أفلام العيد فى ميزان النقد: «هروب اضطرارى» و«الأصليين» الأفضل
محمد رمضان فى كواليس فيلم «جواب اعتقال»
خمسة أفلام يتابعها جمهور عيد الفطر المبارك، فى موسم يتسابق فيه النجوم على شباك التذاكر لحصد أكبر كم من الإيرادات، لضمان تصدُّر القمة والفوز بالنجاح الجماهيرى، لكن دائماً تختلف لغة النقد عن لغة الإيراد والربح، فالبطل هنا ليس اسماً لامعاً بل محتوى فنى وفكرة مميزة ينقلها المخرج من خلال أبطاله. وصف بعض النقاد هذا الموسم بالمتوسط من حيث المستوى والأداء والأفكار والتنفيذ، فضلاً عن تنوع الموضوعات ما بين الأكشن والرومانسى والكوميدى والدراما الفلسفية. فى البداية تحدّث الناقد طارق الشناوى عن الموسم قائلاً: «(الأصليين)، للمخرج مروان حامد وتأليف أحمد مراد، هو الأفضل لأن به سينما وحالة من العمق، رغم تذيله الإيرادات، وأفضل تمثيل به لماجد الكدوانى، وعرضه فى هذا الموسم يُعتبر ظلماً له، لكن لو صمد حتى نهاية الأسبوع الأول أعتقد أنه سيحصد الإيرادات، والثانى (هروب اضطرارى) الذى حقق إيرادات ضخمة تجاوزت 5 ملايين فى يوم واحد، عالى على المستوى التقنى، والمخرج صنع فيلماً تشويقياً وشريطاً سينمائياً جاذباً رغم أنها تجربته الأولى، لكن السيناريو لم يحلل الشخصيات الأربع الرئيسية، هو يعتمد على لعبة الذكاء واللغز مع المتلقى فى حين لم يعطنا أى مؤشرات اجتماعية، ومن هنا يأتى الخطأ، ومع ذلك هو على هوى الجمهور».
«الشناوى»: «الأصليين» ظُلم بطرحه فى العيد.. و«جواب اعتقال» خطوة غير موفقة لـ«رمضان»
ويضيف «الشناوى» لـ«الوطن» متحدثاً عن فيلم «جواب اعتقال»: خطوة غير موفقة لـ«رمضان» لأنه دخل فى موضوع فكرى متعلق بالجماعات الإسلامية والمسلحة والصراعات داخلها، ويبدو أن هناك تدخلاً رقابياً حدث، وبدا الأمر وكأن الجماعات المسلحة هى نفسها التى توجه الدعوة للناس بأنهم مخطئون وكاذبون كان المفروض أن يكونوا مؤمنين بأفكارهم. ونحن نستشف ما نرى من إدانة، ولكن من الواضح أنه كانت هناك محاولة للوصول لنقطة متوسطة بين الرقابة وصنّاع الفيلم، لذا لجأوا لهذه الحيلة التى أجدها اختصرت الكثير من قيمة العمل الفنى، لكن فى النهاية مشكلة الفيلم أن المخرج لم يدرس كفاية رغم دخوله فى منطقة شائكة فكرياً ودرامياً وعقائدياً، كان يجب أن يكون مسلحاً بالقراءة والاطلاع والبحث حتى يقدمها، لكن لم يحدث وظهر فيلم سطحى جداً، وأعتقد أنها تجربة ليست فى صالح محمد رمضان، خاصة بعد «آخر ديك فى مصر»، كان ينبغى أن يصعد لأفق أعلى، لكنه تراجع كثيراً. وتابع: «تصبح على خير» الجزء الأول منه جيد ونقل واقعاً افتراضياً لا نمارسه فى الحقيقة، وفى الجزء الثانى بدأ يحيل الأمر للواقع، والكشف عن الأسباب هنا كان ضد الفيلم، وأرى أن فيلم «عنتر ابن ابن ابن شداد» لمحمد هنيدى جعله خارج الرقعة، فهو مهلهل على مستوى الكتابة والإخراج، وهنيدى فقد الكثير من لياقته كفنان كوميدى، والتواصل بينه وبين الجمهور أصبح ضئيلاً جداً، وأخشى أن هذا الفيلم قد يجعله يلقى نفس مصير محمد سعد قبل عام، لأنه يعيش حالياً موقفه.
