«القمامة» تحاصر مدينة الطالبات بجامعة الأزهر
قمامة داخل المدينة الجامعية للبنات بجامعة الأزهر
بوابة حديدية كبيرة، لم تهدأ الحركة بها طيلة اليوم، وأفراد أمن من الرجال والسيدات وقفوا خلفها ينظمون دخول وخروج الطالبات، حيث المدينة الجامعية للبنات بجامعة الأزهر، فى الداخل كانت المبانى الكبيرة متراصة بجوار بعضها البعض، دَلَّ مظهرها الخارجى على إهمال تعيش فيه الطالبات منذ أعوام، لم تكن المبانى من الداخل بحالة أفضل مما كانت عليه بالخارج، حيث حاصرتها القمامة من كل جانب، إذ تعيش المدينة منذ انتهاء العام الدراسى الماضى، حسب ما قالت طالباتها، بلا شركة نظافة، ما أدى إلى تراكم القمامة فى مبانيها، لا سيما المبانى التى يسكنها طلاب كليات الطب طيلة العام، فضلاً عن المبانى الأخرى التى تم تسكينها منذ ما يقارب الأسبوعين، إضافة إلى الحيوانات من الكلاب والقطط التى أصبحت مرافقة للطالبات فى أماكن سكنهن.
الحيوانات الضالة تسكن المبانى.. وطالبة: تم إخفاء المخلفات عند زيارة «المحرصاوى».. والمديرة: «رئيس الجامعة قال ماتتكلموش»
وفى حين رفضت «أمانى محمود»، مديرة المدينة الجامعية للبنات بجامعة الأزهر، التعليق على الأزمة، لوجود تعليمات من رئيس الجامعة بعدم الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، حسب قولها، تحدثت «الوطن» إلى عدد من الطالبات، اللاتى طلبن إخفاء أسمائهن حتى لا يتم التنكيل بهن من قبل الإدارة، كما حصلنا على العديد من الصور التى دلت على معاناة هؤلاء الطالبات طيلة الأشهر الماضية:
«من شهر 6 اللى فات وإحنا فى الحال ده ولما اتكلمنا قالوا لنا لو مش عاجبكم اطلعوا اسكنوا بره»، جملة قالتها بنبرة غاضبة الطالبة (ل. أ)، لتعبر بها عن معاناة تعيشها هى وغيرها من ساكنى المدينة الجامعية منذ عدة أشهر، بعد أن فوجئن بعدم وجود شركة نظافة للمدينة كما هو المعتاد فى الأعوام الماضية، الأمر الذى شكل لهن أزمة كبيرة مع مرور الأيام: «إحنا استحملنا كتير أوى منهم قبل كده بس السنة دى الموضوع زايد عن حده واللى إحنا فيه ده حرام».
زيارة مفاجئة من الدكتور محمد المحرصاوى رئيس جامعة الأزهر، للمدينة الجامعية خلال الأيام الماضية جعلت القائمين عليها يعملون على إخفاء القمامة من الأماكن التى سيمر منها، حسب ما قالت (ل. أ)، ما جعلها تشعر بأن الأزمة قد تم حلها وأن المدينة تعاقدت مع شركة جديدة للنظافة، لتكون المفاجأة فى اليوم التالى، أن القمامة لم يتم رفعها، وإنما تم تجميعها خلف المبانى، علمت بذلك عندما أطلت عليهن برائحتها العفنة ليلاً. ولم يقتصر الأمر على المبانى السكنية فحسب، وإنما كانت المشكلة ذاتها فى المطاعم التى تأكل فيها الطالبات، حسبما قالت: «لما بننزل ناكل المنظر بيكون صعب، وآخر مرة طلعنا من غير ما ناكل بسبب اللى شُفناه»، ما جعل المعاناة محيطة بطالبات المدينة من كل جانب، الأمر الذى أصاب الكثيرات منهن بالإحباط واليأس.
لم تكن أزمة القمامة وحدها أكبر معاناة طلاب المدينة الجامعية للبنات بجامعة الأزهر، وإنما كانت هناك العديد من المشكلات الأخرى، حسب ما قالت الطالبة (م. س)، تمثلت فى سباكة المبانى المتهالكة، وحنفيات المياه المفتوحة طيلة الوقت، فضلاً عن الحيوانات التى اتخذت من مقالب القمامة سكناً لها، فأصبحت تعيش جنباً إلى جنب مع الطالبات: «الميّه مفتوحة ليل نهار ومفيش حد معبّرها، ده غير القطط والكلاب اللى بقوا عايشين معانا وماليين المبانى».
مبانٍ تعيش فيها الطالبات «لا تصلح للاستخدام الآدمى» حسب ما قالت (م. س)، فغياب عاملات النظافة عنها منذ عدة أشهر جعل الحياة فيها غاية فى الصعوبة: «المشرفات بقوا يطلبوا مننا ننضفها، بس إحنا مضغوطين فى الدراسة بشكل كبير جداً». لم يكن أمام طالبات المدينة بد سوى اللجوء إلى الحلول الذاتية، حسب ما قالت الطالبة (ع.م): «بقينا نعمل نظام إن كل دور مجموعة من البنات تتطوع وتنضفه يوم، وناس تانية تمسح الحمامات وناس ترمى الزبالة، ولمينا فلوس من بعض وجبنا أدوات نضافة وأكياس، وكل دور بقا يجمع الزبالة بتاعته جنب السلم، بس فى الآخر ملقيناش حد ييجى يشيلها واتكومت أكتر».