(1)
بعد نجاح دعوة «إحسان» رئيس جمعية المقهورين فى الأرض المنحلة فى شحذ إرادة المستضعفين والمنسحقين من الرجال نتيجة طغيان المرأة وانتصارها الكاسح فى تقليص وجودهم وإهانة انتمائهم الذكورى، تلاحقت الاجتماعات.. وتم الاتفاق على إعادة إحياء الجمعية من جديد وإنشاء قناة خاصة بهم.. وبدأ الاجتماع بالمشهد الآتى:
مشهد: 1 نهار / خارجى.. بمبنى الجمعية..
«إحسان» يبادرهم:
طبعاً يا جماعة.. أديب نوبل العظيم «نجيب محفوظ» وهو بيرسم شخصية «السيد أحمد عبدالجواد» مكانش يتوقع أبداً التدهور اللى حيجرى لـ«سى السيد» على إيدين الست «أمينة» فى العصر الحديث.. علشان كده أنا باقترح نحيى ذكرى «سى السيد» عن طريق القناة ونذيع الثلاثية كل شوية بالقناة.
بينما إسكندر يردد مقترحاً: وممكن نعمل برنامج نسميه «سى السيد» يدعو للعودة لسيادة الرجل..
أما «بطرس» فيردد: وممكن نطالب عن طريق البرنامج ده بإنشاء متحف خاص لكل اللى تبقى من (سى السيد) زى شنبه العظيم، وعصايته الجبارة وصوته الضخم الأجش، وجبروته، وإيده الغليظة اللى نزل بيها ضرب على وش الست «أمينة» وقال لها «لمى هدومك وروحى عند أمك يا «أمينة».
إحسان: على العموم الاقتراح ده حيقودنا لتشكيل لجنة فى الجمعية.. تبقى مهمتها رعاية قدامى «سى السيد» المتبقين على الأرض قبل ما ينقرضوا زى الهنود الحمر والغول والعنقاء والخل الوفى.. وأنا باقترح «لوجو» القناة يبقى عبارة عن طربوش وشنب وعصاية..
مشهد: 2 ليل / خارجى.. بمقهى المقهورين فى الأرض.. أحد الأعضاء «عفت».. يبادرهم بحماس:
عفت: أنا عندى فكرة.. إذا كنا اتفقنا إننا نقدم برنامج اسمه (سى السيد) ليه برضه ما نقدمش برنامج نسميه (الست أمينة).
إحسان: (فى إعجاب) يهتف: والله فكرة هايلة يا «عفت».. نضرب بيها عصفورين بحجر واحد.. أولاً نقدم فى كل حلقة نموذج لسيدة فاضلة تعتبر استثناء فى عالم المرأة تمثل الطاعة والخضوع والرضوخ للزوج.. وبكده نخدم قضيتنا.. ومن ناحية ثانية نؤكد أننا قناة غير عنصرية.. رد الفعل على وجه (ولاء) التكفيرى الذى ينتفض واقفاً يصيح فى غضب بالغ..
ولاء: ويحك.. اللعنة على هذا البرنامج.. وعلى مقترحيه.. إنه يتعارض تعارضاً صارخاً مع مخططى لتقديم برنامج (لِمَ النساء من أهل النار؟) وإذا كان هناك إصرار على ذلك البرنامج الشائن فإنى أعلن انسحابى من القناة.. أدبياً.. ومالياً..
بطرس: (فى جزع وتهافت).. لا.. لا.. مالياً إيه؟!.. اعمل معروف يا أخ «ولاء».. دا إحنا ما صدقنا أنشأنا القناة بفضل مساهمتك العظيمة فى التمويل.. خلاص.. إحنا متنازلين يا سيدى.. بناقص البرنامج ده..
إحسان: (يصرخ فى بطرس) بناقص يعنى إيه؟!.. ممكن ما تتكلمش من غير إذن؟! (ثم لولاء): يا أخ «ولاء».. انت أعلم منى.. مش فيه نساء مبشرات بالجنة.. زى ما فيه نساء مبشرات بالنار؟!..
