"تمام يا أفندم".. شعار المنطقة الشمالية العسكرية في الاحتجاجات والاحتفالات
يقفون كالتماثيل .. لا يسمح لهم بالكلام ولا الحركة .. يسمعون شتائم من البعض وإشارات استفزازية من البعض الآخر، بل ويرشقون بالحجارة، لكنهم لا يتحركون ولا يُسمح لهم بالتحرك. إنهم جنود تأمين البوابة الرئيسية لقيادة المنطقة الشمالية العسكرية، ربما تشعر بالشفقة عليهم حين تراهم يقفون بالساعات أمام المحتجين الغضبين والذين ينظرون إليهم وكأنهم أعضاء المجلس العسكري الذين يهتفون ضده.
تقع بوابة قيادة المنطقة في تقاطعي شارعي بور سعيد والمشير أحمد إسماعيل بمنطقة سيدي جابر شرق الإسكندرية.
وقبل نحو عام ونصف كانت مهمة هؤلاء المجندين تقليدية، لكن عقب انطلاق الثورة وبداية حدوث الغضب الشعبي من قرارات المجلس العسكري اختلف الأمر.
أصبحت قيادة المنطقة الشمالية العسكرية نقطة اختتام لكل المسيرات الاحتجاجية التي تخرج من أمام مسجد القائد إبراهيم والعديد من مناطق الإسكندرية. ولم يكتف المحتجون في بعض الأحيان بتكرار الهتافات المناوئة للمجلس العسكري وحكم العسكر، بل حاول بعضهم استفزاز هؤلاء المجندين بشتى الصور، فيجدون من يوجهم لهم السباب ، ومن يوجه لهم الأشارات المستفزة ، ومن يرشقهم بالحجارة ، لكن في كثير من الأحيان يتدخل عدد من النشطاء للسيطرة علي الموقف وللفصل بين المحتجين والمجندين.
ويقول " م ، أ " لواء جيش سابق للوطن "إن الثبات هو السمة الطبيعية لمجندي القوات المسلحة، والمجندون في تلك الظروف يتلقون تعليمات واضحة بضرورة ضبط النفس" .
وأضاف "إن أي تحرك لجندي في تلك الظروف يجب أن يتكون بتعليمات من قيادته والمجندين يدركون جديدا أن عليهم الصبر والثبات".
وبعد تزايد الاحتجاجات شددت قيادة المنطقة الشمالية العسكرية من إجراءات التأمين أمام بوابتها من خلال عمل حواجز خرسانية ، وأسلاك شائكة لمنع حدوث أي أحتكاك بين المتظاهرين والجنود.
وشهدت الإسكندرية علي مدي عام ونصف العديد من التظاهرات أمام قيادة المنطقة الشمالية العسكرية لإسباب مختلفة بدأت بالمطالبة بمحاكمة مبارك ورموز النظام السابق ، وانتهت برفض القرارات الأخيرة للمجلس العسكري بحل مجلس الشعب ، وإصدار الإعلان الدستوري المكمل.
وكان الهتاف التقليدي في ذلك الوقت " يسقط يسقط حكم العسكر" للتعبير عن رفضهم للسياسات التي يتبعها المجلس العسكري في إدارته للمرحلة الانتقالية .
ويوم إعلان النتيجة الرسمية للانتخابات ، ترقبت العديد من القوي السياسية بالإسكندرية النتيجة وأعدت لتظاهرات واسعة بمختلف إنحاء المدينة وأمام قيادة المنطقة الشمالية العسكرية .
وتحول تقاطع شارعي بور سعيد والمشير أحمد إسماعيل الذي تطل عليهما قيادة المنطقة من مكان للاحتجاجات إلي مركزا للاحتفالات عقب إعلان اللجنه رسميا فوز الدكتور محمد مرسي.
وعلق المحتفلون شاشات عرض كبيرة تابعوا فيها نتيجة الانتخابات الرئاسية عصرا، واستمعوا فيها إيضا لكلمة مرسي.
وفور مشاهدة الألوف للرئيس محمد مرسي وهو يخاطب الشعب من منصة الرئاسة ووراءه علم مصر، تعالت الأصوات بالاحتفال برئيسهم الجديد.
ويقول أنس القاضي المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية، "نعم كنا سنخرج للتظاهر والنضال الشعبي السلمي في حالة خسارة مرسي، لكن قرار اللجنه جعلنا نخرج للاحتفال".
وإضاف "إننا جئنا لنحتفل في نفس المكان الذي كنا نتظاهر أمامه، قيادة المنطقة الشمالية العسكرية، لأن هذا المكان أصبح رمزا لثوار الإسكندرية بعد أن خرجت عشرات المسيرات من أمام مسجد القائد إبراهيم وانتهت إليه".
وتحولت هتافات المحتجين من هتافات ثورية إلى هتافات احتفالية مثل "مرسي رئيس الجمهورية"، وهتافات حزبية مثل "حرية وعدالة .. مرسي وراه رجالة".
كما تحولت الهتافات إيضا إلى هتافات سياسية، حيث أجمع المحتفلون أمام قيادة المنطقة الشمالية العسكرية إلى الهتاف "كل الصلاحية لرئيس الجمهورية".
ويقول حسام توفيق ناشط سياسي "إن الهدف من هذا الهتاف هو التأكيد على أن الشعب المصري لن يرضى برئيس منقوص الصلاحيات، أو رئيس تكون صلاحياته مرهونه بإعلان دستوري مكمل شل حركته".
ويقف المجندون أمام قيادة المنطقة الشمالية العسكرية حائرون، فهم كانوا شاهدون علي تظاهرات لا تنتهي، وبين ليلة وضحاها أصبحوا شاهدون على احتفالات صاخبة، وهم ليس لهم أدني علاقة بأسباب الأولى أو دوافع الثانية، ويستمرون في الوقوف حتي يأمرهم قائدهم بالراحة ولا يردون إلا بـ"تمام يا افندم".