«بزنس التخرج».. كل مشروع وله سعر.. بيع حلمك شوف الشارى مين
أحد نماذج المشروعات المعروضة للبيع على الإنترنت
«مشروع تخرج كهربا كنترول عبارة عن نموذج محاكاة simulation لكنترول محطة كهربا للتعرف على كيفية تشغيل الوحدات فى المحطة أوتوماتيكى والتعرف على الإجراءات المتبعة فى حال فصل الوحدة، ويتضمن المشروع automatic ring main unit ويعمل بنظام SCADA system، ويوجد به 2 plc fatek سعر الواحد 3500 قبل زيادة الأسعار وبه 21 كونتاكتور و16 ريلاى و3 ct، المشروع حاصل على امتياز ومزود بالتقرير»، هكذا وصف أحمد السعدنى، طالب هندسة بمحافظة الشرقية، مشروع تخرجه على أحد مواقع بيع المستلزمات بشبكة الإنترنت.
طلبة يتخلون عن جهدهم لتعويض ما أنفقوه من أموال على الأبحاث طالما لن يتم تنفيذها.. ومكاتب تبيع «ملفات جاهزة» بـ6 آلاف جنيه
عقب حصول «أحمد» وزملائه المشاركين فى مشروع التخرج على تقييم يؤهلهم لاجتياز عامهم الأخير فى الدراسة، قرروا طرح مشروع تخرجهم للبيع لاستعادة أموالهم التى أنفقوها فى تنفيذ المشروع، التى وصلت إلى 15 ألف جنيه، كما ذكر «أحمد» لـ«الوطن»، مضيفاً: «الدكتور قال لنا مش هخلى الجامعة تاخد المشروع بتاعكم وتدفنه فى المخازن خدوه وحاولوا تعملوا له تسويق»، لافتاً إلى أن الفريق المشارك فى مشروع التخرج اضطر لعرض المشروع على الإنترنت لاحتياجهم للأموال التى أنفقوها فى تصميم المشروع وتابع: «نعمل إيه؟ محتاجين فلوس بدل ما نرميه فى المخازن للفرجة».
واجه «أحمد» وفريقه العديد من المشكلات، بداية من شراء مكونات المشروع، واضطروا لشراء بعض المكونات مستعملة، خاصة بعد زيادة الأسعار، بجانب المشكلات الفنية التى واجهوها أثناء تشغيل المشروع أبرزها تشغيل لمبات «الليد» المثبتة بالوحدات، والاتصال بين الوحدات وجهاز الحاسب الآلى، رغم أنهم لم يتلقوا دروساً عملية خلال دراستهم باستثناء فترات تدريب متقطعة فى محطة كهرباء شبرا الخيمة إلا أنهم استطاعوا التغلب على المشكلات الفنية بالمشروع.
«إحنا اللى كنا بنساعد نفسينا»، قالها «أحمد» فى إشارة إلى أن الفريق المسئول عن المشروع لم يجد مساعدة من الكلية، وتحمل كل طالب مشارك بالمشروع 3 آلاف جنيه، ما جعلهم يفضلون تسويق المشروع ببيعه بدلاً من حصول الكلية عليه، ولفت «أحمد» إلى أن المشروع يعد نموذجاً عملياً يمكن الاستعانة به لشرح كيفية عمل غرف التحكم بمحطات الكهرباء للطلبة، إلا أن أحداً لا يفكر فى استغلال مشروعات التخرج، والطالب يترك وحيداً يتكبد عناء توفير الإمكانيات المادية لتنفيذ المشروع.
لفت «أحمد» إلى أنه شاهد زملاء آخرين له عمدوا لتفكيك مشروع تخرجهم إلى خردة وبيعه على الإنترنت أو عرضه على محلات فى محاولة منهم لاستعادة أموالهم التى أنفقوها ولم يساعدهم أحد فى تنفيذ مشروع تخرجهم.
فى الوقت الذى ما زال مشروع تخرج «أحمد» يبحث عن مشترٍ، نجح «معاذ»، طالب هندسة بمحافظة القاهرة، فى بيع مشروعه منذ عدة أشهر بمبلغ 7 آلاف جنيه، وهو مشروع تخرج لطلبة كلية هندسة قسم الهندسة الميكانيكية عبارة عن رافعة هيدروليك بقوة 300 كيلوجرام قابلة للزيادة، يحوى وحدة تحكم، وموتوراً، وطلمبة، وغيرها من المكونات.
استطاع «معاذ»، الذى تحفظ كثيراً فى الحديث مع «الوطن» عن مشروع تخرجه المباع، بيع مشروعه مرفقاً بالعرض التقدمى (presentation)، وتقرير للعرض على لجنة المناقشة، ومقاطع مصورة لشرح المشروع، وكتب على هيئة ملف «بى دى إف» بالمعلومات اللازمة بالمشروع، وهو ما سهل عملية البيع.
