زوجة مصطفى محمود: كان محباً للخير ولا هدف له إلا إسعاد الناس
صورة تذكارية تجمع مصطفى محمود وزوجته
بالنسبة لها هو الزوج وأبوالأبناء، الهادئ المتأمل، رب الأسرة الذى تستند عليه، وحائط الصد الذى يمنع عنها «الشر المستعجل»، هكذا كانت تراه، غير عابئة بصورته لدى الناس الذين لا يرون فيه أكثر من طبيب وكاتب، ومقدم برنامج ناجح على شاشة التليفزيون المصرى حمل عنوان «العلم والإيمان».
لا تنسى السيدة «زينب حمدى» زوجة الراحل مصطفى محمود كيف ارتبط زوجها برمضان عبر برنامجه الشهير «العلم والإيمان»، رغم أن البرنامج كان يذاع على مدار العام، كما لا ينسى أحد دور محمود فى خدمة البشرية، فهو كما تقول عنه: «كان فيلسوفاً وعالماً مستنيراً»، ولذلك لم يكن له هم إلا تقديم علمه للناس ليستفيدوا منه، بحسب زوجته، وفى سنواته الأخيرة كان قلقاً على الشباب بسبب الفكر الدينى الخاطئ، وكانوا هم همه وشاغله الأول، وكان حزيناً عليهم بعد أن رأى أن التطرف بدأ ينتشر ويتوغل، وكان ذلك فى السبعينات وكان دائم التفكير متمنياً وضع الشباب على الطريق الصحيح.
رفع شعار الإيمان بالعلم والعلم بالإيمان
وفى المنزل كان محمود كثير التأمل، يحب الجلوس والتحدث إلى نفسه، ولأنها عاشت معه سنوات طويلة فقد شهدت كيف مر بحالة نفسية سيئة بعد أن اتهم بالإلحاد، وكان الأمر صعباً عليه، لأنه لم يكن ملحداً، فقد حكى لها ذات مرة أنه لم يكن يشغله أو يسيطر على خياله أثناء دراسته فى كلية الطب، سوى الإنسان وتركيبته، تلك المعجزة الإلهية المتحركة على الأرض، وقتها بدأ على الفور يقرأ ويجمع المعلومات ويدونها لتظهر فى وقتها ليكشف للناس بطريقة علمية ومبسطة الإعجاز الموجود داخل الإنسان.
كان طبيعياً بعد ذلك أن يتجه محمود لتقديم برنامج عن العلم والإيمان، تقول زوجته إن الدافع لتقديم زوجها الراحل هذا البرنامج كان الشيخ صالح كامل، الذى تحمس للبرنامج جداً، وأنفق عليه، وكان للدكتور مصطفى محمود شرط وحيد وهو إهداء النسخة الأصلية من البرنامج للتليفزيون المصرى، وتم عرض البرنامج على جميع قنوات العالم العربى ولكن نسخته الأصلية كانت بالتليفزيون المصرى، وعندما بدأ فى تسجيله كان كثير السفر إلى كل دول العالم للحصول على المادة العلمية وتسجيلها ومشاهدتها وتحليلها، وكان يبذل فيه مجهوداً كبيراً، ولإخلاصه وحبه له نجح وما زالت كثير من القنوات تعيد إذاعته.
وجه آخر لمحمود تكشف عنه زوجته، فتقول إنه كان محباً للخير، ولا هدف له سوى إسعاد الناس وتحديداً الفقراء منهم، لذلك أنشأ مسجده بمنطقة المهندسين لخدمتهم والاعتناء بهم، الذى يضم مركزين طبيين مجهزين بأحدث الأجهزة وبهما نخبة من أمهر الأطباء، وهناك الجمعية الفلكية التى تقدم نشاطاً ثقافياً ومحاضرات، إضافة إلى الدعم النقدى والعينى الذى يقوم على التبرعات ويعود بالنفع على الفقراء الذين يتقاضون مرتبات شهرية، وقروضاً للشباب وهناك مشغل للفتيات، الآن قلت التبرعات التى كانت ترد إلى المستشفى بعد رحيل زوجها.
وفى رمضان كان محمود حريصاً على الوجود فى المنزل، لا يخرج منه إلا فى أضيق الحدود لأداء واجب ضرورى، وكانت علاقاته الاجتماعية محدودة كما تقول زوجته، وكان له أصدقاء حريصون على زيارته فى رمضان، مثل الشيخ محمد متولى الشعراوى، والباقورى، وصادق العدوى، وياسين رشدى، كانوا كثيراً ما يتناقشون فى كل الأمور الدينية والعلمية، وكان يتابع كل البرامج الدينية والمنوعات والأخبار وكل ما يعرض فى رمضان حتى يستطيع التعليق عليها فى مقالاته وكتاباته.
آلام المعدة كانت تمنع محمود فى سنواته الأخيرة من تناول بعض الأطعمة، تقول زوجته إنه كان يحب الخرشوف جداً وكان من الأكلات المفضلة لديه وكان صديقاً مقرباً للموسيقار محمد عبدالوهاب وكانا دائمى الحديث عن الأكل، وكان يأخذ رأيه ويستشيره فى ذلك وكان يحب السمك، والملوخية التى يتناول منها قليلاً والفول الذى يتناوله فى السحور.
ورغم رحيل محمود منذ وقت طويل، فإن زوجته تؤكد أن مكتبه وكرسيه وحجرته لا تزال كما هى، لم يتغير نظام أى شىء فيها، ولا أحد يستطيع أن يسد الفراغ الذى تركه.