هيلارى كلينتون المرأة الحديدية
«سيدة حادة الطباع، قوية، ذكية وتعرف من أين تؤكل الكتف»، هكذا وصفت مجلة «التايم» الأمريكية وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون فى صدر تصنيفها ضمن أكثر الشخصيات تأثيراً فى العالم فى 2012، وهذا أقل بكثير من أن يصف أقوى سيدة فى العالم، امرأة لم تضع نفسها فى موضع إلا ونجحت فيه، ترى السياسة «فن تطويع المستحيل».
ووصلت كلينتون إلى القاهرة، أمس، لمقابلة الرئيس محمد مرسى ومنحه «مصافحة قلبية» كتعبير عن رضاء الولايات المتحدة ورغبتها فى علاقات قوية مع الرئيس الإسلامى والخروج بضمانات واضحة على احترام حقوق الأقليات والمرأة فى عهده.
اللقاء بينهما مبارزة أقرب لمواجهات الشطرنح الفوز فيها بالضربة القاضية، فإما أن تفوز كلينتون وتستمر العلاقة الحميمة مع الولايات المتحدة، أو يفوز مرسى وتدخل مصر مرحلة جديدة بعيداً عن أحضان الدولة الأكبر فى العالم.
وتتبع مشوار حياة كلينتون يكشف عن امرأة بالغة القوة والذكاء سيجد الرئيس صعوبة بالغة فى التعامل معها، بدأت حياتها كناشطة بالحزب الجمهورى بحكم طبيعة أسرتها المحافظة وتولت قيادة النشاط الطلابى فى الحزب فى بداية دراستها الجامعية. وعرفت بمواقفها المعارضة لحرب فيتنام، كما شاركت فى حملة الجمهورى نيلسون روكفيلار لرئاسة الولايات المتحدة وتبدل انتماؤها جذرياً بعد قرار الجمهوريين ترشيح ريتشارد نيكسون للرئاسة، فانخرطت فى الحزب الديمقراطى.
طموح كلينتون ليس له نهاية، ورغبتها فى النجاح جارفة، تفوقت فى دراستها بشكل لافت إلى جانب بروز اسمها كقيادة طلابية قوية. انجذبت للعمل العام بعد أن سمعت مارتن لوثر كينج يتحدث، فنشطت فى مجال الدفاع عن حقوق المرأة والطفل.
عملت هيلارى فى بداية حياتها المهنية كمحامية متدربة بمكتب المحاميين والكر تروهافت وبورنشتاين المشهورين بالدفاع عن النشطاء الشيوعيين. كما كانت هيلارى عضواً بالفريق القانونى الذى شكلته اللجنة القضائية بمجلس النواب أثناء إجراءات إقالة الرئيس ريتشارد نيكسون على خلفية فضيحة ووترغيت، وذاع صيتها فى المحاماة إلى حد تصنيف مجلة «القانون الوطنى» لها كواحدة من أقوى مائة محامٍ فى الولايات المتحدة. وإلى جانب المحاماة، عملت كلينتون بالتدريس بكلية الحقوق بأركانساس.
بدأ دور كلينتون المؤثر فى السياسة الأمريكية مع فوز زوجها بالانتخابات الرئاسية عام 1992 وهو ما أكده بيل كلينتون نفسه، الذى اعتبر أن أميركا عندما اختارته رئيساً لها اختارت معه رئيسة ثانية هى هيلارى. ثم فوزها بمقعد فى مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك سنة 2000 لتصبح أول امرأة تدخل المجلس عن ولاية نيويورك وأول سيدة أولى تتولى منصباً عاماً فى تاريخ الولايات المتحدة. وتمكنت من الاحتفاظ بمقعدها خلال الانتخابات التالية شاغلة مقعد العضوية فى لجنتى القوات المسلحة والميزانية فى المجلس. خاضت كلينتون الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى فى 2008 رغبة منها فى نيل ترشيحه للانتخابات الرئاسية إلا أنها انسحبت ودعمت أوباما الذى أصبح رئيساً فيما بعد وضمها لفريقه الرئاسى كوزيرة للخارجية فى 2009.
وشخصية كلينتون الحادة والجريئة تبدو واضحة فى مقابلتها الأولى مع زوجها «بيل» فى مكتبة كلية الحقوق بجامعة يال، حينما سارت نحوه وقالت: «إذا كنت مصرّاً على التحديق فى وجهى، إذن علىّ أن أعرف نفسى»، ومنذ تلك اللحظة ظهر تأثير كلينتون الكبير فى حياة زوجها ودافعت عنه أثناء فضيحته الأخلاقية مع مونيكا لوينسكى رغم ألمها ودراستها الانفصال عنه.