«دكاكين الإنترنت» تكتظ بإعلانات لإغراء الطلبة بالبيع
تمتلئ دكاكين الإنترنت بإلإعلانات لشراء مشروعات تخرج لطلاب فى تخصصات مختلفة، ولم تخل مواقع صفحات التواصل من صفحات تعلن وجود العديد من مشروعات التخرج للبيع، منها يد روبوت تعمل بنظام معالجة الصور، وبيت ذكى بمصادر الطاقة المختلفة، وتطالب الصفحات علانية الطلاب الراغبين فى بيع أو شراء مشروعات التخرج بالتواصل معهم، فمثلاً جاء إعلان إحدى الصفحات على النحو التالى: «يمكنك بيع متعلقات مشروعك، ما عليك سوى أن ترسل لنا وصفاً لمشروعك واسمه، ويمكنك أيضاً بيع القطع التى انتهيت منها أو شراء متعلقات مشروع آخر»، و«إذا كنت تعرف أشخاصاً يستفيدون من بيع أو شراء متعلقات مشاريع التخرج اعمل شير»، و«يمكنك بيع متعلقات مشروع تخرجك مثل السوفت كوبى مرات عديدة».
وتعرض بعض صفحات مواقع التواصل مشروعات التخرج بالصور مثل عرض بيت ذكى باستخدام «الميكروكنترولر» يتعرف على السكان لإضاءة المنزل، ويتعرف على درجة الحرارة بالخارج فيمكن فتح أو غلق النوافذ، ولم يفت الإعلان أن يوضح أن مشروع التخرج مناسب لطلاب هندسة الحاسبات والاتصالات والإلكترونيات.
«ربط مشروعات التخرج بسوق العمل»، هكذا اقترح الدكتور حسن طاهر، أستاذ هندسة القوى الكهربية بجامعة القاهرة، طريقة للاستفادة من مشروعات تخرج طلاب الجامعات، لافتاً إلى أن طلاب كلية الهندسة جامعة القاهرة لا يعانون من تسويق مشروعات التخرج أو إيجاد الفرص المناسبة للتواصل مع سوق العمل وشركات القطاع الخاص المتخصصة، بخاصة أن الدراسة داخل الجامعة تكون تحت إشراف أساتذة متخصصين، يمتلك البعض منهم شركات متخصصة، وهو ما لا تجرمه الجامعة، تعطى فرصة لأستاذ الجامعة لتأهيل الطالب للتعامل بشكل أمثل مع متطلبات سوق العمل.
ولفت «طاهر»، فى حديثه لـ«الوطن» إلى أن مشروعات تخرج طلاب هندسة القاهرة تحوى دائماً أفكاراً مبتكرة، ويفوز البعض منهم بجوائز فى مسابقات على مستوى الجامعات، ما يعكس تأهيل الطالب داخل الكلية، إلا أن بعض الجامعات الأخرى تواجه مشكلة تسويق مشروعات تخرج الطلاب، فى حال إهمال الجانب العملى فى دراسة الطالب، الذى يقدم مشروع تخرج غير متميز، وبالتالى لا يجد الوسيلة المناسبة لتطبيقه أو الاستفادة منه بشكل كبير.
فى الوقت الذى يتكبد فيه بعض الطلاب الأعباء المختلفة سواء مادية أو تحديات تتعلق بتنفيذ مشروع التخرج، ومحاولة تسويقه ما بعد التنفيذ، نجد فى المقابل طالباً يمكنه الحصول على مشروع التخرج بالكامل دون عناء بمجرد دفع تكلفة تنفيذه، وما عليه سوى تسلم المشروع وقراءة المعلومات المتعلقة به استعداداً لعرضها على اللجنة المشرفة بالكلية التابعة له.
«مشروعك جاهز بس ادفع»، هكذا تتبجح إعلانات بعض المكاتب والأشخاص الذين يعرضون على الطلاب تنفيذ مشروع التخرج بالكامل من أول الفكرة وحتى «البوستر» النهائى للمشروع ليمنح الطالب الدرجة بمجرد عرض المشروع على اللجان المتخصصة، ليتساوى مع طالب آخر تكبد عناء تنفيذ المشروع دون مساعدة.
«انتى بتكلمينى متأخر أوى، ده حجز الماكس ثلاثى الأبعاد قفل»، هكذا رد أحد أصحاب مكاتب تجهيز مشروعات التخرج لطلبة الهندسة المعمارية على استفسار «الوطن» عن كيفية الحصول على مشروع تخرج بالكامل وفقاً لأحد الإعلانات المنتشرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى.
