إيه اللى جاب الحجاب لـ«القصة»؟! «المصريين ميكس.. كل حاجة والعكس»
«المصريين ميكس.. كل حاجة والعكس»
التناقض بات حليف العديد من المصريين فى الكثير من أمور الحياة اليومية، سواء فى الأفعال أو الأقوال وأثناء مواجهة الظروف والمشاكل، فما يقوم به البعض يختلف عما يقدمونه من نصائح لمن حولهم، وما يؤمنون به عكس ما يتصرفون بناء عليه.. أما الأقوال والأفعال فشتان الفارق بينهما.
مظاهر التناقض فى الشارع المصرى كثيرة، منها مثلاً عدم تناسب الملابس التى ترتديها المحجبات مع الحجاب، وبعضهن يملن إلى إظهار جانب من شعرهن من تحت الحجاب، كما تؤكد وسام حاتم، 25 عاماً، التى تستاء من الفتيات اللاتى يرتدين الحجاب ولا يلتزمن به: «خلاص انتى لبستى الحجاب، التزمى بشكلك به عشان تكونى قدوة»، ولكن تقدم «وسام» الأعذار لبعضهن، بسبب معايشتهن لمجتمع متناقض يؤثر على نفسيتهن، فتكون تصرفاتهن متناقضة أيضاً: «البنت بيكون عليها ضغوط مجتمع، وكمان فيه غيرة بينهم وبين بعض، فنلاقى المحجبة عايزة تظهر بشكل حلو زى اللى مش محجبة عشان كده بتسعى إنها تغير فى حجابها لكن مبتقدرش تقلعه»، وتؤكد الفتاة العشرينية أن بنات جيلها عليهن أن يواجهن مجتمعاً يميل إلى الاهتمام بالمظاهر بشكل كبير، وذلك يؤدى إلى محاولة الكثير من الفتيات إظهار محاسنهن بشكل لافت لإرضاء المجتمع، حتى لو كن غير مقتنعات بأفعالهن: «وعشان كده نلاقى بنات بشعرها على الواتس آب وإنستجرام، وهما أصلاً محجبات وده شىء بيعصب جداً، ويعتبر خوف من القيود الاجتماعية واللى برضه سبب من أسباب التناقض»، وبحسب «وسام» فإن الكثير من الفتيات تضايقهن سُلطة الأشقاء، ومنعهن من التعامل مع الجنس الآخر: «فيه ولاد بيحجروا على آراء وبيتحكموا فى تصرفات إخواتهم البنات، وبيعملوا أفعال فيها تناقض، يعنى تلاقى الواد من دول بيكلم بنات ومقطع السمكة وديلها.. لكن هو ميرضاش يخلى أخته تكلم صبيان».
«رمى المسئولية على الآخرين» من أسباب التناقض الموجود داخل مجتمعنا.. بحسب عمر الهريدى، مفتش آثار، الذى يرى أن المصريين لديهم ازدواجية فى معظم أفعالهم وعاداتهم الاجتماعية، ويستاء من ذلك التناقض الذى يبرره البعض بـ«أنا شايف إن أنا اللى صح»، ومن المواقف التى يرصدها هو لرجل يتحكم فى زوجته ويحذرها من التعامل مع أصدقاء العمل بينما يسمح لنفسه بذلك: «أنا واثق فى نفسى لكن ما أثقش فى حد تانى»، حيث إن هؤلاء يحتاجون إلى إعادة تقييم سلوكهم اجتماعياً، بينما يفتقرون إلى الخبرة فى فنون التعامل مع الآخرين.
وبحسب الدكتورة ميرفت العمارى، استشارى الطب النفسى، فإن التناقض صفة بشرية غير مضبوطة بقوانين اجتماعية تحكمها، مؤكدة أن عدم وجود أسس وقواعد اجتماعية سليمة متبعة منذ الصغر، يؤدى إلى نشأة أجيال لهم صفات مختلفة مثل «المتدين، العصبى، المنفتح، المثقف، الاجتماعى، الانطوائى»، وعندما تجتمع سلوكيات كل هؤلاء يأخذون صفات عن بعضهم البعض، فينتج التناقض، لذلك لا بد من تعديل السلوك من خلال قواعد تدرس فى المدارس عن التربية الحياتية السليمة، والتعريف بدور الفرد فى المجتمع، وتحديد ما الذى يريده من وجوده فى المجتمع، كما أنها شددت على أنه لا بد لكل فرد أن يحدد ما يريد دون أن يجور على أحقية الآخرين.
ويوافقها الدكتور يسرى عبدالمحسن، الطبيب النفسى، الذى رأى أن الخبرة الضئيلة فى الحياة، وعدم اكتمال النضج الفكرى، يجعل الفرد يميل إلى سلوكيات خاطئة ربما تترجم على أنها أفعال تناقضية، ويرى يسرى أنه لا بد من أن يطور الفرد من سلوكه من خلال التثقف بشكل عام فى كل مجريات الأمور، حتى يحدد خطواته بشكل جيد، كما ينبغى أن يستفيد من تجارب الآخرين وأن يتعلم منهم، حتى يبعد قدر الإمكان عن التناقض الذى قد يصيب شخصه.