شهر رمضان شهر الصيام، شهر كريم، إنه شهر القرآن، والعبادة،و.. و.. إلخ. ألا تسمعون ذلك دائمًا في خُطَب الجمعة؟ لذلك لن أسترسل في كتابة (أكلاشيهات)، ولكني سأطلعكم على حياة المواطن (ص) كيف تبدو تقريبًا في كل أيام رمضان. هذا المواطن أعرفه، وأنت تعرفه، وأشكّ أنك ربما تكون هو! لا تغضب ولا تنزعج. أقول ربما..
قبل أذان الفجر بدقيقتين، يجري المواطن (ص) مسرعًا نحو الثلاجة وبعنف يفتح بابها ثم يتناول زجاجة ماء كبيرة ويشرب نصفها، حتى يملأ معدته! ثم يهمّ بإرجاع الزجاجة في الثلاجة ولكنه فجأة يتوقف ويتخيل حاله ظهرًا في العمل بعدما ينهكه الحر ويجفّ لعابه من فرط العطش، فتُحرّكه الفوبيا لشرب نصف الزجاجة الآخر، بل ويتبعها بزجاجة أخرى! ثم يستديرعلى مهلٍ وبحرص تجاه غرفته؛ خصوصًا بعدما تحولت معدته لحوض سمك مليء بمياه ستندلق لا يعلم من أين ولكنها حتمًا سوف تندلق.. يصل إلى فراشه ثم يفكر كيف سينام في وضع لا يسمح للمياه أن تتسرّب من معدته. لا ينام إلا بعد نصف ساعة يكون قد دخل فيها دورة المياه وتخفف من حمولته تلك. تراوده كوابيس عديدة منها أنه موجود في حجرة مليئة بشتى أنواع الأطعمة، ولكنه مطبق الفمّ ولا يستطيع أكلها، فيستيقظ مفزوعًا. يهدأ ويلتقط أنفاسه، ثم سرعان ما يغتمّ حينما يتذكر أنه لن يتناول وجبة الإفطار المعتادة يوميًا!
يركب سيارته عاقدًا حاجبيه ويبدأ رحلته إلى العمل، تعانده أشعة الشمس وحرارة الجو فيتمتم بسباب لا نعلم أهو موجّه للشمس؟ أم لسائقي السيارات؟ تتحول التمتمة إلى زعيق عندما يمر من جانبه سائق (ميكروباص) مسرع. " هتكفّروا الواحد ياولاد ال***" ثم أخذ يسب السائق والناس بمعدل عشرين سبّة في الثانية بمجموع أربعين سبّة في ثانيتين فقط. ثم ختم السباب بـ "اللهم إني صائم"
يعود (ص) إلى المنزل مُتهالكًا، ليجد زوجته في المطبخ تعد الطعام. يفتح غطاء الحلّة ليرى ما فيها ويستنشق الرائحة بنهم.. " لا تنسي الحلو" يدور ويدور في المطبخ حتى تطرده زوجته، التي أصابها التوتر. يتمدد على الأريكة، ويفتح التلفاز. يشاهد خمسة دقائق من كل مسلسل، حتى يغفو، ثم يقوم مفزوعًا صارخًا "المغرب أذن؟" ويعاتب زوجته على تأخير موعد الأذان! حتى تشك جديًا في سلامة عقله!
"الله أكبر" لا يكاد يتمّها المؤذن حتى يكون (ص) قد التهم صينية البطاطس باللحم، وطاجن البامية، وحمامة محشية بالأرز، ونصف صينية كنافة بالقشدة، وأربعة لتر عصائر، وكوبين مياة. حتى تثقل حمولة معدته ويتصلّب في مكانه دون قدرة على الحركة، ويشعر وكأن العصائر قد كوّنت بحيرة في بطنه والطعام هو السمك العائم فيها. ينام بحرص شديد ممسكًا كرشه ويستيقظ بعد ساعة ليأكل قبل التراويح، ثم يعود من الصلاة ليأكل بسرعة قبل انتصاف الليل، ثم يأكل ما قبل السحور، وبعدها وجبة السحور، ثم يشرب كثيرًا وينام، ولكنه يحلم بكوابيس، وبأن الجوع وحش سيهجم عليه صباحًا، وأن العطش ديناصور نجى من الانقراض وجاء ليأكله. يصحو فزعًا صارخًا "الله يخرب بيوتكم ياولاد الـ***" فتتعجب زوجته وتتساءل لمَ يدعو عليها وعلى الأولاد؟! تشكّ أنه مجنون فتسلم أمرها إلى الله وتنام. تحلم الزوجة بديناصور شرير يوشوشها "ماذا ستطبخين غدًا يا امرأة؟ قولي وإلا قتلتك"
شهر رمضان شهر الصيام، شهر كريم، إنه شهر القرآن، والعبادة،والرسول اعتاد أن يفطر على ثلاث تمرات و.. "صينية معكرونة بالباشميل ودجاجة ونصف بطة" هكذا جاوبت الزوجة على سؤال الديناصور.