شكل الهجوم الإرهابى على الكنائس صاعقة على قلب كل إنسان يملك إحساساً، لم يكن يعرف الإرهابى أن شظايا الانفجار امتدت إلى قلوب كل المصريين، هذه الضربة العنيفة وبلا رحمة فى لحظة صلاة وتوجه إلى الرب أثارت مرة أخرى أسئلة كل حادث مشابه، لماذا ومن المسئول، أين التقصير، ما هو الحل وكيف يمكن الوقاية؟ وإن كانت كل حادثة تؤكد أنه ليس عصياً على العقل الجمعى المصرى اكتشاف أن المستفيد من تفجير كنيسة مسيحية فى هذه اللحظة هو من يرغب أن يضع البلاد على أعتاب حرب طائفية ويعمل جاهداً لوصول الفوضى إلى مصر لتدمرها كما دمرت دولاً أخرى، ومن ثم لم يمانع أغلب المصريين سواء مسيحياً أو مسلماً فى فرض حالة الطوارئ، ما يعد تضحية ببعض من حريته مقابل الاستقرار وتجنب الحرب الطائفية لأن الضربة موجعة ومؤلمة لأبناء النيل، الذين ورثوا منه الصبر والهدوء وتحمل الكرب، لكن ضرب المصلين فى لحظة التواصل مع الله أمر جلل وليس له علاقة بنا، فالمصريون جميعاً على يقين أن كل محاولات بث الكره بينهم لم تصل إلى قسوة القتل، خاصة فى لحظات السلام مع الذات ومع الله لحظة صلاة العيد، وقد أثار الوضع سؤالاً حول الإنترنت ودوره فى نشر الفكر الإرهابى والتواصل مع الإرهابيين، وهل يعد أحد الإجراءات الوقائية هو غلق الإنترنت أو الفيس بوك؟ وفى تقديرى أن السؤال بهذا الشكل غير صحيح، فالسؤال الصحيح هل يستطيع أحد منع الإنترنت أو الفيس بوك أصلاً! فى تقديرى أن هناك عدداً من أدوات العولمة لم يعد من الممكن تجنبها أو منعها، منها الإنترنت خاصة الفيس بوك، فهى أدوات عابرة للأوطان والقارات ولم تستطع دولة مهما بلغت قوتها أن تحد من استخدام هذه الأدوات، فقد سبق وحاولت مخابرات عدد من الدول الحصول على معلومات عن طريق الفيس بوك أو الحد منه أو غلقه لكنها لم تنجح، لذا من المهم إدراك ما يمكن عمله، وليس ما لا يمكن، والصحيح هنا هو تتبع الجرائم الإلكترونية بدءاً من جرائم الرأى ونشر الكراهية إلى التواصل الإجرامى للتخطيط وتنفيذ أعمال إجرامية، لذا يعد تطوير أدوات التتبع لمرتكبى الجرائم الإلكترونية أمراً غاية فى الأهمية لحماية الدولة، شرط وجود ضمانات لعدم استخدام قضايا الإرهاب كغطاء للحد من الحريات، أيضاً من المهم تحديد العدو بدقة حتى يمكن التوجه إليه، فقضية تجديد الخطاب الدين أصبحت فرض عين وليست كلاماً للتعزية فى الأوقات الصعبة، فهو واجب كان يجب البدء فيه منذ زمن طويل، وإن كنا متأخرين فخير أن نبدأ متأخرأ من ألا نبدأ أبداً، لكن من المهم إدراك أن التفجير لم يأت نتيجة مباشرة لخطاب دين متردٍ وعنصرى فقط، وإنما نتيجة تجنيد جماعات سياسية مسلحة تستخدم الدين وسيلة للتجنيد السياسى، وأن التفجير للكنائس هو رد سياسى مباشر نتيجة نجاح زيارة الرئيس إلى أمريكا وما ظهر من دعم كبير للمصريين المسيحيين مع المسلمين للرئيس سواء داخل مصر أو فى أمريكا، لذا فالعدو الآن هو التنظيمات السياسية المسلحة التى يحاول البعض الحديث عن تصالح معها، أما تجديد الخطاب فهو قضية تجفيف منابع وتحسين البيئة حتى لا تكون أكثر خصوبة للتجنيد السياسى، من المهم العمل عليها بقوة لكن لا ننسى القضية الأساسية أو العدو المباشر.