عسكريون: الهجوم لم يحقق أى أهداف عسكرية لكنه «قُبلة حياة» للإرهابيين
موقع مطار «الشعيرات» المستهدف من قبل القوات الأمريكية
اعتبر عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين أن الضربة الأمريكية العسكرية التى تمت فجر أمس باستخدام 59 صاروخاً من طراز «توماهوك» أُطلقت من البحر المتوسط على مطار سورى، لم تحقق أى أهداف عسكرية، ولكنها «رسالة أمريكية بأنها لا تزال قادرة على التدخل بكافة أشكاله، وصوره فى منطقة الشرق الأوسط»، وهى بمثابة «قُبلة الحياة للإرهابيين».
«الشهاوى»: محاولة من واشنطن لـ«إثبات الوجود».. و«الحلبى»: موقف روسيا «رد فعل سياسى»
وقال اللواء محمد الشهاوى، رئيس أركان الحرب الكيماوية الأسبق، مستشار كلية القادة والأركان بالقوات المسلحة حالياً، إن «هذه الضربة تصب فى مصلحة الجماعات الإرهابية الموجودة على الأراضى السورية، تحت ذريعة استخدام الجيش السورى الأسلحة الكيماوية ضد مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب، رغم أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية قالت إن سوريا سلمت كل الأسلحة من هذا النوع لديها عام 2014، كما أن الجانب الأمريكى لم ينتظر حتى ظهور نتائج التحقيقات فى أحداث خان شيخون»، وأضاف الشهاوى لـ«الوطن» أن «استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل الجيش السورى أمر غير منطقى، لأن استعمال الغازات الحربية له محاذير كثيرة، حتى إن غاز السارين الذى يقال إنه استخدم فى الهجوم، وهو غاز قاتل من غازات الأعصاب، لم تظهر أعراض الإصابة به فى الصور المُفبركة التى ظهرت فى وسائل الإعلام خلال الساعات الماضية»، حسب قوله.
وأشار «الشهاوى» إلى أن «الخسائر التى نجمت عن هجوم خان شيخون، والتى استخدمت كذريعة للضربة الأمريكية، هى مقتل 87 شخصاً وإصابة 400 آخرين مع أن الأسلحة التقليدية العادية يمكنها إحداث أضعاف هذه الخسائر، وليس الغازات الحربية أو البراميل المتفجرة كما ادعى البعض»، معتبراً أن «الهجوم الكيماوى هو مجرد ذريعة كما كان الزعم بامتلاك الرئيس العراقى الراحل صدام حسين لأسلحة تدمير شامل، ذريعة لتدمير الجيش العراقى».
واعتبر «الشهاوى» أن «النتائج السياسية للهجوم هى إثبات الوجود الأمريكى فى الأزمة السورية، وإعطاء قُبلة الحياة للتنظيمات الإرهابية فى مواجهة نجاحات الجيشين السورى والروسى أمامهم، مع تأليب الرأى العام العالمى على الجيش السورى الذى أعتقد أنه دمر مخزناً تابعاً لجبهة النصرة كان يحوى بداخله أسلحة كيماوية، وإن لم يكن ذلك مؤكداً حتى الآن».
من جانبه، قال اللواء طيار هشام الحلبى، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن «التدخل العسكرى الأمريكى فى سوريا يحاول إيجاد ذريعة له من أجل إثبات الوجود فى المنطقة»، مشدداً على أن «الهجوم ليس عسكرياً فقط، ولكنه له أبعاد سياسية ومعنوية»، وأضاف «الحلبى» لـ«الوطن» أن «الجماعات الإرهابية قد تمتلك مواد كيماوية، لأنها سهلة التصنيع، مع احتمالية استخدامها وإلصاق التهمة بالجيش العربى السورى»، موضحاً أن «استخدام تلك الأسلحة لا يحتاج لتدريب عال من قبل مستخدميها كغيرها من الأسلحة التقليدية».
وعن كون توقيت «الضربة» الأمريكية جاء عقب زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للولايات المتحدة، قال «الحلبى» إن «الضربة ليس لها علاقة بالزيارة، وتوقيتها يأتى لأن المجتمع الدولى معبأ جداً بسبب الصور التى تنشر فى وسائل الإعلام والخاصة بالشأن السورى، وانتهاكات حقوق الإنسان، والإصابات الخطيرة التى لحقت بأعداد من المدنيين فى مناطق النزاع السورى»، مؤكداً أن «السيسى وترامب اتفقا على محاربة الإرهاب، ولا أعتقد أن المباحثات تطرقت لقيام أمريكا بضرب سوريا»، ورأى «الحلبى» أن وصف الجانب الروسى للعملية الإرهابية بأنها «تدخل فى نطاق الأعمال الإرهابية» هو «مجرد رد فعل سياسى، حيث إن كلا الجانبين يريد إظهار قوته، وأن يثبت هيمنته، وسيطرته على مقاليد الأمور، علماً بأن القوتين تتصارعان على جسد المنطقة»، منوهاً إلى أن صواريخ «توماهوك» المستخدمة بواقع 59 صاروخاً فى الهجوم يزيد سعر الواحد منها على مليون دولار، وأن قدرتها التدميرية تحدد حسب منطقة سقوطها، سواء على سلاح حربى فتتضاعف القدرة التدميرية، أو أرض جرداء لتكون مجرد شظايا فقط.