- أنا منذ خمسين عاماً /أراقب حال العرب / وهم يرعدون ولا يمطرون / وهم يدخلون الحروب ولا يخرجون / وهم يعلكون جلود البلاغة ولا يهضمون / أحاول منذ بدأت كتابة شعرى/ قياس المسافة بينى وبين جدودى العرب/رأيت جيوشاً ولا من جيوش / رأيت فتوحاً ولا من فتوح / وتابعت كل الحروب على شاشة التلفزة/وجرحى على شاشة التلفزة / ونصر من الله يأتى إلينا على شاشة التلفزة/رأيت العروبة معروضة فى مزاد الأثاث القديم / ولكننى ما رأيت العرب.
- كانت هذه الكلمات الرائعة المبدعة جزءاً من قصيدة «متى يعلنون وفاة العرب» التى أبدعتها ريشة الشاعر العبقرى «نزار قبانى» والتى رد عليها الشاعر السعودى السفير/غازى القصيبى بقصيدة أقوى وأروع منها قال فيها:
- نزار أزف إليك الخبر/ لقد أعلنوها وفاة العرب / وقد نشروا النص فوق السطور/ وبين السطور وتحت السطور/ وعبر الصدور / وقد صدر النعى / بعد اجتماع يضم القبائل / جاءته حِميَّر تحدو مضر / وشارون يرقص بين التهانى / تتابع من مدر أو وبر/ وسام الصغير على ثورة / عظيم الحبور شديد الطرب.
- ثم يستكمل القصيبى قصيدته الرائعة منادياً:
- نزار أزف إليك الخبر /وإياك أن تتشرب روحك / بعض الكدر / إذاعاتنا لا تزال تغنى/ ونحن نهيم بصوت الوتر / وتلفازنا مرتع الراقصات / فكفل تثنى ونهد نفر/ وفى كل عاصمة مؤتمر/ يباهى بعولمة الذل / يفخر بين الشعوب/ بداء الجرب.
- ويكمل غازى مسترسلاً:
- نزار أزف إليك الخبر / يموت الصغار وما من أحد / تهد الديار وما من أحد / يداس الذمار وما من أحد /فـ «بيريز» انتصر /وجيش بن أيوب مرتهن / فى بنوك رعاة البقر/وبيبرس يقضى أجازته/فى زنود نساء التتر/ ووعاظنا يرقبون الخلاص/ مع المقبل المرتجى المنتظر.
- مرت سنوات طويلة على كتابة القصيدتين الرائعتين، مات الشاعران الكبيران حسرة وألماً على أحوال العرب وأمتهم، ترى لو عاد الشاعران مرة أخرى إلى الحياة ورأيا كيف تتمزق كل دولة فضلاً عن الأمة، وكيف تقسم كل دولة إلى جزئيات، ماذا لو أدرك جيش بشار وهو يقتل شعبه، ويسجن الأحرار منهم.
- ماذا لو رأى الطيران السورى لا يذهب لتحرير الجولان ولكن يلقى الغازات السامة مثل غاز السارين على الأطفال والنساء من أهالى «خان شيخون» وغيرها.
- بعض حكام العرب يستخدمون الغازات السامة المحرمة ضد شعوبهم مثلما فعلها صدام مع شعبه الكردى، واليوم يكررها بشار مع خان شيخون بعد أن فعلها مرات سابقة.
- سماء العرب لا تطير فيها إلا المقاتلات الأمريكية والفرنسية والروسية، وإذا طارت طائرات العرب فلضرب العرب ولتحرير مدن العرب من أيدى العرب.
- ميليشيات عربية من كل حدب وصوب تريد تحرير دمشق من أيدى عرب آخرين، مع أن الجولان على مرمى بصر من الجميع، وقبل ذلك ذهب عشرات الآلاف لتحرير كابول مع أن القدس الغربية والمسجد الأقصى على مرمى البصر.
- طائرات العرب يشترونها بالمليارات لضرب العرب، هى دوماً لا تعرف الطريق إلى القدس أو إلى الضفة الغربية، أهل اليمن يقاتلون أهل اليمن وكلهم عرب، كل منهم يريد تحرير صنعاء أو عدن من الآخر.
- أموال العرب لا تستفيد منها شعوب العرب بقدر ما تستفيد منها شركات السلاح الغربية والروسية.
- أموال العرب ليست فى بنوك العرب ولا تستثمر فى مصانع ومزارع العرب ولكنها فى بنوك أمريكا والغرب.
- أمريكا وروسيا وأوروبا لا تريد خيراً للعرب، وليس منهم من يخدم العرب، كل يخدم مصالحه، قرار العرب بأيدى غيرهم، مصير أوطانهم يقرر بيد خصومهم، لا يقرر فى العواصم العربية ولكن فى الغربية أو الشرقية، وشعوبهم مغلوبة على أمرها، لا تقرر شيئاً، ليس فى بلادهم سوى الديكتاتورية والجهل والتخلف والتطرف والقتل والدماء والعصبيات والصراعات.
- كل شىء فى بلاد العرب مستورد، لم يصنعوا يوماً سيارة أو قطاراً أو حتى توك توك، يستوردون الأخير من الهند، لا يصنعون ولا يزرعون، لا يحسنون شيئاً سوى الحنجورى والصراع على الفتات.
- يتباهون بثمار حضارة الآخرين، يستخدمونها ولا يفكرون يوماً فى ابتكار مثلها أو حتى تقليدها.
- لقد مات العرب كما قال المرحوم غازى القصيبى.