عم «خلف» بائع صحف من أيام الاحتلال الإنجليزى: كان الجورنال بمليم
«خلف» أمام فرشة الصحف
بجلبابه الواسع وجسده الضعيف ووجهه الملىء بالتجاعيد، يجلس خلف محمد مرسى على كرسيه الخشبى المتهالك، وبجانبه منضدة تحمل صحفاً وكتباً ومجلات، على أحد أرصفة العتبة منذ 75 عاماً. «من وانا عندى 12 سنة، وانا على رصيف العتبة».. كلمات الرجل التسعينى، وهو يسترجع ذكرياته مع المهنة التى يعمل بها منذ صغره، ولم يفكر يوماً فى تغييرها، ففى المكان نفسه عاصر «عم خلف» أيام الاحتلال الإنجليزى: «من زمان وأنا شغال على الفرشة دى، ومعتمد على نفسى من أيام ما كان الجورنال بمليم، وقدرت منها أعلم عيالى الـ5 تعليم عالى بفضل الله، وجوزتهم منها كمان».
يتذكر الرجل العجوز قصة إصابة قدمه أيام الاحتلال، أثناء وقوفه على فرشته بنفس مكانه: «ضربتنى عربية إنجليزى فى رجلى أيام الاحتلال فى نفس المكان ده وأنا عندى 8 سنين، كانت المنطقة هنا كلها جنينة واحدة كبيرة، وماكانش فيها أى حاجة غيرها، وبقى عندى إعاقة فى رجلى، من وقتها عمرى ما أنساها».
لدى «خلف» 5 أبناء و11 حفيداً، هو مسئول عنهم جميعاً، رغم كبر سنه: «متعود كل يوم باقف من 6 الصبح لحد 6 المغرب أبيع الجرايد والمجلات والكتب، حتى بعد ما مراتى ماتت، الله يرحمها، من 5 سنين، وابنى الكبير هو اللى عايش معايا هو وعياله ومراته، ومش راضى يخلينى أشتغل، بس أنا عندى إصرار أفضل أشتغل على الفرشة لحد ما أموت»، حفيده الكبير هو الوحيد الذى يساعده على حمل الكتب وفرشها وتعبئتها: «محمد ابن ابنى الكبير هو اللى حابب الشغلانة زيى، وبيحب يقرا كتير وبيساعدنى على الوقفة طول ما أنا شغال على الفرشة، وشكله هو اللى هيورثها من بعدى من كتر حبه فى الكتب والجرايد».