يعتقد البعض أن قادة الإرهاب يفتقدون رؤية استراتيجية تخدم أهدافهم فى تنفيذ ما يسمونه «الجهاد لنصرة الإسلام» وأنهم يفتقدون مهارة التفرقة بين العدو والصديق ولا يملكون تصورات محددة لبناء تحالفاتهم، والحقيقة أن قادة الإرهاب يملكون رؤية متكاملة لمعاركهم الدموية تقوم على فكرة إشعال الأرض بين معسكر الكفار وهم كل مخالفيهم سواء من المسلمين أو غير المسلمين وبين معسكر المؤمنين الذى يضم أنصارهم فقط، الدواعش وغيرهم من جماعات الإرهاب يهدفون إلى توسيع مساحة الكراهية بين سكان المجتمعات الأوروبية الأصليين وبين التجمعات المسلمة المهاجرة المتزايدة لتكريس حالة تناقض وصراع تيسر لهم استقطاب المزيد من الشباب الأوروبى المسلم. متابعة عمليات الدهس والطعن والنحر التى تقوم بها الذئاب المنفردة لا تشير إلى أن الهدف هو قتل «المسيحيين الكفار» وفقاً لتوصيفاتهم، فعمليات الدهس يستحيل أن تفرق بين أبناء الديانات المختلفة وتلتقط المسيحيين فقط، الشاهد أن الهدف الرئيسى من وراء تلك العمليات ليس إسقاط دولة أو تهديد الأمن القومى للدولة أو إرغامها على اتباع سياسات محددة تجاه تنظيمات الإرهاب، إنما الهدف الأساسى هو تكريس مشاعر الغضب والكراهية تجاه المسلمين عامة والمسلمين الأوروبيين خاصة لتأجيج الصراع الدموى وإشعال حرب دينية، قادة الإرهاب يزعجهم جداً تقليص مساحات الخلاف بين البشر والتقارب الحاصل بين الشرق والغرب، وهم يحاربون كل مبادرات الحوار والتقارب ويتهمون القائمين عليها بأشد الاتهامات، لأنهم يعلمون أن الكراهية والتعصب هى أهم عناصر دعم الإرهاب، البعض يتوقع أن تؤدى عمليات داعش وجماعات الإرهاب إلى تهيئة مناخ متعصب فى المجتمعات الأوروبية ضد المسلمين عامة والعرب خاصة، خصوصاً مع تصاعد نفوذ اليمين الأوروبى والخطابات الداعية لتبنى سياسات أمنية أكثر تشدداً، اعتقادى أن بعض ردود الفعل المتطرفة فى بعض البلدان الأوروبية مثل دهس مسلمين فى لندن أثناء خروجهم من أداء الصلاة بأحد المساجد، أو جماعات النازية التى ضبطتها الشرطة البريطانية، كل هذه التحركات ردود فعل طبيعية وتعكس نجاح جماعات الإرهاب الدواعش وغيرهم فى استثارة المجتمع لتنظيم عمليات انتقامية، وهى عمليات فى حال تكرارها ستعكس نجاح استراتيجية الإرهابيين فى تفجير صراع دموى بين المسلمين والمسيحيين بشكل عام وستفشل كل جهود الحوار.
وعلى الرغم من بدء تصاعد خطاب يحذر من التيسيرات والتسهيلات التى تمنحها دول أوروبية عديدة لقادة جماعات إرهابية تحت زعم أنها جماعات سياسية معارضة، إلا أنه من الصعب تخيل حدوث تحول سريع فى الموقف تجاه هذه الجماعات، المشكلة أن أوروبا اخترعت لنا قصة «إدماج الإسلاميين فى الحكم» وهم - أوروبا- يفتقدون فهماً حقيقياً وعميقاً للعلاقة العضوية بين كل هذه التنظيمات بالعنف والإرهاب، وأن حديث «الاندماج» حديث نظرى وهمى لا يمت بأى صلة لحقوق الإنسان ولا بإمكانية التحقق عملياً، روى لى صديق ملاحظة جد كوميدية قال لى إن الفايد عاش أكثر من ثلاثين عاماً فى بريطانيا وأصبح من كبار رجال الأعمال والمال وعجز عن الحصول على الجنسية البريطانية، بينما الإرهابى عبدالرحمن عز الصادر ضده حكم بالإدانة موثق بالأدلة والشهادات والصور حصل على جواز سفر بريطانى أو وثيقة أو ما شابه، رغم أنه لا يتكلم الإنجليزية، ولا يعرف بالضبط أين استاد ويمبلى أو ساعة بج بن.
على الهامش: رحم الله المناضل الدكتور رفعت السعيد رمزاً من رموز الوطنية المصرية وأول من نبه لخطر جماعة الإرهاب وصاحب مقولة «الإسلام السياسى» وتحمل الكثير جراء جهوده الدؤوب لحماية الوطن من خطر الجماعة الإرهابية.