ماجد فهمى: البنوك تتعامل مع السياسيين بحذر.. وعلاقة الرئيس برجال الأعمال الإخوان لن تمنحهم أولوية الاقتراض
أكد ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات، فى حوار مع «الوطن»، أن مؤشرات أداء الدكتور محمد مرسى المبدئية جيدة وسينعكس استمراره فى الاتجاه نفسه وتنفيذ خطته لإعادة الأمن وخلق مناخ سياسى مستقر على القطاع الاقتصادى بشكل إيجابى، متوقعا تعافى الاقتصاد بالكامل خلال العام المقبل.
وأضاف أن البنوك لن تمنح رجال الأعمال الإخوان قروضاً سياسية نظرا لعلاقتهم بالرئيس، وأن منح الائتمان مبنى على أسس وقواعد يراقبها البنك المركزى، مشددا على استقلالية البنك المركزى وعدم تدخل الأحزاب فى تشكيل مجالس إدارات البنوك الحكومية خلال الفترة المقبلة نظرا للتأثير السلبى للتدخل السياسى فى العمل المصرفى على صناعة القرار، وأكد فهمى أن البنك المركزى لن يخضع لأى ضغوط سياسية، وأن اتخاذ القرارات يجب أن يصب فى صالح الدولة واقتصادها الوطنى.
وشدد على أهمية تأسيس دستور قوى يضع النقاط على الحروف ويحدد الأدوار ويدعم ركائز دولة المؤسسات بما يسهم فى تهيئة المناخ لتوافد الاستثمارات على مصر وتحقيق معدلات نمو غير مسبوقة خلال فترة وجيزة، معربا عن عدم قلقه من صعود التيار الإسلامى إلى الحكم.
ويعد فهمى أول قبطى يتولى رئاسة مجلس إدارة بنك حكومى أنشئ بقانون خاص لتمويل الصادرات تمتلك الدولة 75% من أسهمه عبر 3 بنوك هى «الاستثمار القومى» و«الأهلى المصرى» و«مصر».
وأكد أنه لم يشعر بالاضطهاد إطلاقا على مدار عمله بالقطاع المصرفى خلال العقود الماضية، لأنه قبطى، حيث شغل مناصب قيادية فى الإدارات التنفيذية قبل رئاسته لبنك تنمية الصادرات.
* هل تعتقد أن يعزز فوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية نشاط البنوك الإسلامية خلال الفترة المقبلة، وهل تتوقع تحولا كاملا إلى تقديم الخدمات المتوافقة مع الشريعة؟
فهمى: أرى أنه سيتم تشجيع «المصرفية الإسلامية» مقارنة بالوضع السابق، وقد تتجه بعض البنوك التقليدية لتقديم تلك المنتجات، لكن لا أتوقع تحولا كاملا لأنه لم يحدث من قبل فى أى مكان بالعالم تحول كامل إلى العمل المصرفى المتوافق مع الشريعة حتى فى المملكة العربية السعودية أو دول الخليج أو غيرها، فلا يوجد نظام مصرفى إسلامى فقط، وأعتقد أن خدمات التمويل الإسلامى لا تتجاوز نسبة تتراوح بين 28% و30% من المعاملات المصرفية بصفة عامة.
* لماذا لا ترى أن التحول الكامل غير وارد؟
فهمى: صعب جدا تغيير تعاملات مواطنين استمرت مع البنوك لسنوات طويلة فى يوم وليلة خاصة أن حجم المعاملات الإسلامية فى مصر يقل عن 5% من حجم الجهاز المصرفى، رغم أن هناك بنوكا إسلامية بالكامل وبنوكا تقليدية تقدم الخدمات نفسها ولم نرَ الفترة الماضية نموا كبيرا فى هذا النشاط، وبالتالى فإن الطلب على تلك المعاملات لم ينمُ بسرعة تتطلب المزيد من البنوك الإسلامية؛ لذا فإن الطلب نفسه على المنتج لا يقود إلى تغيير أو تحول نحو العمل المصرفى المتوافق مع الشريعة الإسلامية أو طرح رخص جديدة.
