قبل أن أبدأ حديثى إليكم أجد لزاماً علىَّ أن أعتذر لعباقرة الفن المصرى، الذين أثروا حياتنا الفنية وتركوا لنا أجمل الذكريات، سندريلا الشاشة سعاد حسنى والنمر الأسمر أحمد زكى والأستاذ الذى أبكى المصريين وأضحكهم ورقصوا على كلماته صلاح جاهين، فقد سمحت لنفسى أن أستعير اسم أجمل ما كتب للتليفزيون المصرى، مسلسل «هو وهى» الذى سجل فيه علاقة المرأة المصرية بالزوج والحبيب والأخ والأب والأم والأبناء، فى مختلف الأوساط الاجتماعية المصرية، ولم أكتف بذلك بل إننى سمحت لنفسى أن أنهى صراعاً استمعنا إليه فى أغنية مقدمة المسلسل بين البطل والبطلة، حيث حاول كل منهما أن ينتصر لجنسه ويضعه فى اسم المسلسل قبل الآخر بمختلف الأسباب، فالرجل يرى أنه سيد البيت (سى السيد) والمرأة ترى أن الإتيكيت يحتم أن تتقدم هى أولاً، لأنها الأنثى، والرجل يقول إنه الأقوى فيكون ردها أنها الأذكى، أما أنا فقد حسمت النقاش، الذى لحنه عام ١٩٨٥ الرائع عمار الشريعى، وجعلتها تسبقه وأصبح مقالى الأسبوعى لكم بعنوان هى وهو.
وأنا أعلم أن الكثيرين من الرجال سيحتجون ويغضبون، ولديهم حجة صحيحة وهى أن المرأة خلقت بعد الرجل ومن ضلعه فكيف تسبقه والحقيقة أن ما دفعنى لمناقشة هذا الموضوع برنامج تليفزيونى أثار انتباهى، وكان موضوع الحلقة يناقش المشاكل الاجتماعية أو بالأدق الأمراض الاجتماعية التى هاجمت الأسرة المصرية وضربتها فى مقتل، واستعرضت مقدمة البرنامج ما حدث للأبناء من احتياج واقترابهم من الضياع بعد هروب الأب من مسئولياته وهجرة الأم الشابة، ليعيش حياة بلا أى نوع من الالتزام، إلا أن خوف الأم عليهم دفعها للوقوف بقوة ومقاومة كل الصعاب لتصل بهم إلى بر الأمان، قالت المذيعة بعد أن استضافت هذه الأسرة التى عاشت بلا زوج أو أب (مفيش بعد الأم، الأم تعبت أكتر، بتحب أكتر، الأم ست والست بشكل عام مخلوق أذكى وقدراته أعلى من الرجل، المرأة هى الـ4G بالنسبة للرجل الـ2G فقط، رامات الست أعلى والبروسيسور أقوى ومخها أسرع ومعقد أكثر، الست أنجح علشان كده الستات بس هى اللى تقدر تربى وتشتغل وتودى التمرين فى النادى وتكمل دراستها، وتأخذ دكتوراه وتنجح فى كل ده لوحدها، مفيش راجل ممكن يربى طفلين ويشتغل لوحده، لازم الست تساعده، الرجل إمكانياته محدودة والست قدراتها فائقة). وكأنما ألقت هذه المذيعة بصاروخ جو أرض علينا، فقد اشتعل غضب الرجال، ولكن الذى تعجبت منه أن يكون أهم التعليقات وأكثرها أنها (ست معقدة)، ويبدو أن للرجال المصريين قانوناً خاصاً، لأن هذا التعليق صدر عن شخصيات عامة وذات ثقل علمى ومجتمعى، وهو ما يعنى أن هناك إجماعاً ذكورياً على رفض هذه الفكرة ولو على سبيل المزاح، ولحسم هذا الجدل وحتى لا نتسبب فى خلافات قد تؤدى لنتائج كارثية وغضب ذكورى وثورة نسائية، بحثت بين صفحات الكتب فوجدت أن العلماء يؤكدون وجود اختلاف فى طريقة التفكير بين الرجل والمرأة، ويرجعون ذلك لاختلاف فى الچينات الدقيقة فى الدماغ البشرية، حيث تعتبر هذه الچينات من الأمور الأساسية التى تحدد الاختلافات بين كل من نفسية المرأة ونفسية الرجل، وقد تبين أن مئات الچينات التى توجد فى دماغ كل منهما تعمل بطريقة مختلفة تماماً عن الأخرى، حيث إن عدد الألياف العصبية التى تربط ما بين جزئى الدماغ الأيمن والأيسر لدى المرأة أربعة أضعاف العدد لدى الرجل، هذا بالإضافة إلى الأسباب الخارجية والبيئية التى تكسب كل منهما عادات وأفكاراً مختلفة منذ الطفولة وفى مراحل التربية وتكوين الشخصية، وبالرغم من تفوق الرجل عضلياً وجسمانياً إلا أن علماء النفس يؤكدون أن المرأة تمتلك نظام مناعة أقوى من الرجل، بسبب هرمون الاستروجين، كما أن لديها قدرة على القيام بالأعمال التى تتطلب الاستماع الجيد للمشاكل، وتتفوق فى مجالات التعليم وتربية الأطفال والرعاية الصحية ورعاية المسنين، بالإضافة لقدرة عالية على التعبير عن مشاعرها ومشاكلها، وفى الغالب تتابع النساء تحصيلها العلمى بنجاح أكثر من الشباب، وحتى لا يتهمنى أحد بالتحيز للجنس الرقيق فقد بحثت فى الأوراق عما كُتب عن تفوق الرجل عن المرأة، فوجدت أنه فى موسوعة جينز المعرفية Guinness book of knowledge وليست الأرقام القياسية ورد ذكر أعظم الشخصيات المؤثرة فى التاريخ سياسياً وفكرياً، من (صفحة ٣٠٨ إلى ٣٢١) إلا أن نسبة المرأة فيها كانت ٣٪ فقط، كما أن أعظم عشرة ملوك فى العالم، بدءاً من الإسكندر وحتى الآن، لم يرد اسم امرأة بينهم، أما الحاصلون على جائزة نوبل منذ نشأتها وحتى الآن بجميع فروعها فنسبة النساء فيها لم تتعد الـ١٠٪، ولأننى امرأة فما زلت على رأىى بأنها برغم هذه الأرقام والنسب المئوية فالأولوية لها فى كل شىء، ويكفى أن الرسول عليه السلام أوصى بها كأم وزوجة، وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، كما أن وراء كل عظيم امرأة.