يعلم القاصى والدانى إدانتى الكاملة للعنف ورفضى الدائم للتبرير لأعمال العنف بمقولات سياسية ساذجة. من هنا أسجل بوضوح إدانتى لإطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين فى أسيوط وبنى سويف وللاعتداء على مكاتب جماعة الإخوان المسلمين فى محافظات أخرى على امتداد مصر، وكذلك للاشتباكات فى محيط المقر الرئيسى لجماعة الإخوان التى أوقعت ضحايا بين المواطنين، وأسفرت عن تدمير المقر وإتلاف محتوياته. كل الدم حرام، مصرى وغير مصرى، وأعمال العنف هذه مدانة جملة وتفصيلاً وتهدد بإفساد، بقسوة، الطابع السلمى للموجة الثورية الراهنة التى يصنعها بإبهار ملايين المصريات والمصريين.
إلا أن المشهد العام للموجة الثورية الراهنة يتجاوز أعمال العنف المدانة هذه، ويتجاوز أيضاً فاشية مجموعات صغيرة ومتهافتة تشارك فى الحراك الشعبى وترفع عوضاً عن المطالب الديمقراطية بإنهاء رئاسة فاشلة وإجراء انتخابات مبكرة وتعديل القواعد الدستورية والقانونية يافطات إقصائية باتجاه الإخوان وجماعات اليمين الدينى من نوعية «تطهير مصر من الإخوان» و«تحرير البلاد من الغزو الإخوانى».
فالمشهد العام للموجة الثورية الراهنة يدلل على تمسك أغلبية واضحة من المصريات والمصريين بحقهم فى تحديد حاضر ومستقبل الوطن، بحقهم فى الدفاع عن هوية مصر التعددية، بحقهم فى رفض بناء استبداد جديد واحتكار الدولة والمجتمع من قِبل جماعة الإخوان وحلفائها، بحقهم فى الانتصار لمدنية الدولة ولمبادئ المواطنة والحرية والمساواة فى مواجهة التطرف والتكفير والاتجار بالدين.
المشهد العام، الذى يشارك به ملايين الأطفال والنساء والرجال فى مصر ومعهم بطاقات حمراء مشهرة فى وجه الرئيس المنتخب وجماعته، يظهر فقدان قطاعات شعبية واسعة للثقة فى الإخوان واليمين الدينى بعد عامين من الاتجار بالدين والوعود الزائفة والكفاءة الغائبة فى إدارة شئون الدولة والمجتمع.
المشهد العام يخبر بوضوح عن وضعية جديدة لجماعة الإخوان وعموم اليمين الدينى، هم الآن تحت الحصار ويواجهون رفض ملايين المصريات والمصريين، واستعلاؤهم بادعاء غلبتهم الشعبية نفته الحقيقة المجتمعية.
تحت الحصار، ليس أمام الإخوان أو اليمين الدينى إلا الاستجابة لمطالب الشعب، إن هم غلبوا الرشادة والعقلانية، أو مواجهة رفض شعبى لن يتراجع أو يهادن.