* ماذا تحتاج البنوك الإسلامية لتتهيأ للنمو.. وهل تتوقع أن نموها سيكون على حساب البنوك التقليدية التجارية؟
فهمى: البنوك الإسلامية فى مصر تحتاج الكثير لتنمو بشكل أفضل، من بناء كوادر وتأهيل المصرفيين من خلال دورات تدريبية مكثفة وبشكل دورى ليس فقط داخل البنوك لكن داخل البنك المركزى أيضاً لأنه الرقيب، بالإضافة إلى تطوير البنية الأساسية وتعديلات فى التشريعات والقوانين بما يسمح لها بالنمو، ودون أن يأتى ذلك على حساب آليات عمل وقوانين البنوك التقليدية.
وفيما يخص الجزء الآخر من سؤالك أرى أن البنوك الإسلامية ستحاول فى البداية استقطاب عملاء من البنوك التجارية لكن قدرتها على تحقيق ذلك لن تكون كبيرة، وبالتالى لا أتوقع أن تنمو على حساب البنوك التقليدية.
* ما دلائلك على أنها لن تستطيع سحب البساط من تحت أقدام البنوك التقليدية؟
فهمى: «الناس اتعودت تحط فلوسها فى البنوك وتاخد فائدة ومش هيغيروا ده لأن عندهم فتاوى من مؤسسات دينية كبرى فى مصر أحلت تعاملات البنوك التقليدية فمفيش حاجة إلى التغيير»، وبالتالى لن يهجر العملاء من البنوك التقليدية إلى الإسلامية، كما أن الأمور مرتبطة بالبقاء للأكفأ وما تعود الناس عليه، غير أن النظام المصرفى القائم أثبت نجاحه وصلاحيته طوال السنوات الماضية، وهذا لا يعنى عدم طرح منتجات إسلامية، بالعكس فوجود تلك المنتجات ضرورى للمستهلك وكذلك كل المنتجات لتلبية حاجات جميع المواطنين، لكن السؤال «لماذا الإصرار على التغيير؟».
* هل تعتقد أن عدم تحول العملاء إلى البنوك الإسلامية بسبب ضعف ثقافتهم بها أيضاً؟
فهمى: ضعف ثقافة بالبنوك الإسلامية وعدم تعود عليها أيضاً بخلاف أن استقطاب العميل من بنك تقليدى لا بد أن تكون لديه حاجة مقنعة للتغيير وأن يذهب بأمواله إلى البنك الإسلامى.. والاستقطاب يأتى بطريقتين: الأولى هى أن تحدد له عائدا أعلى على أمواله وهو ما لا يمكن تحديده مسبقا وفقا للبنوك الإسلامية.. السبب الثانى وهو الوازع الدينى وهو الآخر أصبح غير موجود نظرا للفتاوى التى أكدت أن البنوك التقليدية حلال، وبالتالى مفيش أى دافع للتحول.
* خلال الفترة الماضية طلبت عدة بنوك رخصا إسلامية إلا أن البنك المركزى المصرى قال إن لدينا ما يكفى ولا نرى حاجة لرخص جديدة.. فهل تعتقد أن الأمور تغيرت بصعود التيار الإسلامى وسيطرح المركزى رخصا جديدة مستقبلا؟
فهمى: أرى أن المركزى قراراته فنية مهنية والدوافع لها تخدم الصالح العام بما يحمى سلامة الجهاز المصرفى، وأستطيع أن أؤكد أن البنك المركزى لن يرضخ لضغوط سياسية أو أن يتخذ قرارات بدوافع سياسية دون حاجة السوق فعلا إليها فهذا غير وارد بالمرة، فالشخصيات الموجودة فى البنك المركزى وعلى رأسها المحافظ لا ترضخ لذلك وهو ما اتضح خلال الفترات الماضية.
وأود أن أؤكد أن القرار السياسى لا بد أن يصب فى مصلحة الجهاز المصرفى والاقتصاد، وبالتالى أى تغيير يجب أن يكون لصالح الدولة، ويجب دراسة الأمور أولا قبل اتخاذ القرارات.
* يتبنى الدكتور محمد مرسى «مشروع النهضة».. فما دور البنوك فى هذا المشروع إن تم إقراره كمشروع الدولة الاقتصادى؟
فهمى: البنوك تعمل فى إطار قوانين تنظم عملها وهناك رقيب يتابع أداءها ونعمل دائما فى إطار أنظمة محلية وعالمية، وأى عملية تنمية تحدث فى العالم تحتاج إلى العمل المصرفى فالدور المصرفى مهم فى التمويل وتأسيس الشركات فهذا هو دور البنوك تجاه المجتمع، فى ظل اقتصاد ناشئ وأنظمة لا بد من الالتزام بها.
