تابعت بيان مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين المتعلق بنشر قائمة تضم 59 اسماً من جنسيات مصرية وسعودية وقطرية وكويتية وليبية، ترى الدول الأربع أنهم ضالعون فى الإرهاب مع عدد من منظمات، ظاهرها العمل الخيرى، وباطنها تمويل الإرهاب. علاقات الأسماء المذكورة بجماعات الإرهاب، وعلى رأسها «الإخوان» غير خافٍ على أحد، ويستطيع أى إنسان البحث فى تاريخ المنضوين تحت تلك القائمة ليعرف سيرتهم الذاتية بين ممارس ومتعاطف ومنتمٍ إلى الإرهاب مع تعدّد اسمه بين «جهاديين - سلفيين - إخوان»، وكلهم وجوه متعدّدة لعملة واحدة تحمل عنوان التطرف والعنف.
إلا أن تلك القائمة طرحت أمامى سؤالاً مهماً مفاده: ماذا عن التابعين لهم والمرتبطين بهم والممولين من قِبلهم والمتاجرين بعقول وأرواح البشر فى بلادنا، وعلى رأسهم -مثلاً لا حصراً- أبوإسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب ومحمد حسان؟ أليسوا منتمين لنفس الفكر ذاته؟ أليسوا من المؤيدين له؟ أليسوا من الممولين له؟
فتلك الأسماء وغيرها تشكل ما يُعرف باسم «مجلس شورى العلماء» ولهم صفحة على موقع «فيس بوك»، منشور عليها بيانات يعود تاريخها إلى عهد الإخوان، وتاريخ فض رابعة والنهضة. يثبتون ببياناتهم أنهم ليسوا فقط من المتعاطفين مع الإخوان، لكنهم من الرافضين لفرض الدولة لسلطتها. ألم يكن محمد حسان ومحمد حسين يعقوب هما من توجّها لدعم المعتصمين من الإخوان والسلفيين عند مسجد مصطفى محمود عقب فض رابعة والنهضة، قائلين لهم يومها «اثبتوا، فمن دونكم الدم»؟!! ثم بعدها ترك «حسان» المكان، وادّعى تعرّضه لوعكة صحية ونقله إلى المستشفى!
ألم يكن محمد حسين يعقوب، صاحب واقعة الصناديق والهجرة إلى كندا فى استفتاء دستور 2011! الغريب حينما تعلم أن محمد حسين يعقوب، مؤسس مدرسة تدعى «المدرسة الربانية»، ولا أعلم أى علوم تدرسها تلك المدرسة ومَن المنتمون إلى دروسها؟ وكيف يتلقون علومها؟ والأهم ما تعنيه كلمة المدرسة الربانية؟ فطبيعى أن ما يصدر عن الرب لن يتعرّض لنقاش أو جدال. ومن ذا الذى سيُجادل مؤسس المدرسة الربانية؟
ولا يختلف أبوإسحاق الحوينى عن «يعقوب» إلا فى الأسلوب، فإن كان «يعقوب» ملتوى الحديث يسعى لإبداء السماحة فى الكلام، فـ«الحوينى» حاد القسمات واللفظ، متاجر بعقول تركت فريضة التفكير واشترت التجهيل باسم الدين. ولذا لم يتوقف أحد من أتباعه لسؤاله مثلاً عن سبب سفره للعلاج فى قطر مرتين لشهور فى عام 2015 وعام 2016، بينما هو ذاته من أفتى لهم قبلها ومن سنوات بالعلاج ببول الإبل!!! كما لم يسأله أحد عن سبب اختيار قطر التى سافر إليها فى المرة الأولى بدعوى العلاج، بعد أدائه العمرة فى السعودية الممتلئة بمستشفيات كتلك التى فى قطر؟ ولم يسأله أحد عما دار بينه وبين «القرضاوى»، الذى التقاه فى قطر! ولم يسأله أحد عن مصدر تمويل العلاج فى قطر، والإقامة فيها والسفر إليها.. هذا غير سؤال منطقى آخر مفاده من أين يتعيش هؤلاء الشيوخ البررة، بعيداً عن التمويل؟
أما المدعو محمد حسان الذى لا يختلف فى نظرى عن سابقيه، فله حديث آخر يعلمه الجميع، إضافة إلى تغييب العقل والتجارة باسم الدين لسنوات، ففى حوار للكاتب «روبرت فيسك» مع مترجم «داعش» الذى قُبض عليه فى سوريا ونُشر بجريدة «الإندبندنت» البريطانية فى شهر يوليو 2016، أكد محمد يحيى القادم لتلقى العلم من قيرغزستان فى الأزهر عام 2013، أن محمد حسان أفتى لهم بضرورة الجهاد فى سوريا، ومنح كلاً من الحاضرين للدرس معه 100 دولار، وعرّفهم طريقة السفر للانضمام إلى «داعش» عبر تركيا! دون أن يتوقف أحد فى بلادى لمساءلة «حسان»؟؟!!
ويبقى السؤال يا سادة: متى نعلن قائمتنا لمناهضة الإرهاب فكراً وقولاً وفعلاً، لنبدأ خطوات العلاج من حالة الفصام الفكرى والدينى التى نحياها باسم الدين زوراً منذ سنوات؟ متى نقطع رؤوس الحيات المدمّرة لبلادنا وأهلها والمتاجرة بالعقول والضمائر؟