الوصايا العشر للمجلس الأعلى لمكافحة التطرف والإرهاب هى كالتالى:
1- السيطرة على المساجد والزوايا بما فيها زوايا الجامعات والمدارس والهيئات الحكومية.
2- تخريج الدعاة الوسطيين والمعاصرين من خلال قصر جامعة الأزهر على الكليات الدينية ودور مؤسسة الأزهر تخريج الأئمة الدعاة فقط.
3- المكتبات والمسارح بكل المدارس والجامعات تُضم لوزارة الثقافة لإدارتها وتفعيلها وتنشيطها بعد فشل وزارة التعليم فى ذلك مما جعل هذه الأماكن إما خرابة أو مصنع تخريج متطرفين.
4- عودة التربية العسكرية لكل المدارس الثانوية والجامعات مع دروس فى الوطنية ودورات فى ترقية البدن والعقل والروح بعيداً عن التعليم التلقينى ويكفى أن النشيد الوطنى أصبح لا يرفع فى المدارس والجامعات، وكل مدرج جامعى يجب أن ينشد فيه السلام الوطنى قبل كل محاضرة.
5- تسليم وزارة الشباب كل ملاعب المدارس والجامعات وتحويلها لمراكز فى تنمية البدن وثقافية تجمع بين الرياضة والشباب.
6- وضع خطة علمية تستخدم وسائل الإعلام الحديثة والتقنيات الجاذبة للتفسير الدينى السليم للآيات والأحاديث وتستخدم فيها كل القنوات الخاصة والعامة والصحف الحكومية والخاصة بما فيها القنوات الإخبارية وبتوقيت لا يقل عن ساعة إذاعية يومية تتوزع على أوقات الإذاعة طوال اليوم.
7- تجريم شرائط الكاسيت والأسطوانات المستخدمة فى نشر فتاوى وخطب أنصاف الشيوخ والمنتشرة بين سائقى التوكتوك والميكروباص.
8- تدريس حصة تربية دينية ووطنية أول كل يوم دراسى بالمدارس والجامعات والغياب يوجب الفصل.
9- مراجعة كتب التربية الدينية فى كل مراحل التعليم وحذف كل ما يذكى التطرف والتركيز على الحضارة الإسلامية فى العمارة والتجارة والصناعة وحسن المعاملة وتفوق العلماء والفلاسفة المسلمين وليس تاريخ الغزوات.
10- احترام الأديان والحضارات الأخرى وعدم النظرة الدونية لها والاقتداء بقرار الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذى استأمن مسيحيى الحبشة على الإسلام والمسلمين وفضلهم على عرب قريش لأن هؤلاء مؤمنون بالله وقريش كافرة به.
(هذا المقال هو «الوصية الأولى من الوصايا العشر»)
إن آيات الحاكمية فى سورة المائدة أو آيات الجهاد فى أكثر من 18 سورة قرآنية أو آيات الهجرة والغزو فى أكثر من 12 سورة قرآنية لا ينبغى أن يفسرها متوسطو التعليم ومنحرفو الفهم وراسبو الإعدادية وجهلاء العلم.
وبعيداً عن فكرة «الدولة» فى الإسلام التى أرسى أسسها الرسول (صلى الله عليه وسلم) ورفض أن يُولّى الصحابى الجليل أبا ذر، قائلاً له «إنها لثقيلة» والتى نشأ على هداها عمر بن الخطاب معاقباً عمرو بن العاص بالضرب فى مقابل ضرب ابنه للقبطى المصرى، قائلاً «اضرب ابن الأكرمين» فى شهادة على أن صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والخليفة الأعظم فى تاريخ الخلافة الإسلامية الذى بكى قائلاً «لو أن دابة تعثرت فى أرض العراق لخشيت أن يسألنى الله عنها يوم القيامة» وهو نفسه الخليفة الذى رفض أن يصلى فى كنيسة القيامة بفلسطين وصلى بدلاً منها فى أرض فضاء أمامها اتخذها المسلمون مسجداً يسمى مسجد عمر بن الخطاب ولو صلى فى الكنيسة لاتخذها المسلمون مصلى.
وهو صاحب الوصية العمرية الذى طلب من قساوسة النصارى بالقدس أن يكتبوا ما يشاءون من طلبات تحفظ كنائسهم وتحمى صلواتهم، فكتبوا كما شاء لهم من مطالب ووقع عليها عمر، وكان أهم مطلب حماية الجيش الإسلامى للكنائس والصلوات وأموال النصارى وبيوتهم، وعدم التدخل فى عقائدهم، بل وافقهم فى منع دخول اليهود القدس عليهم لما لمسوه من محاولات اليهود تحريف العقيدة المسيحية والتغول على النصارى وكنائسهم كما تفعل إسرائيل الآن مع المسيحيين، الذين أعلنت كنائسهم حينما منعت إسرائيل الأذان، أن الأذان سترفعه كنائس القدس وبيت لحم، هل رأيتم لحمة بين الإسلام والمسيحية أكثر من هذا؟
أم هل رأيتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يفسح فى مسجده -ركزوا معى- «مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه» فى المدينة المنورة يتحول جزء منه إلى كنيسة ليصلى فيه وفد النصارى أمام الرسول وسط دهشة الصحابة ماذا تريدون من الرسول غير ذلك.