وترى الناقدة ماجدة خيرالله، أن «هروب اضطرارى» فيلم أكشن جيد الصنع كإخراج وكتابة وأداء لمجموعة الممثلين الذين شاركوا فيه، تقول: «الفيلم يناسب جميع الأذواق ويمكن تصنيفه على أنه فيلم حركة ليس مطلوباً منه طرح قضايا ولا حل مشاكل، وأبطاله تم اختيارهم بعناية، وعلى رأسهم فتحى عبدالوهاب، وأحمد السقا، وأمير كرارة».
وأضافت «خيرالله» لـ«الوطن»: «(الأصليين) فيلم غريب على جمهور العيد، لأن أغلبه (العيال المراهقين)، بيبحثوا عن حاجتين، إما أفلام الحركة أو الكوميدى، عكس الفيلم الذى يحمل تأملاً، ومروان حامد عامل شغل حلو فى الكتابة واختيار الممثلين فضلاً عن الفكرة نفسها، ولا أنوى مشاهدة فيلم هنيدى ولا محمد رمضان».
«خيرالله»: «هروب اضطرارى» يناسب جميع الأذواق و«الأصليين» غريب على جمهور العيد
أما الناقد رامى عبدالرازق فتحدّث عن فيلم «الأصليين» قائلاً: «السيناريو به قدر من الغموض وعدم التركيز على فكرة بعينها ومحاولة للكلام عن أكثر من فكرة فى الوقت نفسه بشكل غير متناغم، وبعد عرض الفيلم لا نعرف (كان عايز يتكلم عن إيه؟) به مساحة من الفلسفة على السياسة، بالإضافة لخليط من الدين على التاريخ بطريقة غير متساوية، ودى أضعف حاجة فيه أثرت على الإخراج، وتطويل فى المشاهد الحوارية بين الأبطال أثر على الإيقاع، بالإضافة لعدم فهم للغة السينمائية القائمة على التكثيف وإيصال أكبر قدر من المعلومات من خلال لقطات قليلة وتوظيف عناصر الديكور والملابس والأماكن، غير مناسب لجمهور العيد الذى يبحث أولاً عن اسم النجم والتسلية بدليل تذيله رغم وجود أفلام أخرى متواضعة وركيكة مثل (عنتر ابن ابن ابن شداد) لمحمد هنيدى، و(تصبح على خير) لتامر حسنى».
ويضيف «عبدالرازق» لـ«الوطن»: متحدثاً عن «جواب اعتقال»: «فيلم ساذج جداً ومباشر وغير مفهوم وكذلك الشخصية الرئيسية، لا نعرف إذا كان إرهابى ولا متدين ولا مدّعى ولا تاجر دين، متناقضة جداً، تقول الحاجة وعكسها طول الوقت. فى بداية الفيلم نرى خطبة عن الجهاد وعلى آخر الفيلم يتكلم عن الناس اللى بتاجر بالدين، ما هى علاقته بأمن الدولة وما هى علاقته بالواقع؟ فالعلاقة هنا ملتبسة، وسيفشل أكثر من (آخر ديك فى مصر)، وأتمنى فى هذه المرة أن يتعلم (رمضان) من فشله لأن النجاح ليس مرتبطاً باسمه، فى النهاية لا بد أن يكون هناك فيلم موجه لجمهور بعينه، وهنا لا يمكن معرفة جمهوره، لا منه بيخاطب جمهوره الأصلى من الطبقة الشعبية، ولا المثقفين لأنه تافه، وحتى الرسالة فيه مباشرة ومش هتوصل للناس لأنها مابتحبش الوعظ».