* فى ظل برنامج ذى طابع إسلامى هل ترى أن للبنوك التجارية التقليدية دورا فى تنفيذه؟
فهمى: فى النهاية المشروع الإسلامى له توجه تنموى وبالتالى سيكون للبنوك دور بغض النظر عن صبغة المشروع لأن البنوك تقوم بدورها تجاه اقتصاد الدولة من ناحية، ولأنه مشروع أيضاً يهدف إلى تنمية الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو اقتصادية من ناحية أخرى.
* كيف يمكن تطبيق مشروع النهضة ووضعه حيز التنفيذ؟
فهمى: بالطبع لا بد من طرحه للنقاش لكل من له خبرة فى هذا المجال من داخل المجتمع وبعد الاتفاق عليه ووضع آليات محددة لتنفيذه كمشروع يصلح من أحوال البلد يجب بعدها التفاعل مع كل القطاعات التنفيذية وشرح آليات تنفيذه.[Quote_2]
* كأحد المصرفيين ماذا تطلب من رئيس الدولة أن يضعه على رأس أولوياته خلال الفترة الحالية؟
فهمى: مطلبى أن يعود الأمن «رقم واحد»؛ فالمواطن يجب أن يشعر بالأمن والأمان فى الشارع وفى بيته وهو ما سيترتب عليه رجوع السياحة والاستثمارات أيضاً نظرا لأن كل من يعمل فى مصر سيأمن على استثماراته، أما المطلب الثانى فهو خلق مناخ سياسى مستقر وطمأنة المجتمع المحلى والدولى على استقرار الأوضاع فى مصر.
أما عن حل القضايا الاقتصادية فيجب أن يتم بجذب استثمارات وإقامة مشروعات جديدة واستغلال موارد الدولة أمثل استغلال، ولأن الحكومة لن تستطيع حل كل المشكلات سواء البطالة أو غيرها وحدها، لذا فإن جذب المستثمرين وتهيئة المناخ لهم سينعكس على المواطن والدولة إيجابيا وبالتالى فإن الأمن والاستقرار السياسى هما الأساس الذى سيدفع كل ذلك إلى النمو.
أعتقد أن عودة الأمن مطلب يتحقق فى المدى القصير.. فماذا عن المطالب طويلة الأجل؟
فهمى: ما سبق 25 يناير لن يتكرر وبالتالى فإن ما شهدته مصر على مر العقود الماضية من فكرة قيام الدولة بصفة أساسية على رئيس الدولة الذى تمتلك يده كل السلطات لن يحدث مرة أخرى، لذا فأن الانطلاق سيتم من دستور قوى يضع ركائز الدولة المدنية القائمة على المؤسسات ولا تتلخص فى شخص الرئيس، هذا هو أهم المطالب طويلة الأجل، لتحقيق دولة مؤسسات قوية يصونها الدستور.
* هل تعتقد تحول مصر إلى دولة دينية سواء فى المدى القريب أو البعيد؟
فهمى: لا أعتقد ذلك لأن الشخصية المصرية وتاريخ الدولة وحضارتها لا تصب فى اتجاه ذلك التحول.
* البعض يتحدث عما يخيف المستثمرين المصريين أو العرب والأجانب من صعود التيار الإسلامى.. فهل ترى ذلك واقعياً؟
فهمى: لا أرى أن هناك ما يخيف لأن المؤشرات المبدئية إيجابية؛ فكل رسائل الرئيس المنتخب مطمئنة بالإضافة إلى تقبل المجتمع الدولى له، وإذا ما لعب الرئيس دوره المنوط به والذى يتطلع إليه الشعب ستسير الأمور إلى الأفضل، لكن فى النهاية مع وجود دستور لن تُقلق أحدا ميول الرئيس طالما تم تفعيل دولة المؤسسات وطالما كان ينظم عملها دستور قوى يرضى كل الأطياف ويضع النقاط على الحروف.
* الكثير يرى أن المجلس العسكرى أخطأ فى إدارة الدولة أثناء الفترة الانتقالية.. فما تعليقك؟
فهمى: الخطأ دائما وارد فى كل شىء وما حدث من أخطاء أثناء الفترة الانتقالية قليل مقارنة بالدول المجاورة التى انهارت مؤسساتها خاصة أنه ليس من أهل العمل السياسى وبالتالى فإنه يمكن الحكم على المجلس العسكرى بالنجاح فى إدارة المرحلة الانتقالية بأقل الخسائر حتى انتخاب الرئيس وتسليمه السلطة فى موعدها، دون الانحراف بها إلى كوارث.
