بعد عشرة دقائق من اتصال سباستيان كنت جاهزا، أو إن شئت فقل: متأهبا، سألت سباستيان: كم عدد الساهرين معنا؟ أجاب: العدد ثمانية وقابل للزيادة. هل يجب على أن أحضر معي شيئا؟ أجاب متسائلا: ولم؟!
أشعر بالحرج كثيرا إذا ما زرت أحدا من دون أن أقدم له شيئا، ولو بسيطا، ربما مع الشباب الأمر هنا مختلف، سنرى.
كان العدد ثمانية، ثلاث فتيات وخمسة رجال، ثم انضم إلينا لاحقا فتاتان فصار العدد عشرة. استقبلوني بترحاب، يبدو أن سباستيان أخبرهم عني، ترى ماذا قال لهم؟!
هل تريد أن تأكل شيئا؟ سألت إحداهن.
أعرف أن الألمان يعزمون مرة واحدة فقط، وإذا عزموا فعزومتهم عزومة حقيقية غير مصطنعة، لذا فقد فضلت أن تكون إجابتي بها قبول ورفض، قلت لها: الآن لا، ربما لاحقا، شكرا جزيلا.
على مائدة مستطيلة كنا نجلس، المائدة عليها أنواع مختلفة من البيرة، إضافة إلى برميل صغير تدلت منه حنفية، عندما ضغط عليها سباستيان خرج منها نوع آخر من البيرة، ياإلهي أين أنا الآن؟
ماذا تريد أن تشرب؟ سألت أخرى، وواصلت: هنا كولا، وفانتا، وعصير برتقال.
رائع، فقد ظننت ألا مكان هنا لغير البيرة، إذن كولا من فضلك.
بعد قليل وقت صرت أعرفهم بأسمائهم، فتاتين تحملان نفس الإسم (كارولين)، وثالثة لها إسم قريب الشبه (كاترين)، أما الرابعة فاسمها سهل بسيط حفظته بسهولة ( ميشيلا أناماري)، وبخصوص أسماء الشباب، فثلاثة منهم يحملون نفس الإسم (دانيال) والرابع اسمه (ساشا) إضافة إلى صديقي سابستينا.
باغتتني إحداهن بسؤال: ألم تشرب الخمر مرة في حياتك؟
إطلاقا. أجبت بحسم.
ولمَ؟
لأني مسلم.
أعرف مسلمين يشربون الخمر، قال دانيال معترضا.
وأنا أعرف ألماناً لا يشربون الخمر، أجبت في هدوء، وأضفت: وأعرف أيضا ألماناً لا يأكلون لحم الخنزير، ومنهم من لا يأكل جميع أنواع اللحوم.
هذا صحيح، أجاب أحدهم.
رن جرس الباب، فاستبشر الجميع فرحا، قالت إحداهن: لابد أنها سارة، أخيرا سنلعب.
دخلت سارة وفي يدها حقيبة حديدية صغيرة لونها فضي، لم تنتبه لوجودي، جلست في هدوء، ثم فتحت حقيبتها وأخرجت أوراق الكوتشينة وقطعا بلاستيكية مختلفة الألوان، أين رأيت هذه القطع من قبل، تساءلت! ربما في أحد الأفلام.
أخرج كل واحد من الحضورخمسة يوروهات وأدخلها في كوب زجاجي كان موضوعا أمامنا، نظر إلىّ سباستيان قائلا: ستلعب معنا، وسأدفع لك.
صرخت: لا لا، لن ألعب، فهذا قمار، وهو محرم علي.
هراء، ليس هذا بقمار، نحن نلعب للتسلية، ومادمت لن تدفع شيئا فلا إثم عليك، أليس كذلك؟ قالها سابستينان في تردد.
أعتقد أن في ذلك إثم، أو ربما لا، لا أدري. الميسر محرم صراحة في الإسلام، مثله مثل الخمر، بل لقد جاء تحريمهما في آية واحدة: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)، ولكنني لن ألعب بهدف التربح، سألعب بهدف التسلية وبهدف الترويح عن النفس، والرسول يأمرنا بأن نروح عن أنفسنا: (روحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة).
سألعب معكم ولكن بشرط، لو خسرت لن أدفع لك، ولو كسبت فالمال مالك يا سباستيان.
اتفقنا. قالها سباستيان بابتسامة.
عندها تذكرت أنني لم ألعب البوكر من قبل، وأنني حتما سأخسر، فارتاح ضميري!