حملة دبلوماسية لمحاصرة أزمة «سد النهضة»
مصر تتحرك دولياً لحل أزمة «سد النهضة» «صورة أرشيفية»
بعد إعلان تعثر المفاوضات على مستوى المسار الفنى فيما يخص ملف سد النهضة، اتجهت مصر إلى تفعيل المسار السياسى من أجل مواجهة هذا التعثر فى ملف السد من خلال التحرك على المستوى الدولى وعلى مستوى العلاقات السياسية مع أديس أبابا.
وكشف المتحدث باسم الخارجية أحمد أبوزيد عن الخطة التى تتخذها مصر فى ملف سد النهضة، مؤكداً أن الملف منذ البداية يتحدث عن المسار الفنى، وهو المسار الأساسى والمهم، ومن خلاله يتم إعداد الدراسات الخاصة بتأثير السد على دول المصب وعلى أساسها يتم أخذ النتائج، وهو مسار لا غنى عنه وأى تعثر فى هذا الملف يأتى بعده الدور السياسى لإزالة الخلافات وإظهار الإطار السياسى الحاكم لهذه العلاقات الثلاثية، ويجمع بينهما اتفاق قانونى وينص على أن عملية ملء السد وتشغيله تأتى على ضوء الدراسات المنتظر الخروج بها.
«الخارجية» تكلف سفارات مصر فى الخارج بشرح الموقف كاملاً.. و«السيسى» و«ديسالين» يلتقيان الشهر المقبل
وأكد «أبوزيد» فى تصريحات له أمس، أن مصر لديها خطة تحرك واضحة للتعامل مع هذا الملف، حيث تم تكليف السفارات المصرية فى الخارج لشرح مسار المفاوضات والمرونة التى تعاملت بها مصر خلال الفترة الأخيرة، والتأكيد على الالتزام باتفاق إعلان المبادئ وهذه خطوة أولى لإشراك المجتمع الدولى فى هذا الأمر.
وشدد المتحدث باسم الخارجية على أن مسألة نهر النيل هى قضية أمن قومى لمصر، والحكومة المصرية لديها رؤية واضحة لهذا المسار، ومن الضرورى أن نشرح للمجتمع الدولى الرؤية الكاملة حول مسار المفاوضات.
وقال «أبوزيد» إنه من الضرورى أن يتم شرح تفاصيل المفاوضات الفنية للأطراف الخارجية ونحن فى مرحلة إشراك المجتمع الدولى فى تعثر الملف ومن المسئول عن ذلك، ثم ننتقل إلى مرحلة ممارسة المجتمع الدولى ضغوطاً على الأطراف المسئولة عن تعثر الملف، وهناك اتصالات مباشرة بين مصر وإثيوبيا.
وأعلن المتحدث باسم «الخارجية» عن عقد اللجنة العليا المشتركة على مستوى الرئاسة فى شهر ديسمبر المقبل، وسيكون هناك حديث عن مسار سد النهضة على هامش أعمالها بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس وزراء إثيوبيا هيالى ماريام ديسالين، مشيراً إلى أن وزير الخارجية سامح شكرى يجرى اتصالات مستمرة مع نظيره الإثيوبى وهناك اتفاق على عقد اجتماع دورى كل شهرين، محذراً من إهدار المسار الفنى والصيغة التوافقية التى تحدد الآثار الخاصة ببناء السد.
وأشار «أبوزيد» إلى أن موضوع سد النهضة كان مسار نقاش بين وزيرى خارجية مصر والسعودية مساء أمس الأول، وأن المملكة السعودية تتابع تطورات هذا الملف وكان هناك نقاش حول تعثر مسار المفاوضات الفنية، ووزير الخارجية السعودى كان حريصاً على تفهم الشواغل المصرية وضرورة الالتزام بالاتفاق وقواعد القانون الدولى.
مصادر حكومية: مصر لم تبدأ بعد «تدويل» أزمة السد الإثيوبى
ومن جانبها أكدت مصادر حكومية مطلعة على إدارة ملف «أزمة سد النهضة»، أن مصر لم تقم حتى الآن بـ«تدويل» ملف سد النهضة، ولكنها تسعى إلى إشراك المجتمع الدولى فى متابعة مساره الراهن المتعثر بفعل التعنت والمماطلة الإثيوبية لوضع أديس أبابا أمام مسئولياتها، موضحة أن هذا الملف أصبح بنداً ثابتاً للتباحث مع شركائنا الدوليين والإقليميين وخاصة خلال الشهور القليلة الماضية، لتوضيح المرونة التى أبدتها مصر تجاه المماطلات الإثيوبية المستمرة. وأوضحت المصادر أن اتجاه إثارة الملف على المستوى الدولى بدأ فعلياً منذ أن تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى حول مبادرة حوض النيل خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى سبتمبر الماضى، مؤكدة أن «معركة حفاظنا على حقوقنا المائية وأمننا المائى، معركة شاملة نخوضها بكل الوسائل الممكنة وعلى رأسها الأدوات الدبلوماسية، التى يجب ألا تبقى حبيسة المشاورات الثلاثية مع إثيوبيا والسودان».
وقالت المصادر إنه فى ظل حالة التضامن بين مصر ودول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات، فإن إثارة ملف سد النهضة خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية إلى إثيوبيا كان ضرورياً من أجل حشد الدعم الخليجى لمصر فى هذا الملف، وخاصة أن دول الخليج لديها استثمارات واسعة وحضور متنامٍ فى شرق أفريقيا، وأدوات يمكن أن تستخدمها للضغط على إثيوبيا.
وأوضحت المصادر أن مصر سبق أن أبلغت الاتحاد الأوروبى اعتراضها على إقرار الاتحاد الأوروبى للبرنامج الفنى لإدارة الموارد المائية العابرة للحدود بمنطقة حوض النيل، والإصرار على تنفيذه فى إطار مبادرة حوض النيل، حيث أبلغت مصر المفوض الأوروبى لسياسة الجوار وتوسيع الاتحاد «يوهانس هان» خلال زيارته للقاهرة فى نهاية أكتوبر الماضى، أنه لا يمكن القبول بإقرار أى برامج فنية فى إطار مبادرة حوض النيل فى ظل ما تشهده من انقسام بين أعضائها، ودون مراعاة للشواغل المصرية المرتبطة بمبدأَى التوافق والإخطار المسبق بشأن المشروعات التى يتم تنفيذها على النهر، ما من شأنه أن يقوض الجهود التى تقوم بها مصر من أجل استعادة مشاركتها فى أنشطة مبادرة حوض النيل.