3 حكايات لفتيات بلغن «الأربعين» دون زواج: يعنى اللى اتجوزوا خدوا إيه؟!
صورة تعبيرية
ليلة ثقيلة مرت ساعاتها بالكاد، تفتحت عيناها على صباح يوم جديد فعادت الأفكار تتزاحم فى ذهنها المثقل بالصداع. مدت يدها والتقطت علبة السجائر، ألقمت فمها واحدة كرضيع جائع متلهف على ثدى أمه، زفرت دخان سيجارتها الأولى وكتبت فى منتصف صفحة بيضاء «20/ 5/2017 اليوم الأول من العام الأربعين».
سنوات عمرها تسربت من بين يديها، لا شىء تغير سوى شعيرات بيضاء تختفى بين الشعر الكثيف الأجعد وهالات سوداء تظهر بوضوح حول عينيها، أما البيت فما زال هادئاً ساكناً كجسدها البكر. نفضت «دعاء» غطاءها كمن ينفض تراباً تراكم لسنوات. ارتدت تنورة قصيرة تكشف عن ساقين مشدودتين كوترين. أسدلت شعرها على كتفيها وانطلقت لتبدأ يوماً جديداً فى عام آخر بلا رَجُل: «مش حاسة إن فيه حاجة ناقصانى، بالعكس شايفة حياتى أهدأ بكتير من حياة صحابى المتجوزين، لا عيال تزن ولا زوج طلباته كتير، ولا حد يقول لى اقلعى والبسى على مزاجه، أنا عايشة ملكة نفسى».. بثقة تتحدث صاحبة الأربعين عاماً عن حالة الرضا التى تعيشها. يحلو لها نظام حياتها رغم رتابته أحياناً. يعجبها قوامها الرشيق الذى لم يفسده «حمل» ولم تشوهه «ولادة». تحب ملابسها المهندمة وأشياءها المنظمة: «اتعودت على الوحدة والهدوء والنظام، عايشة بمزاج وحرية وأى حاجة تعجبنى أعملها دون تردد». كثيراً ما تجد نفسها فى مواجهة السؤال الشهير: «هنفرح بيكى إمتى؟». تود لو تملك الجرأة للرد بأسلوب حاد يقطع لسان صاحب السؤال المستفز الذى يلاحق العوانس: «أنا بطلت أحضر أى مناسبات عائلية عشان ماشوفش واحدة بتمصمص شفايفها وتقول لى هما الرجالة اتعموا فى عينيهم ومش شايفين الجمال ده؟». تضحك حتى تدمع عيناها وهى تتذكر كيف كانت تتأثر لدرجة البكاء عندما تسمع عن زواج فتاة فى العائلة تصغرها فى السن: «كنت عبيطة بشكل!. وكل اللى اتضايقت عشان اتجوزوا وهما أصغر منى اتطلقوا أو عايشين حياتهم عشان ولادهم بس، بعد ما فقدوا شغف الحياة بسبب الضغوط اللى محاصراهم». لا تكذّب نفسها وتدعى أنها لم تفكر يوماً فى الزواج والإنجاب كأى فتاة، فالحلم ظل يراودها إما لاحتياج عاطفى أو لإرضاء والدتها التى كانت تلح عليها كثيراً، لكنها لم تفلح فى أى من العلاقات التى دخلت فيها: «للأسف قابلت نماذج صعبة لرجالة مستحيل أستحمل أعيش معاهم شهر على بعضه. الحمد لله أنا حالى كده أفضل بكتير».
الأولى تعيش حرة.. الثانية تراه خيراً.. الثالثة وهبت نفسها لأبناء شقيقتها
«عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم».. تأتى الكلمات السماوية المقدسة لتذكّر «نور» بأن تأخرها فى الزواج نعمة اختصها بها الله من بين بنات عائلتها الموقرة، فهى الوحيدة بينهن التى لم يحالفها الحظ بالزواج رغم كثرة الشباب الذين كانوا يترددون على منزل والدها لطلب يدها: «مش المثل بيقول من كتر خطّابها بارت!». تشتهر بين زملائها فى العمل بخفة ظل تأسر القلوب. لا تتوقف عن الضحك حتى فى ذروة العمل وشدة إنهاكه، أحياناً كثيرة يكون تأخر زواجها مادة للتندر بينها وبين زملائها فى العمل: «محدش واخد من النكد حاجة، أنا سعيت وعملت اللى عليا ومفيش علاقة حب ربطتنى بحد استمرت.. تقريباً أنا اللى فقرية».
وصلت «نور» إلى العقد الرابع من عمرها. تسكن فى شقة مستقلة فى عقار خاص بعائلتها، تعيش فيها بمفردها بعد وفاة والديها، أعلاها شقة شقيقها الأكبر، وأسفلها يسكن الشقيق الأصغر، الذى -بحكم سلو العائلة- أجّل زواجه لحين زواج شقيقته الكبرى، لكنه لم يقدر على الصبر طويلاً. ومع بلوغه الثلاثين اتخذ قراره بالزواج: «أنا اللى قلت له اتجوز عشان لو ما اتجوزتش هتستنى كتير». تضحك بملء فمها. تحمر وجنتاها. تمسح الدموع التى ترافق ضحكها، وبعد فترة من الصمت والشرود تقول: «أنا الوحيدة فى العيلة اللى حصل معايا كده، متعرفيش ليه!. طول عمرى شايفة نفسى حلوة، وطول بعرض وبشتغل فى مجال كويس بمرتب مجزى، عشان كده بقول إنه خير. ربنا مبيعملش حاجة وحشة، يمكن لو اتجوزت مكنتش هبقى سعيدة ولا مستقرة زى دلوقتى». التصالح مع النفس أهم ما يميز «إيمان». فعلى أعتاب الأربعين تخلت عن حلمها فى الزواج عن طيب خاطر، فكم من السنوات ستنتظر؟. فات أوان الزواج. طابت الثمرة حتى ارتخى قوامها وسقطت من فرع الشجرة ولم يعد أحد يلتفت لها. وهبت حياتها لأبناء شقيقتها الصغرى، التى تزوجت فى سن مبكرة ورزقت بأربعة أبناء: «ولاد أختى عوضونى عن كل حاجة، معنديش وقت أفكر فى حاجة غيرهم، أختى بتشتغل موظفة وبتسيبهم لى من الصبح لحد 3 العصر، ما هى متقدرش على مصاريف الحضانات اللى هتاخد كل مرتبها».