ولاء: أى نعم.. وهن المؤمنات.. الصادقات.. الصابرات.. الخاشعات.. المتصدقات.. الصائمات.. الحافظات لفروجهن.. الذاكرات حتى يفزن بالجنة.
إحسان: عظيم.. خلاص.. نقدم فى كل حلقة من حلقات البرنامج نموذج لامرأة من هؤلاء..
ولاء (معترضاً): كيف؟!.. والأغلبية من المبشرات بالنار من المترجلات.. والمتبرجات.. والواصلات.. والمستوصلات.. والنامصات.. والمتنمصات.. والواشمات.. والمتوشمات.
إحسان: طيب إيه رأيك.. الحلقة الواحدة تحتوى عل مقارنة بين نموذجين.. نموذج امرأة فاضلة.. ونموذج امرأة سيئة.. يعنى مثلاً ناخد صفة ولتكن صفة (المرأة المترجلة)...
إقبال: (مستفهماً): أولاً المترجلة يعنى إيه يا أخ «ولاء»؟
ولاء: المترجلة هى المرأة التى تتشبه بالرجال فى اللباس كلبس ما تسمونه بالبنطلون.. والكلام والمشى وقد لعن الله المرأة الرجلة..
إحسان: عظيم.. نشرح فى بداية الحلقة الصفة السخيفة دى فى المرأة.. ونجيب نموذجين.. واحدة مترجلة.. ونقارنها بنموذج لواحدة أنثى.. مهتمة بأنوثتها..
ولاء (موضحاً ومستنكراً): تقصد متبرجة.. لكن التبرج من مفاتيح النار.. لأن إظهار الزينة وإبراز المرأة لمحاسنها والتبختر والتخلع فى المشية يعتبر من الموبقات ومن مظاهر الجاهلية..
إن التبرج فاحشة.. وتهتك.. وفضيحة وسنة إبليسية وحيوانية.. وتخلف.. وانحطاط.. إن المتبرجة جرثومة خبيثة ضارة.. تنشر الرذيلة فى المجتمع.. فأيما امرأة استعطرت ثم خرجت على قوم ليجدوا ريحها فهى زانية.. إن إبليس هو رائد الدعوة إلى كشف العورات.. وهو مؤسس الدعوة إلى التبرج بدرجاته المتفاوتة ابتداء من التعطر إلى لبس البنطلون والمايوه.. بل هو الزعيم الأول لشياطين الإنس والجن الداعين إلى تحرير المرأة من قيد الستر والصيانة والعفاف..
هناء: حيرتنا يا أخ «ولاء».. خلاص مفيش داعى للبرنامج.. نأخذ رأى الأغلبية.
ولاء (ينتفض واقفاً.. يصرخ فى غضب): أغلبية حمقاء.. لعن الله الجميع.. (يندفع منصرفاً).. يندفع خلفه «بطرس» مستوقفاً صائحاً.
بطرس: استنى يا أخ ولاء أرجوك..
إحسان: سيبه دلوقتى.. حايرجع لوحده..
(ثم مستدركاً): والآن نناقش مجموعة التنويهات.. أنا أقترح تبقى كليبات استعراضية واخدة طابع كوميدى.. أنا فاكر مثلاً إن كان فيه أغنية ظريفة لفرقة المصريين كانت كلماتها بتقول: ما تفكروش يا بنات إن الجواز راحة.. ممكن ننسج على منوالها أغنيات ساخرة.. نقول فيها ما معناه: ماتفكروش يا رجال إن الجواز سعادة.. إنما عبودية.. أو ما تفكروش أن الخلع حرية.. إنما مهانة.. وهكذا يعنى.
بطرس: (يهتف مقترحاً) وممكن مثلاً: ريحنى واعطف على قلبى.. واسأل عنى يا خالعنى..
عفت: أو بدى أشكى لك من نار خلعى.. بدى أقول لك على اللى فى قلبى.
إقبال: أو «لو ترانى فى الدجى وحدى.. دمعتى تجرى على خدى.. لأشفقت يا خالعى علىّ.. وطالعك الأسى من ناظريّا».