* فى ضوء الاتجاه إلى تشكيل حكومة جديدة مستقرة.. ماذا تعنى لك تلك الحكومة؟
فهمى: تعنى الكثير، فهى ترسٌ مهم فى المنظومة كلها، تلك الحكومة المستقرة معناها أن تقوم الوزارات والمؤسسات بدورها على أكمل وجه ورجوع الاستثمارات وأن تعود البنوك للعب دورها التمويلى بشكل أفضل فى ظل وجود متخذ قرار وبالتالى تدور عجلة الاقتصاد مرة أخرى.
* هل هناك مطالب محددة ترى أن الحكومة تقوم عليها فى الفترة الأولى؟
فهمى: المطلوب من الحكومة هو المطلوب من رئيس الدولة وهو المطلوب من الجميع فى المرحلة الحالية والمقبلة، لكننى أرى أن قائمة الأولويات يجب أن يعتليها التعليم والصحة لأنهما مستقبل أى دولة ونجاحها لأن المصرى أصيب فى صحته على مدار السنوات الماضية حتى أصبح 22% من الشعب مصابا بفيروس سى.. فالنظام الطبى سيئ جدا، ولأن عملية البناء تبدأ من التعليم والصحة، ولأنها تحتاج إلى وقت، فيجب البدء فورا.[Quote_3]
* هل ترى أن الاقتصاد المصرى تجاوز مرحلة الخطر أم أن هناك مؤشرات تشير إلى مزيد من النزيف؟
فهمى: أرى أن الاقتصاد المصرى، وفقا للمؤشرات المبدئية الأولية، إيجابى؛ والدليل على ذلك ارتفاع البورصة والارتفاع النسبى فى الحجوزات السياحية الوافدة، وستتجه مؤسسات التصنيف الدولية لرفع الجدارة الائتمانية للدولة والبنوك العاملة فيها.
* من وجهة نظرك ما أكثر شرائح المجتمع وطبقاته تأثرا بالمرحلة الانتقالية؟
فهمى: الجميع تأثر بالمرحلة الانتقالية لكن محدود الدخل «الغلبان» هو من دفع فاتورة تلك المرحلة من قوت يومه، فنحن دولة تعدادها 90 مليونا وإذا طالت الفترة الانتقالية سيكون من الشاق تحملها، وعندى قناعة شخصية إذا بدأت البناء من اليوم سيتعافى الاقتصاد تماما خلال عام.
* كيف يمكن وضع استراتيجية بناء وتنمية الدولة خلال الفترة المقبلة؟
فهمى: أرى أن وضع استراتيجية طويلة الأمد للدولة تعمل عليها كل المؤسسات، حتى لو تغيرت الحكومات أو الرؤساء، مطلب أساسى ويبدأ من الدستور، لأنه يحدد وجهة الدولة وأدوار مؤسساتها، ويشارك فيه فئات مختلفة من سياسيين واقتصاديين معبرين عن كل التوجهات.
«العشوائية انك تعمل حاجة النهارده وتصحى الصبح ييجى واحد تانى يقول الغى اللى فات»؛ لذا فإن التخطيط هو أساس العمل فى أى دولة وإذا كنا نتحدث على مستوى البنوك فهناك استراتيجية واضحة طويلة الأمد ينبثق منها خطط قصيرة ومتوسطة الأجل وهو ما يجب أن يكون بالنسبة للدولة حتى تستطيع تقييم أدائها كل فترة وتحدد نجاحاتها وإخفاقاتها، كما أن الجميع يعمل فى إطارها بشكل محدد وواضح.[Quote_1]
* «مصر هبة النيل» -بحسب المؤرخ اليونانى «هيرودوت»- فكيف يمكن تصورها دون قطاع زراعى واعد؟
فهمى: الأزمة فى مصر فى الإدارة وليست فى الموارد؛ فهى دولة غنية بمواردها ولديها مقومات ليست موجودة فى العالم يتمثل أبرزها فى السياحة والزراعة، فمصر لديها الشواطئ والآثار التى تمثل ثلث آثار العالم تقريبا بالإضافة إلى الآثار الدينية والمناخ والموقع لكن نصيبها من «تورتة» السياحة العالمية أقل بكثير مما تستحقه، وعلى مستوى الزراعة لديها النيل وأرض قابلة للاستصلاح ومناخ ملائم للزراعة طول العام ولا تزال الزراعة لا تمثل شيئا من الناتج القومى الإجمالى، ولديها طاقة بشرية غير مستغلة، لذا فإن الإدارة الجيدة عنصر يوازى الموارد من حيث الأهمية لأنه سيحقق استغلالها بأفضل شكل ممكن، لذا فإن المرحلة المقبلة تحتاج إلى إدارة قوية توظف إمكانات الدولة ومواردها بشكل أفضل.