وأوضح صاحب المكتب أنه مسئول عن تنفيذ مشروع التخرج بداية من الفكرة التصميمية، ومتابعة تسليمات الكتل على شكل ثلاثى الأبعاد، وإظهار المشروع كاملاً، وحتى تصميم البوستر النهائى للمشروع، وتصل التكلفة الإجمالية إلى 6 آلاف جنيه، وفى حال الاكتفاء بالحصول على الفكرة التصميمية تصل إلى 3 آلاف جنيه.
ولا يجد البعض من أصحاب مكاتب تنفيذ مشاريع التخرج أى حرج بأن يعلن على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى أسماء الجامعات والأكاديميات التى يتعامل مع طلابها لتجهيز مشروع تخرجهم بالكامل منذ سنوات.
«ما بعملش مشروعات من أولها لآخرها لازم أساعد الطلاب على الفهم»، قالها أحد أصحاب مكاتب تصميم مشروعات التخرج، رفض ذكر اسمه، فى لقاء مع «الوطن»، لافتاً إلا أنه يرفض اللجوء لتصميم مشروع التخرج للطالب بالكامل بل يساعد الطلبة على الفهم والتعلم وتنفيذ المشروع بأنفسهم تحت إشرافه.
وأضاف صاحب المكتب أنه يساعد الطالب على توفير الأجهزة والإمكانيات المناسبة، وإعطاء دورات متخصصة للطلبة فى طريقة البرمجة، والتصميم وتركيب المكونات، أى إنه يعمل بمثابة مشرف «خصوصى» على مشروع التخرج من خارج الجامعة بجانب المشرف الأصلى، لافتاً إلى أن بعض الكليات تعلم جيداً بوجود مشرف آخر من خارج الجامعة يساعد الطلبة على تنفيذ مشروع تخرجهم.
أوضح صاحب المكتب أن العمل مع الطلبة يبدأ بتوزيع المهام عليهم، ومساعدة الطلاب فى حال وجود أى مشكلة، خاصة أن عمليات البرمجة، كما ذكر، تحتاج لموهبة وخبرة فى التعامل مع مشكلاتها، خاصة أن معظم الطلبة يفتقدون للجزء العملى خلال سنوات دراستهم، فمثلاً بعض الطلبة تتخرج فى الجامعة دون أن يكون لديه أى خلفية عن كيفية تصميم دائرة كهربية على سبيل المثال. وأرجع صاحب المكتب رفضه لتنفيذ المشروع بالكامل إلى أنه يخشى من فشل الطلبة من الحصول على الدرجات اللازمة فى حال غياب فهمهم لطريقة تنفيذ المشروع، ما يؤثر على «سمعة» المكتب، بحسب وصفه، لذا يجعل الطالب يشارك بنسبة 90% فى تنفيذ مشروعات التخرج.
ويعانى صاحب المكتب من ضعف إقبال الطلبة على هذا النوع من تنفيذ مشروعات التخرج بالمشاركة، لذا يفضل الكثير منهم التوجه لمكاتب بيع المشروعات جاهزة بالكامل.
«زيادة عدد الطلاب يسهل ضعف الرقابة على تكليفاتهم»، هذا ما قاله الدكتور محمود السيد، نائب رئيس مركز بحوث الطاقة بجامعة القاهرة، فى محاولة لتبرير لجوء الطلاب لمكاتب تنفيذ المشروعات، لافتاً إلى أن الطالب خلال مراحل الدراسة المختلفة يطلب منه تنفيذ عدد من المشروعات، وبسبب زيادة عدد الطلاب الذى يصل إلى 200 طالب، ينقسمون إلى 50 مجموعة يصعب متابعة تنفيذ الطلاب لمشروعاتهم، أو التأكد من أنهم نفذوها بأنفسهم دون الاستعانة بمكاتب خارجية.
«هذه المكاتب تهدم جزءاً من العملية التعليمية ولا تجد من يراقبها»، هكذا برر «السيد» مخالفة هذه المكاتب للقانون، رغم أن هذه المكاتب مسجلة على أنها تبيع مكونات إلكترونية، وهو نشاط لا يخالف القانون، إلا أنهم يعمدون لتنفيذ مشروعات تخرج بالكامل للطلاب، وهنا يبرز الشق غير القانونى الذى يهدم جزءاً من العملية التعليمية دون رقابة.
ويرى «السيد» أن الطريقة الوحيدة لتقليل لجوء الطلبة لمكاتب خارجية تقليل عدد الطلاب داخل الكلية ليسهل التحكم ومراقبة مشروعاتهم، على ألا يتعدى 70 طالباً بدلاً من 200، ما يدفع لزيادة أعداد أعضاء هيئة التدريس وتقسيم الدفعة على ثلاث دفعات، ما يعطى الفرصة الأكبر للطالب على فهم الأجزاء العملى والرد على استفساراته، ما يغنيه عن اللجوء لمكاتب «تفصيل» المشروعات.
أحد المواقع يعرض مشاريع للبيع