باعتباري من المهتمات بحقوق المرأة، أجدني حين أطرح قضية تخصها يقولون لي لابد وأن تتناولي طريقة تفكير المرأة ذاتها في قضياها، وأن تبحثي وراء ما يقال عنه "إن السبب في ضياع المرأة هو المرأة ذاتها"!
فمن الذي ربى المتحرش والمغتصب والذي يقوم بالعنف ضد المرأة؟ ومن الذي ربى الرجل على ثقافة "الرجل لا يعيبه شيء ولكن المرأة أقل شيء يعيبها"؟ وحين نتكلم عن التحرش أو الختان أو العنف الأسري، أو أي قضية ساخنة أخرى، نجد الرد المنتشر "لابد أن نستهدف المرأة بدءا من الجدة وصولا للطفلة، فهن اللواتي أوصلن الأمر للنحو الذي هو عليه، وهن اللواتي يرفضن التغيير"!
لا أنكر أن للمرأة ذاتها يد في انتقاص حقوقها، فهي تصبر على العنف من باب "الأصول والعيب"، وتصبر على التحرش من باب "الاحترام"، وتصبر على الختان من باب "الطهارة"، لكن ألم يسأل أحدكم نفسه ما الذي أوصلها لذلك؟
ففي رأيي أن الذي أوصلها لإنكار حقوقها هو الجهل وسطوة المجتمع، ولتسمحوا لي أن أقول إن الجهل بالحقوق قد وصل أشده، خاصة في المجتمعات النائية والعشوائية، بالإضافة إلى الصعيد والدلتا، رغم كل حملات التوعية والتنوير، إلا أن هناك بعض المناطق التي لا تزال تعتبر المرأة عورة، ويجب أن تدفن كي لا تجلب العار لأسرتها.
والمجتمع رغم كل حملات تحرير المرأة ومنحها حقوقها، إلا أنه لم يمنح تلك الحقوق لكافة السيدات والبنات به، فمن عرفت حقوقها جاهدت من أجل الحصول عليها، وقد تنالها كلها أو جزء منها، أو رجعت بكفي حنين إلى مكان ما بدأت.
هذ بالإضافة إلى ضيق خيارات المرأة، والتي في كثير من الأحيان لا تجد من ضمنها تغيير ثقافة المجتمع المناهضة للمرأة.
فمن ناحيتي أرى أن الحل باستهداف الاثنين معا: المرأة ذاتها والمجتمع المحيط بها، بدءا من أبيها وأخيها وزوجها، مرورا بابنها وحفيدها.