وأرى أنه يجب الاهتمام بالسياحة على المدى قصير الأجل لأنه مورد حساس جدا يستجيب بسرعة ويهرب بسرعة وهو ما بدأت تشعر به مصر بعد انتخاب الرئيس، فيما يجب وضع استراتيجية طويلة الأجل لتنمية القطاع الزراعى.
هل كان خفض التصنيف الائتمانى للديون السيادية المصرية واقعى أم كان مبالغا فيه؟
فهمى: التخفيض كان بسبب الأحداث السياسية وتبعات الثورة وعدم الاستقرار وبالتالى كان واقعيا، وأتوقع فى الفترة المقبلة أن يتم رفع الجدارة الائتمانية للديون المصرية مرة أخرى قريبا بمجرد زوال أسباب الخفض.
* كيف ترى دور البنك المركزى فى إدارة الجهاز المصرفى للمرحلة الانتقالية؟
فهمى: الجهاز المصرفى تخطى مشكلة الديون المتعثرة التى أصابت القطاع المصرفى بعد حادث الأقصر -الذى دخلت مصر على إثره مرحلة الكساد- والتهمت جزءا كبيرا من القاعدة الرأسمالية للبنوك إلى أن تم دعمها مرة أخرى ولم يفلس أى بنك ولم يضِع مليم واحد على أى مودع فى أى من البنوك المصرية، وذلك خلال المرحلة الأولى للإصلاح المصرفى، أيضاً تخطت البنوك الأزمة المالية العالمية بنجاح رغم انهيار مؤسسات عالمية ضخمة على إثرها، وذلك بفضل الدور الرقابى وعمليات الإصلاح التى تمت خلال السنوات الماضية.
اليوم أزعم أن الجهاز المصرفى المصرى يمكن أن يكون الوحيد الذى «وقف على رجله» وواجه المشاكل دون أن يتأثر أو يقلق أحد على مدخراته لديه، بخلاف أنه استطاع الحفاظ على سوق الصرف ومعدلات التضخم وأسعار السلع من خلال اتباع سياسات نقدية حكيمة.
وبالرغم من كل الأحداث والظروف الصعبة التى تمر بها الدولة أصبح الجهاز المصرفى ثابتا جدا وجميع مدخرات المجتمع لديه آمنة خاصة مع وجود رقابة صارمة وإدارة بحرفية شديدة للسياسة النقدية، فيما لا يزال الجنيه مستقرا ولا يوجد عجز حقيقى فى أى سلعة حتى الآن، «ولو كانت تلك الأحداث فى أى بلد آخر لما استطاعت بنوكه تحقيق تلك النجاحات، وإذا أردنا المقارنة يجب أن ننظر ماذا يحدث إلى دول اليورو من انهيار وتراكم الديون وارتفاع العجز واضطرابات فى أجهزتها المصرفية.[Image_2]
* عندما ينظر الرئيس إلى الجهاز المصرفى.. ماذا تتصور انطباعه عن أدائه؟
فهمى: الرئيس محظوظ بالجهاز المصرفى ولا توجد أى مشكلة فيما يتعلق بالجهاز المصرفى وهو ما أسهم فى تخطى المرحلة الصعبة بنجاح.
* ما تقييمك لدور اتحاد البنوك خلال الفترة الماضية وتحديدا خلال «الانتقالية»؟
فهمى: الاتحاد دوره التنسيق بين البنوك فى عملها والتواصل مع البنك المركزى ومحاولة التدخل لحل قضايا المتعثرين وهو ما قام به على مدار الفترات الماضية.
