عامان ونصف العام، عمر تجربتى فى «الوطن»، كان اليوم 20 أكتوبر من عام 2014، وصلت إلى مقر الجريدة القديم فى شارع محيى الدين أبوالعز بالدقى، قبلها بدقائق رأيت اسمى وإلى جانبه كلمة «ناجح»، آنذاك كنت حصلت للتو على درجة البكالوريوس فى الإعلام من جامعة القاهرة.
دخلت مقر الجريدة، سرت ببطء، وأنا موقنة «إنى بعمل اللى عليّا»، وأن الجريدة لن تقبلنى للعمل فيها، خرّيجة جديدة بخبرة محدودة، فلماذا تعيننى!.
انتهت المقابلة، غادرت الجريدة إلى المنزل، كنت على يقين أنى لن أعود ثانية، يقين لم يقطعه سوى مسئول من هناك يهاتفنى: «ألو، أستاذة إيمان مرجان؟ انتى من بكرة معانا فى الوطن».
فى اليوم التالى ذهبت إلى الجريدة، كطفل يخطو أولى خطواته فى الحياة، «محرر ديسك»، تلك هى وظيفتى، أنا الآن فى واحدة من أكبر صالات التحرير أو «مصانع الأخبار» فى مصر، بشغف وخوف جلست على مقعدى، كنت أعلم أن خبرتى محدودة، لكن الجريدة أعطتنى الفرصة كاملة، وبشهادة كثيرين حولى كنت جديرة بها. تعثّرت مرة تلو الأخرى، لكن فى كل مرة كنت مصرة على النجاح.
لم يكن طريقى فى «الوطن» مفروشاً بالورود، فالعمل مرهق للغاية، لا أبالغ إن قلت إن الجهد الذى كنت أبذله فى أماكن أخرى عملت بها قبل «الوطن» فى شهر، أبذله هنا فى يوم واحد، فالجريدة ورغم حداثتها فى سوق الصحافة، لكنها ناجحة ومميزة ولها بصمتها، اجتهدت كثيراً لأكون إضافة، وليس «كمالة عدد»، كان الأمر مربكاً بشدة، فى كل الوقت نحن مطالبون بالسرعة التى لا تخلو من الجودة كى لا يفلت منّا خبر، أيام كثيرة مرّت علينا، ونحن نصارع الوقت لنكون أول من ينشر الخبر أو ينفرد به، أو نغطيه من كل الجوانب.
كنت أجلس وأرقب من هم أكثر منى خبرة، لأتعلم، كنت مهتمة و«ممتنة» لكل المرات التى أخطأت بها وتعلمت منها، كى لا أكرر الخطأ، وللأمانة لم يبخل علىّ أحدهم فى «الوطن» بأى معلومة، كنت نهمة للتعلم، وكانت أيادى الجميع ممدودة به.
ولأن سوق الصحافة وبخاصة «الإلكترونية» منها، يتطلب دائماً المزيد من التطوير وتنمية المهارات لمواكبة ثورتها التكنولوجية، كان قرار إدارة الجريدة بتنظيم دورات تدريبية لنا، منذ أشهر لا يمر أسبوع من دون دورة تدريبية جديدة، وهى التدريبات التى ساعدتنى وزملائى على تطوير مهاراتنا، وكانت لنا معيناً فى رحلة الصحافة.
فى «الوطن» لم أجد ذاتى فقط، وجدت أيضاً أصدقاء مميزين، منهم تلك التى أصبحت الأقرب للروح، وذاك الذى تحوّل من «صديق» إلى «كل شىء»، أنا ممتنة للجريدة، التى حققت بها ذاتى، ووجدت بها من كانوا عوناً وسنداً.