سياسى كردى لـ«الوطن»: أى تصعيد عسكرى ضدنا ستدفع الحكومة العراقية ثمنه
المحلل السياسى الكردى محمد زانكان
أكد المحلل السياسى الكردى محمد زانكان، أن أى محاولة للتصعيد ضد إقليم كردستان العراق من قِبَل حكومة «بغداد» بعد إجراء الاستفتاء على حق الأكراد فى الاستقلال، سيكون محاولة تتحمّل الحكومة العراقية ثمنها، مشيراً إلى أن وفوداً كردية ستتوجّه إلى تركيا وعدة دول أوروبية لإقناعهم بأحقية الأكراد فى الاستفتاء وبوجهة النظر الكردية. وقال «زانكان»، فى حوار لـ«الوطن»، إن تهديدات «العبادى» لم تعد مقبولة، خصوصاً أن أى كردى يرى أرضه يتم الاعتداء عليها سيتحول إلى مقاتل فى قوات «البشمركة» ليدافع عنها. وإلى نص الحوار:
فى البداية، كيف ترى رد الفعل العراقى الرسمى على إجراء الاستفتاء؟
- أولاً لا بد أن ندرك جميعاً أن السحر انقلب على الساحر، فالسياسيون فى بغداد يعيشون الآن حالة هيستيريا غير طبيعية، وهذا ما تسبّب فى نجاح الاستفتاء، خصوصاً بعد أن نجح الأكراد فى إفشال مخطط قاسم سليمان، بعدما أعلن مصدر مقرب من حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى أن «سليمانى» زار كردستان سراً وأبلغ قيادات الاتحاد المقرّبة من «طهران» بأن إيران منعت حتى الآن تدخّل «الحشد الشعبى» فى كركوك وإنها لن توقف «الحشد» إذا نفذ هجوماً على كردستان.
محمد زانكان: لو حلت حكومة «بغداد» المشكلات المالية مع «كردستان» لتأجل الاستفتاء 5 سنوات على الأقل
وكيف ترى تهديدات رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى قبل وبعد الاستفتاء؟
- تهديدات «العبادى» غير مقبولة قلباً وقالباً، وهى تصريحات وأسلوب بعيد تماماً عن الأخلاق السياسية، وهذه التصريحات فى الأساس هى السبب وراء انعدام ثقة الشعب الكردى فى أى حكومة عراقية، خصوصاً أن قادة العراق سبق أن هدّدوا باجتياح مناطق كردستان، كما أن حكومة رئيس الوزراء السابق نورى المالكى قطعت جزءاً من الميزانية المخصّصة للإقليم دون أى سبب. بشكل عام، أرى تصريحات «العبادى» خاطئة تؤثر على سمعة الحكومة العراقية بالدرجة الأولى، كما أنه يضع المنطقة فى صراع عسكرى ومذابح غير معقولة، لأن الكردى لن يصمت على الاعتداء على أرضه وأهله. تصريحات «العبادى» ما هى إلا ترضية لجماهيره وللاستهلاك الإعلامى.
انتهى الاستفتاء، فهل ستحاولون إقناع الدول الرافضة له بما جرى، خصوصاً مع رفض تركيا وإيران والدول الأوروبية؟
- بعد أن انتهى الاستفتاء، سيتم تجهيز وفود ستذهب إلى تركيا ووفود أخرى إلى أوروبا ودول أخرى، لشرح وجهة نظرنا بشأن الاستفتاء والبناء عليه للمرحلة المقبلة. واللافت أيضاً أن وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون طلب من رئيس الإقليم مسعود بارزانى الاهتمام بالوضع الأمنى خلال الاستفتاء وتجنّب إثارة ردود فعل عنيفة، وهو ما يعنى أن أمريكا أصبحت أكثر قبولاً للاستفتاء باعتباره أمراً واقعاً.
وماذا عن السيناريوهات المتوقعة لما بعد إعلان نتائج الاستفتاء؟
- لنتفق على أمر واحد، وهو أنه لن يكون هناك إعلان لقيام الدولة الكردية على الفور، فهذه المسألة ليست بالأمر الهيّن. نحن الآن لدينا الأرض ونمتلكها، ولدينا الأساس المطلوب الذى تقوم عليه الدولة، لكن ليست لدينا الملكية، لذلك كنا فى حاجة إلى إجراء الاستفتاء.. حتى تكون لدينا الملكية.. والملكية هنا هى رأى الشعب الذى يعيش على الأرض. الآن وقد أصبحنا نمتلك قرار الشعب وضمنا رغبة الأكراد فى الاستقلال، باتت مسألة إقامة الدولة أمراً سهلاً.
