثر من سنة وبضعة شهور وكتبت الصحف ووسائل الإعلام أن مخرج هذا الفيلم العبقري هو العندليب فصدم حسين كمال، وظل قرابة الأربع سنوات لا يتواصل مع العندليب بأي شكل إلى أن تقابل معه في إحدى الحفلات وبادر عبد الحليم حافظ بالحديث معه ليرد عليه كمال قائلا: "إنت ظلمتني لأنك لم تدافع عني" فأوضح له العندليب أنه دافع ورد على الصحافة وقال له لا بد أن نصنع فيلما آخر سويا.
ولد المخرج حسين كمال في 17 أغسطس عام 1934، وكان يلقب بـ"مخرج الأزمات"، ودرس في معهد باريس للسينما، وهو من أصحاب مبدأ "خير الكلام ما قلّ ودلّ"، فرغم أن رصيده الفني في الإخراج 30 فيلمًا فقط، إلا أنها تعد علامات السينما المصرية، وفي 23 مارس عام 2003 رحل "حسين كمال" تاركًا وراءه تاريخًا طويلًا من الإبداع.