أم هل قرأتم القرآن وهو يقول لكم {... وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى،ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا...} [المائدة (82)].. هل فهمتم المعنى القرآنى أن القساوسة والرهبان يحثون النصارى على حب المسلمين.
(5)].. أى يساوى بين المرأة المسلمة والمسيحية فى عصمة المسلم فى الحقوق والواجبات.
ماذا يقول القرآن أكثر من ذلك؟!
أيها المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.. أول مطالبنا منكم بين مطالب عشرة ستفرد لها مقالات فى صحيفة «الوطن» التى قادت معارك شرسة ضد الجهل الدينى أولاً وهو الأزمة الحقيقية ثم التطرف الدينى ثانياً وهو الأزمة الظاهرة التى تخفى حقيقة الجهل الدينى.. نعم، الوصية الأولى للمجلس الأعلى خطة محو الأمية الدينية.
إن هناك أمية دينية لدى المسلمين والمسيحيين يعقبها أفكار منحرفة فى النظرة نحو الآخر، يليها تصرفات مجنونة توصم الكتابى بوصفة كافر، رغم أن القرآن لم يستخدم كلمة كافر مع اليهود والنصارى أبداً بل سماهم دائماً أهل الكتاب، ثم يقول «الكافرين»، ثم يقول «المشركين»، وهذا هو التصنيف الرباعى للتدين فى القرآن:
مسلمون، وأهل كتاب (مثل المسلمين)، وكافرون بالله ووجوده، ثم مشركون مع الله آلهة آخرين.. وبالتالى لا يجوز لليهود والنصارى أن يكفّروا المسلم ولا يجوز للمسلم أن يكفر اليهود ولا النصارى ولقد حسم القرآن نفسه من هذا الجدل الدينى بين الديانات الثلاث حينما خاطب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ثم حسم القرآن الأمر حسماً باتاً لا رجعة فيه أنه الحكم على أهل الكتاب ليس فى الدنيا وليس بمزاج أحد المسلمين أو النصارى، أى اختلفت التفسيرات بين رجال الدين فتحول تفسير كتاب الله بواسطة بشر إلى اعتبار التفسير آيات من كتاب الله مساوية كلام الله بكلام البشر.
وهذا هو ما يحدث الآن فى الدين الإسلامى أن يصبح كلام ابن تيمية، أو محمد بن عبدالوهاب، أو أبوالأعلى المودودى، أو سعيد حوى، أو سيد قطب، من تفسير شخصى وفهم بشرى لكلمات عربية تتعدد تفسيراتها، ولا تصح إلا لمن ملك علوم اللغة، والفقه، والدين، معاً وهم ندرة قليلة وقلة نادرة إلا الأئمة الذين يرسلهم الله على رأس كل مائة عام ليجددوا الدين مثل الإمام الشعراوى (رضى الله عنه)، ماعدا ذلك تفسير بشرى شخصى لكلام الله، حولته التنظيمات السياسية إلى كلام الله نفسه؟
وختاماً: فإن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب يبدأ خطواته مع المؤسسة الدينية الكبرى فى البلاد وهى الأزهر الشريف ويصاحبها وزارة الأوقاف التى نشأت لإدارة الأملاك الموقوفة من المسلمين فتحولت لوزارة إدارة المساجد، ثم وزارة إدارة الدعاة، وهنا تسأل إذا كان الأزهر بكليات جامعته الدينية (وليس الكليات المدنية التى أخذت من الأزهر جهداً ليس فى طاقته، ومارس بها دوراً ليس فى اختصاصه، فما للأزهر والهندسة والطب والتجارة والآداب)، فلتفصل هذه الكليات فى جامعة تتبع وزارة الأوقاف كجهة إدارة، وتخضع للمجلس الأعلى للجامعات كجهة علمية، وتبقى جامعة الأزهر جامعة لتخريج الدعاة الوسطيين المتخصصين فى الخطاب الدينى الفاهم الواعى الوسطى المواكب للعصر، وتلك مهمة تنوء بحملها الجبال فما بالك بشيخ الأزهر المطلوب منه نشر الدعوة الإسلامية الصحيحة فى العالم الإسلامى كله. ويبقى الحديث عن تطوير الخطاب الدينى حديثاً فاشلاً بلا معنى طالما بقى أكثر من مائتين وخمسين ألف زاوية ومسجد خارج سيطرة وزارة الأوقاف بحجة التمويل. على رئيس الوزراء ووزير الأزهر (وهذه وظيفة حقيقية يقسم عليها حين يحلف اليمين رئيس الوزراء ولا يعلمها كثيرون) توفير التمويل اللازم لضم هذه المساجد والزوايا لوزارة الأوقاف خلال عام على الأكثر. ويصاحب هذا قرار آخر بمنع إقامة صلاة الجمعة أو خطبتها أو الدروس الدينية إلا فى المساجد وليس الزوايا التى تعتمد فقط على مقيم شعائر الصلاة ولا يسمح فيها بأى خطبة أو درس دينى، وتعد هذه التوصية هى الأولى ضمن الوصايا العشر التى ستطرحها جريدة «الوطن»، يبقى الحديث من دونها عن مكافحة الإرهاب مجرد شعار بلا معنى.
ويقول الله {وأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة (48)] صدق الله العظيم.