سنزور تركيا ودولاً أوروبية لإقناعهم بوجهة نظرنا.. والاستفتاء لا يعنى إقامة الدولة فوراً
لكن هل تعتقد أن الوقت كان مناسباً لإجراء الاستفتاء فى هذه المرحلة؟ ألم يكن الأفضل الانتظار لانتهاء المعارك ضد «داعش»؟
- بالطبع لا، فقد كان من المفترض أن يجرى الاستفتاء قبل عامين، وتحديداً فى نهاية عام 2015، لكن الهجمات الشرسة من تنظيم داعش الإرهابى، وقطع الحكومة العراقية التمويل عن إقليم كردستان، كانا القشة الأخيرة التى كانت تربطنا بحكومة بغداد، لكن الآن صارت هناك أزمة ثقة كبيرة بيننا، وهناك شرخ فى العلاقات لم يعد ممكناً معه العيش المشترك بيننا. ومع ذلك، سيكون هناك تنسيق عسكرى بين الجيش العراقى وقوات البشمركة الكردية، وسيستمر بشكل طبيعى كما هو الحال بين بعض الدول الأوروبية وبعض الدول العربية أيضاً، مثل القوات الخليجية التى تتعاون معاً، وهكذا.
وعلى هذا الأساس، فإن تنسيقنا العسكرى مع الجيش العراقى فى معارك مواجهة «داعش» مستمرة كما هى، خصوصاً أن هذا التنسيق كان سبباً فى الانتصارات التى حقّقها الجيش العراقى، ولولا وجود قوات البشمركة فى معركة «الموصل» لما تحقق أى انتصار على أرض الواقع. وأعتقد أن القيادة الكردستانية مستمرة فى التزاماتها العسكرية التى وقعتها، وهى تحالفات تتم بشكل مستقل عن الحكومة العراقية، ويتم توقيعها مع الجيش العراقى بشكل مستقل تماماً.
والسؤال الآن، لو كنا أجلنا عملية الاستفتاء، فما الضمانات التى كانت حكومة بغداد ستمنحها لنا؟ حكومة «العبادى» تعيش أزمة ثقة عالمياً الآن، كما أن ثلث العراق محتل، فلماذا لا تبادر تلك الحكومة بحل المشكلات المالية مع إقليم كردستان؟ لو كان «العبادى» حلها لما كنا لجأنا إلى الاستفتاء حالياً، ولكان تأجل إلى ما لا يقل عن 5 سنوات رغم حق الأكراد فى تقرير مصيرهم. لكن التعامل الذى أبدته حكومة بغداد معنا جعلنا نؤمن بأن أى تأجيل للاستفتاء أو تقاعس سيدفع الحكومة العراقية إلى المزيد من القوة، وحكومة إقليم كردستان إلى المزيد من الضعف. لو تراجع «بارزانى» لكانت حكومة «بغداد» استمالت المزيد من الأحزاب الكردية، لتُكرر من جديد نفس تصرفات صدام حسين فى التعامل معنا. وأعتقد أن القيادة الكردية تأخرت كثيراً فى إعلان هذه المسألة، وكل ما نرغب فيه الآن أن تكون هناك حكومة ناضجة فى بغداد للتعاون معنا والقبول بالعيش بسلام معنا كدولتين جارتين.
لكن ألا تخشون رد الفعل فى «بغداد»، خصوصاً بعد التعزيزات العسكرية للجيش العراقى فى المناطق المتنازَع عليها؟
- دعنى أقل لك شيئاً، كنا قديماً نسمع فى المسلسلات عبارة «الميدان يا حميدان».. هكذا نحن نقول أيضاً. الرئيس «بارزانى» أكد أن ميدان الحرب جاهز والساحة مفتوحة، وإذا أراد العراقيون أن يجرّبوا رد فعلنا فأهلاً وسهلاً. وأعتقد أن قوات «الحشد الشعبى» لو فكرت فى الهجوم على الأكراد، فإن كل فرد من أفراد الشعب الكردى سيتحول إلى «بشمركة»، وسيتم تنحية الخلافات جانباً، للدفاع عن هذه الأرض. لكن السؤال.. ما ذنب أى فرد فى أن يموت على يد الآخر بعد أن كان الجميع صفاً واحداً يقاتلون ضد الإرهاب؟ أى هجوم على الأكراد ستدفع ثمنه حكومة «بغداد»، وأتوقع أنه فى حال حدوث هجوم كهذا، فإن «بغداد» بأكملها وكل المحافظات العراقية ستتعرض للكثير من المآسى التى لا تحتمل عقباها.