* ما رأيك فى القرارات الأخيرة للمجلس العسكرى وعلى رأسها الإعلان المكمل؟
فهمى: قراراته سليمة من الناحية السياسية وهذه وجهة نظرى، لأن أحدا لم يكن يعلم إلى أين الاتجاه خلال الفترة المقبلة، وكان لا بد من اتخاذ إجراءات لإحداث توازن إلى أن تظهر الاتجاهات خلال الفترة المقبلة، ورغم أن المؤشرات المبدئية إيجابية للرئيس لكن لا نعلم إلى أين الوجهة فى المستقبل.
* ماذا يجب أن يضعه الدكتور مرسى فى عين الاعتبار «رقم 1» فى ملف الاقتصاد؟
فهمى: خلق مناخ جاذب للاستثمار هو أكبر التحديات فى الفترة المقبلة.
* هل تعتقد تدخل حزب الحرية والعدالة فى ترشيح رؤساء البنوك خلال الفترة القادمة؟
فهمى: بالتركيبة الحالية للجهاز المصرفى، وعلى رأسه البنك المركزى، لا أعتقد أن يتدخل أى من الأحزاب فى اختيار رؤساء البنوك، فالمركزى يتمتع باستقلالية ولن يُفرَض أحد على البنوك دون كفاءة فهذا هو المعيار، والترشيحات تتم بناء على الكفاءة وهناك أجهزة رقابية تقوم بدورها فى هذا الشأن والدكتور فاروق العقدة ليس بالرجل الذى يستجيب لضغوط سياسية.
* هل ترى أن يطرق رجال الأعمال الإخوان أبواب البنوك للحصول على التمويل انطلاقا من علاقاتهم بالرئيس؟
فهمى: بالطبع لن يحدث هذا فلكل بنك سياسته فى منح الائتمان، والشخصيات التى لها ثقل سياسى تتعامل معهم البنوك بحذر نظرا لأن المخاطر السياسية تحيط به بشكل قوى، فليس من الوارد أن يتم منح الائتمان بضغوط سياسية فاليوم هناك رقابة صارمة تستطيع التعامل مع تلك المواقف وحسمها.
* على صعيد البنك المصرى لتنمية الصادرات.. نريد أن نطلع على أهم خططكم المستقبلية؟
فهمى: أولا أريد أن أوضح أن البنك أنشئ ليكون بنك الدولة للتصدير وبدأ بعمله لدعم الصادرات من خلال منح قروض بفائدة ميسرة حتى سحبت منه تلك الصلاحية مع تغيير سياسة الدولة فى هذا الشأن وتم تأسيس صندوق دعم الصادرات ليتولى تلك المسألة.
ونعمل حاليا على تنفيذ استراتيجية من شأنها بناء بنك شامل وأنجزنا منها الجزء الأكبر المتمثل فى بناء البنية التحتية وتطوير نظم المعلومات وتدريب الموظفين.
* ماذا يتبقى لكم للتحول إلى بنك شامل؟
فهمى: نقدم حاليا جميع المنتجات المصرفية ولم يتبقّ لنا إلا تقديم خدمات تمويل الأفراد «التجزئة المصرفية»، وهذا يحتاج إلى زيادة عدد الفروع والانتشار فى أنحاء الجمهورية وهو ما بدأنا به بالفعل حيث من المرتقب فتح 3 فروع جديدة قبل نهاية العام الجارى واستكمال عملية بناء الفروع والتوسع الجغرافى بفتح 10 فروع جديدة خلال العام المقبل، وندرس حاليا تقديم عدد من منتجات تمويل الأفراد خلال الفترة القريبة المقبلة.
* فى ضوء الاتجاه إلى الصيرفة الإسلامية.. هل تنوى تقديم منتجات التمويل المتوافقة مع الشريعة؟
فهمى: بالطبع إذا وجدنا طلبا من قبل العملاء سنوفر تلك الخدمات؛ فنحن بنك يهدف إلى الربح وتلبية متطلبات العملاء فى الوقت نفسه.
* كيف يدير البنك الأصول العقارية التى آلت ملكيتها إليه من خلال تسويات ديون المتعثرين؟
فهمى: قمنا مؤخرا بتأسيس شركة المصرى للاستثمارات العقارية برأسمال 387 مليونا تدير قطعة أرض مساحتها 17 ألف متر فى مدينة نصر قيمتها 385 مليون جنيه حاليا ونتوقع أن تديرها بشكل جيد وتحقق أرباحا جيدة.