طريق الفن يبدأ بـ«أيس كريم» من «جروبى»
استيقظ الصغير مفزوعا على صوت شجار والديه، الذى يخترق سكون الليل، نهض مسرعا من سريره واقترب من غرفتهما، فاكتشف أنه سبب الشجار.
- إزاى تسيب طفل صغير لسه مكملش 10 سنين ينزل لوحده من العجوزة لوسط البلد.
- اهدى شوية ما يصحش كده الجيران هتصحى.. ابنى مش صغير عشان تخافى عليه.. أنا بعلمه إزاى يعتمد على نفسه.
فى الصباح استيقظ الابن من نومه، ارتدى ملابسه دون أن يطلب مساعدة أمه، وقف أمام المرآة يمشط شعره وهو مزهو بنفسه: «هنزل لوحدى أشترى اللى أنا عايزه.. هو أنا صغير ولا إيه!
بعد ساعات، كان الابن واقفا أمام محل ملابس أطفال فى وسط البلد، يشاهد الملابس المعروضة فى الفاترينة، وعندما عجبه قميص دخل ليشتريه.
- عاوز القميص ده لو سمحت!
- معاك فلوس يا ابنى.. إنت عارف القميص ده بكام؟
حوار دار بينه وبين صاحب المحل، أدهش الأخير بعد أن أخرج الصغير من جيبه ثمن القميص، ثم حاسب وانصرف دون أن يكون معه أحد.
يتبقى ساعة ونصف الساعة على موعد السينما التى قرر الابن أن يتوجه إليها بعد شراء القميص، فقرر أن يدخل «جروبى» حتى موعد السينما.
دخل الابن إلى الكافتيريا الشهيرة وبكل ثقة جلس على أحد مقاعدها المطلة على الشارع وبدأ فى قراءة جريدة الأهرام التى عوده والده على قراءتها.
- عاوز أيس كريم لو سمحت.
- طب مش نستنى بابا وماما لحسن ما يكنش معاك فلوس كفاية.
هذه المرة دار الحوار بين الابن و«الجارسون» الذى استجاب لطلب الطفل وأحضر له الأيس كريم بعد أن نهره الطفل وقال له: أنا معايا فلوس كتير.. يلا بسرعة.
فجأة وجد الابن أمامه رجلاً يبتسم طالباً الجلوس إلى جواره، لم يخف الطفل الصغير وطلب من الرجل الجلوس، وبعد حوار قصير دار بينهما قال له الرجل:
- سمعت عن مخرج اسمه حلمى عزيز؟
فرد الطفل: أيوه طبعا، ده مخرج كبير وبيعمل أفلام حلوة والنهاردة هادخل أتفرج على فيلم جديد من إخراجه.
- طب تحب تمثل معايا؟
- حضرتك بتتكلم بجد؟
- طبعاً جد وكمان هتمثل قدام عبدالحليم حافظ.
لم يصدق الطفل نفسه، فرح كثيرا بطلب الرجل الذى اكتشف أنه المخرج حلمى عزيز، وسأل نفسه: هل سأظهر فى تلك الشاشة الكبيرة ويرانى كل أصحابى.
لم يتردد الطفل أمام هذا العرض ووافق قبل أن يأخذ رأى والديه حتى عندما طلب منه المخرج حلمى عزيز الرجوع إلى والديه لمعرفة رأيهما قال له:
بابا عودنى إنى أبقى مسئول عن نفسى وآخد قرارى بنفسى.. وأنا خلاص موافق.
أمام عبدالحليم حافظ فى فيلم «حكاية حب» وقف الصغير أمام العندليب ليؤدى دور شقيقه الصغير، ومن فيلم إلى آخر تكررت التجربة، ولكن لم يجد الطفل غايته فى التمثيل، فرفض الاستمرار وقرر أن يدرس الإخراج الذى عشقه، وقدم من خلاله العديد من الأفلام ومنها: «كراكون فى الشارع» و«الصبر فى الملاحات» و«ضاع العمر يا ولدى» و«ليلة بكى فيها القمر» و«العذاب امرأة».
هل عرفت من هو الآن؟
إنه المخرج أحمد يحيى.