ضفيرة
لم تشفع جمال أعين فتيات إيران فى أن أحب البلد خلال زيارتى الوحيدة له، فالبلد كئيب مقبض، أمنى بدرجة كبيرة، تحكمه جماعة دينية، وتتفنن فى وضع صبغة خارجية لتعاليمها الدينية.
«حجاب إلزاميست» عبارة تنتشر فى شوارع طهران أينما ذهبت تطالب السيدات بالالتزام بالحجاب، فى حين يتبدل الوضع داخل المقاهى والمطاعم والأماكن المغلقة التى زرتها، تتجاور الفتيات مع أصدقائهن لدرجة التلاصق والحميمية، يتدلى الحجاب إلى منتصف الرأس، وتتعالى أنفاس الشيشة والضحكات والكوتشينة.
تذكرت الفتاة الصغيرة العائدة إلى طهران بعد سنوات من السطو على الثورة الإيرانية فى رواية «برسبوليس» المصورة، وخلال الفيلم الذى يحمل الاسم ذاته.
فى إيران تتحول السلطة الرقابية التى يمنحها النظام لنفسه فى التعديل على حرية الملبس للسيدات إلى عدوى؛ حيث يقوم المواطن بتتبع فتاة وينهرها لأن شيئا ما فى زيها لم يعجبه ولا يناسب الرقابة الموضوعة فوقه شخصيا.
تحكى لى فتاة عاشت عمرها فى حى مصر الجديدة أن أحدهم نهرها على ما رآه لا يتناسب مع قناعته هو شخصيا فى ملبسها، استوقفها وقال ما يريد ورحل، ضايقها أنها ظلت صامتة ولم تجب، شعرت لوهلة بالفزع، لكنها فى المرة الثانية قررت أن تجيبه بأنه لا يجوز له التدخل فى حرياتها.
فى المرة المقبلة أترك لكُنَّ مساحة التعبير عن براح الحرية المفتقد، وتخوفاتكن من الشارع، ومن المارة، وطريقة مجابهة الأمر.