«الحامول المركزى».. المرضى بالطوابير.. وعجز فى «التمريض والأدوية والمستلزمات»
معاناة أهالى المرضى للكشف على ذويهم
فوضى وزحام وصراخ، سيدات يجلسن على باب المستشفى فى انتظار أن تفتح العيادات الخارجية أبوابها، وأطفال يصرخون من شدة الألم وعدم وجود من يوقّع الكشف الطبى عليهم، رجال تركوا أعمالهم ورافقوا مرضاهم أملاً فى الشفاء داخل مستشفى الحامول المركزى، فعندما تطأ قدماك البوابة الرئيسية للمستشفى تجد فردَى أمن يجلسان أمامها لا يأبه أى منهما بسؤال المترددين عن وجهتهم، أمام العيادات الخارجية تجد طوابير طويلة من المرضى يتراصون داخل «طرقة» صغيرة لا يتعدى عرضها الـ3 أمتار كل أمام باب العيادة الخاصة بألمه، الزحام جعل البعض يجلس على الأرض والبعض الآخر يهرب من حرارة الجو للجلوس فى بهو المستشفى، خاصة مع غياب أى وسائل للتهوية.
مشاجرة بين الأهالى والتمريض والأمن لمنعهم عرض طفلة على الطبيب لإنقاذها.. وأسرتها: «بنشترى السرنجات على حسابنا»
قرب عيادة الأسنان كان صراخ سيدة أربعينية كفيلاً بلفت الانتباه إليها، تصرخ بصوت عالٍ: «طفلة بتموت على إيد أبوها، الممرضة والأمن منعوه يطلع الدور التانى عشان الدكتور ينقذها والبنت يا قلبى كانت فى غيبوبة ومفيش دكتور فى العيادات يكشف عليها، حرام الأمن والتمريض ميعرفوش ربنا والبنت بتموت».
وتضيف السيدة: «الممرضة زعلانة إن جدة الطفلة بتزقها، وبتقولها بكل برود لازم تروحى الاستقبال وتقطعى تذكرة وبعد كده يفكروا يكشفوا عليها، حرام، ينقذوها الأول وبعدين يدوروا على التذكرة، هروح أشتكى للمدير علشان دى طفلة ومينفعش إنهم يسيبوها، أنا هكشف على بنتى وهروح للمدير»، مشيرة إلى أنها جاءت للمستشفى كى تكشف على ابنتها التى تبلغ من العمر 11 عاماً، وأنه لولا ظروفها المادية الصعبة ما كانت لجأت إلى هذا المستشفى: «الدكاترة بييجوا ساعة أو اتنين فى اليوم وتلاقيهم على الساعة 11 أو 12 فى عياداتهم الخاصة، مع إن المفروض الرسمى يقعدوا لحد الساعة 2 الضهر».
كلام السيدة دفعنا للتوجه إلى قسم الاستقبال والطوارئ بالمستشفى للسؤال عن الطفلة، تقابلك جدة الطفلة الستينية وهى تبكى على حال حفيدتها: «بنت ابنى مروة سمير، عندها سنتين ونص، بنجرى بالطفلة من الساعة 4 الفجر ومفيش دكتور فاتح، وطبيب فى بيلا رفض يكشف عليها الفجر، وجينا جرى على مستشفى الحامول المركزى، والأمن والممرضة منعنا من الدخول والبنت فى غيبوبة ومش عارفين فيها إيه، وفى الآخر الممرضة تقول إننا ضربناها، قالولنا الدكتور فوق طلبنا نطلع له ينقذ البنت ومنعونا فزقتها علشان أنقذ بنت ابنى»، وتضيف الجدة: «بعد رفض الأمن نطلع للدكتور جرينا على الاستقبال والدكتور شافها وكتب لنا علاج نجيبه من برة، حتى «الكانيولا» جبناها من برة».
أثناء حديثنا مع الجدة جاءت إحدى الممرضات، تحتفظ «الوطن» باسمها، لتسأل الجدة عن «العلاج والكانيولا»: «المستشفى يعانى نقصاً فى الأدوية والمستلزمات الطبية والسرنجات، والمريض للأسف يتحمل تكلفة علاجه داخل المستشفى».
وتضيف الممرضة: «فيه أدوية كتير ناقصة والكانيولات والسرنجات والمحاليل مش موجودة، يعنى إمبارح المحلول خلص فى شيفت السهرة ومكناش لاقيين، وعندنا عجز فى عدد الممرضات، بنشيل شيفتات كتير وده إرهاق علينا ومن بعد الساعة 6 مساءً مفيش طبيب بيكون موجود فى الاستقبال، إحنا 4 ممرضات شغالين فى الاستقبال فى النوبتجية ميعملوش حاجة فى ظل وقوع حوادث كتير، الأول كان عددنا فى السهرة سبع ممرضات لكن أخدوا مننا ثلاثة لمستشفى برج البرلس، أنا جالى نقص كالسيوم ورجلى فيها ألم بسبب الوقفة والإرهاق، بالإضافة إلى قلة الإمكانيات».
بالعودة إلى العيادات الخارجية مرة أخرى فى العاشرة صباحاً، صادفتنا سيدة كانت تقص لزميلتها حكاية خالها الذى توفى داخل المستشفى نتيجة الإهمال: «خالى دخل المستشفى بنزيف فى المخ ومكنش موجود أى أدوية أو حقن أو مستلزمات طبية، وطلبنا سيارة إسعاف رفضت الخروج معانا بدون طبيب، ومكنش فيه أطباء وقعدنا ساعتين دون أخذ حقنة وقف النزيف حتى مات».
المشاجرات فى مستشفى الحامول المركزى لا تتوقف، كان آخر ما رصدناه هو المشاجرة بين المرضى أمام عيادة الباطنة بسبب أولوية الدخول للكشف عليهم وقيام الممرضة، على حسب قولهم، بإدخال معارفها المتأخرين على حساب المرضى الموجودين منذ الصباح الباكر، وأثناء مغادرة المستشفى وجدنا غرفة النفايات الطبية مفتوحة وبها أكياس ممتلئة بالنفايات الطبية وبجوارها مقاعد لانتظار المرضى من كبار السن والأطفال، وهو ما يعد مخالفة، حيث من السهل دخول الأطباء والعبث بمحتويات الغرفة ومن ثم تعرضهم للإصابة بالعدوى.
أبو طفلة ينتظر حضور طبيب للكشف على ابنته