يحدث هذا التجمع العربى سنوياً، وقد انعقدت دورته الرابعة عشرة الأسبوع الماضى بدولة الكويت، بإشراف الإعلامى الكويتى ماضى الخميس، المدير العام للملتقى، وبحضور ومشاركة وزراء الدول العربية فى الخارجية والإعلام والإعلاميين والكتاب والصحفيين والفنانين والأكاديميين، وطلاب الإعلام بالدول العربية.
هذا الملتقى الهام يقوى وتتطور آلياته سنوياً، يتفاعل مؤثراً ومتأثراً بمجريات الساحة الإعلامية العربية، يظهر هذا جلياً فى عناوين جلسات الحوار، ونوعية الموضوعات المطروحة للمناقشة.
هو التجمع الإعلامى العربى الأشهر على مستوى النخبة من كافة الأعمار والأطياف والاتجاهات، أدمغة عربية وأفكار عربية وأحلام عربية تتلاقى وتتجمع وتتبلور للوصول إلى فكرة عامة وشاملة، ربما استطعنا من خلالها بناء أفكار جديدة وأطروحات أكثر واقعية وجدية، لتسهم فى تصور غد عربى مختلف أو حتى مجرد الحلم به.
(الإعلام حياة)، كان عنوان الملتقى هذا العام، ولقد رأيته عنواناً عبقرياً، الإعلام بالفعل أصبح حياة، يغطى كافة مناحى الحياة السياسية والثقافية والتعليمية والاقتصادية والدينية والمجتمعية، هو (حياة متكاملة)، لهذا وجب الانتباه إليه جيداً، وإلى أهدافه وأدواته وطريقة التعامل معه ومن خلاله، لإصلاح ما أتلفته تفاصيل حياتنا العربية وما أتلفه الإعلام العربى ذاته والإعلام العالمى بحياتنا العربية.
حمل ضيوف الملتقى أيديولوجيات وأطروحات ومفاهيم مختلفة، كل بحسب انتمائه ومعتقده وفئته العمرية وفكرته عن الإعلام ورسالته. ومن الاختلاف يولد الاتفاق، وعبر الأسئلة ينشأ التقارب وفهم الآخر، وهو ما حدث بمنتهى الدقة والموضوعية والفاعلية. إن الثراء الفكرى العربى موجود بالفعل، برغم كل شىء ما زال وطننا العربى يعج بالمفكرين والمثقفين والموهوبين والهامات العظيمة، لكن أضواءنا الإعلامية العربية، أصبحت إعلانية وتخلت عن إعلاميتها فى كثير من الأحيان، وباتت مسلطة على أفكار وصور استهلاكية نحن فى غنى عنها.
إعلامنا العربى أزماته مصبوغة بلون مشاكلنا السياسية والاقتصادية، ويحتاج لجراحات عاجلة وفورية، ربما كانت هذه اللقاءات العربية بمثابة جلسات تشخيصية مهمة لمعرفة مواضع العلل وبحث طريقة علاجها أو بترها. (ما زلت أومن أن بإمكاننا التقارب والالتقاء والالتفاف دون حواجز، دون حدود، أو قيود ودون توجيهات خارجية).
الكويت الدولة المنشئة للملتقى على مدار أربعة عشر عاماً، دولة سباقة عربياً فى مجال الإعلام المرئى والمسموع والمكتوب، ورائدة خليجياً فى فنون الدراما التليفزيونية والمسرحية، ولها باع طويل ودراية أصيلة بالعمل الإعلامى، يدعمها برلمان قوى يمتعها بالكثير من الحريات، بلد متطور ومواكب للإعلام ومستخدم نشيط لوسائل التفاعل الاجتماعى، كل هذا انعكس جلياً فى طريقة إدارة وترتيب هذا اللقاء المهم.
جميل أن ترى امتزاج اللكنات العربية بدلاً من اللكمات العربية، بهكذا تجمعات وإدارات ناجحة للحوار العربى، تحدث الوحدة الحقيقية، بمفهوم أكثر عملية وجدية وبعيداً عن أى شعارات لا تلمس أرض الواقع.
هو لقاء عربى جاد، جمع الفنان بالسياسى، والأطفال الموهوبين بكبار الخبرات، والكتاب والأدباء التقليديين بنشطاء مواقع التواصل الاجتماعى بإيقاعاتهم المختلفة وطرحهم المتباين، (ثراء إنسانى متنوع وممتع وملهم) ليكون بمثابة جسر للتواصل الفكرى العربى، أمد الله فى جسور تواصلنا العربية الحقيقية والجادة والبناءة، وبارك الله فى العقول والوجدانات العربية المعافاة والصادقة والآملة فى غد عربى أفضل.