وتابع: «(هروب اضطرارى) فكرته بسيطة، حتى مستوى الحبكة متوقع، نسبة الأكشن به أكثر من الحوار، وهذا ما يفضله جمهور العيد، وأداء فتحى عبدالوهاب متميز، وبشكل عام هذا المستوى متواضع جداً والإيرادات ما هى إلا قشرة خارجية، مفيش أى اهتمام بالمحتوى، فيه استهانة بعقول الناس وكأنهم بيقدموا لجمهور ماشافش أفلام». فيما تحدّث الناقد أندرو محسن عن «هروب اضطرارى» قائلاً: «هو الأفضل فى الأفلام الخمسة، كان به بعض الأمور محتاجة لتعديل فى السيناريو، بخاصة النهاية، ووضوح الشخصيات الأربعة الرئيسية، كان من الممكن أن يتم دمجهم، لأن ليس هناك سبب واضح لجعلهم أربعة، لكن عموماً (الأكشن) الموجود فيه منفذ بشكل جيد رغم المبالغة فيه، وإيقاع الفيلم سريع ومشاهده موزعة بشكل يرضى جمهور العيد تحديداً». وينتقل للحديث حول فيلم «جواب اعتقال» مضيفاً: «لم يكن العمل الذى ننتظره من محمد رمضان، أضعف من اللازم، مشكلته الرئيسية السيناريو والإخراج، تركيبة الشخصية الأساسية (خالد الدجوى) متناقضة بشكل غريب، المفروض إنه إرهابى، وفى الوقت نفسه نجده يقوم بإبعاد شقيقه عن العمليات الإرهابية بشكل غير منطقى، لا بد أن يكون مؤمناً بما يقوم به، كانت محتاجة لجهد أكبر، فضلاً عن أن الفكرة الرئيسية للعمل كانت تصلح من 10 سنوات، ما هى القيمة فى إنك تصور شخص إرهابى لتثبت أنه كذلك؟ فكرة قديمة جداً، بجانب أن (الأكشن) به قليل جداً، وبالتالى غير مرضى لجمهور (رمضان)». وعن فيلم «تصبح على خير» لتامر حسنى تابع: «كان مفاجأة بالنسبة لى، وأراه من أفضل أفلام (تامر)، بجانب أن الفيلم مخلص لفكرته، الجمهور داخل يشاهد توليفة من الكوميديا والرومانسية، إيقاعه لطيف، كان ممكن يكون أفضل مما شاهدناه على مستوى الأداء والإخراج والسيناريو، الممثلات لم يقدمن أفضل ما لديهن، خاصة درة ومى عمر، لم تقدما شيئاً مختلفاً عما قدمتاه من قبل، والكتابة كانت محتاجة تكثيف».
ويرى «محسن» أن فيلم «عنتر ابن ابن ابن شداد» لمحمد هنيدى الأسوأ فى هذا الموسم، قائلاً: «فيلم بخيل جداً، ليس به قصة ولا عقدة تجعلنا نتابع الفيلم، الإخراج والديكورات ضعيفة جداً وفقيرة، ليس طبيعياً أن يتجاهل المخرج الزمن الذى تدور فيه الأحداث، حتى فكرة السخرية من فيلم (عنتر ابن شداد) غير موجودة ولم يستغلوها، تكوين الفيلم فى الكادرات سيئ، حتى محمد هنيدى اعتبر هذا الفيلم إساءة له ولجمهوره».
ويضيف متحدثاً عن فيلم «الأصليين»: «فيلم فنى وعناصره جيدة جداً، لكن كان ممكن تكون له معالجة سينمائية أفضل مما شاهدنا، إخراجه وتصويره وموسيقاه جيدة، أداء تمثيلى معقول، لكن وراء كل هذا سيناريو كان محتاج يتكثف، كى أخرج من الفيلم بإجابات وتساؤلات واضحة. لكنه عرض أشياء كثيرة دون القدرة على الربط بينها بشكل جيد، لأنه لمخرج مهم وكان يمكن أن يقدم أفضل من ذلك بكثير».