«أبوالبنات» يعلم بناته بـ«عكاز وزمارة وغزل البنات»
«عم على» ربّى بناته من «غزل البنات»
رجل بسيط بيده اليسرى عكاز طبى يتأبطه وعلى كتفه اليمنى جزء من ماسورة ستارة البلكونة، تتزين فى نهايتها بأكياس غزل البنات.. «على السيد» رغم هيئته البسيطة، فإنه خلف سكونه وابتسامته ورضاه بالقضاء والقدر يخفى قصة كفاح رائعة.
«عم على» أو «أبوالبنات» رجل فى العقد السادس من عمره يتحرك يومياً من طنطا إلى شبرا الخيمة فى قطار التاسعة صباحاً لبيع الحلوى ثم يعود آخر النهار إلى منزله مدخراً ما رزقه الله به، ليواجه تكاليف المعيشة، وينفق على تعليم بناته الأربع.
«عم على»: «بنتى الكبيرة فى آخر سنة بالهندسة»
من النظرة الأولى قد يظنه البعض متسولاً، لكنه يكافح بشرف ليعلم بناته الأربع «أحسن علام»، حسب تعبيره، فالكبرى تدرس فى السنة النهائية بكلية الهندسة، والثانية فى كلية التربية، والصغيرتان تدرسان بالمرحلة الثانوية، يقول «عم على» وهو يسير فى الشارع نافخاً فى «زمارة» نحاسية: «أنا كنت مبيض محارة، وراجل كسيب، بس الشغل ابتدى ينام منّى، فالست بتاعتى جابت أنابيب وبدأت تغيرها وتبيعها، علشان تساعدنى وقلت بدل ما هى تشتغل لوحدها، أسيب المحارة وأشتغل معاها فى توزيع الأنابيب، وجبت تروسيكل وشغلنا بقى كويس».
تحسنت الأوضاع وصار الربح أفضل بعد العمل فى بيع الأنابيب، لكن تعرضه لحاث بالتروسيكل أجبره على ملازمة المنزل قعيداً يعالج من كسور متعددة، ورغم وجعه كان تفكيره منصباً على ما سيفعله بعد الشفاء.
أخذ الرجل الستينى نفساً عميقاً وقال: «الحمد لله بناتى كبروا وعلمتهم وبقوا على وش جواز، وأنا ماليش فى قعدة البيت، وصعب أشتغل فى الأنابيب، وأنا ماسك عكاز، فقلت أقضى يومى فى بيع غزل البنات وربنا اللى بيرزق» وتابع: «أصنع 100 كيس فى المنزل بـ4 كيلو سكر، ومع انتهاء الكمية أعود إلى منزلى، لأن أهم حاجة عندى العيال وتعليمهم، وبشكر ربنا على نعمة مراتى اللى شايلانى وواقفة جنبى».