أسر المصابين «بلا مأوى» أمام المستشفيات: «بنّام على الأرض»
محرر «الوطن» يتحدث مع أحد أقارب المصابين خارج المستشفى
حول أسوار مستشفى الإسماعيلية العام، وفى الداخل منه، افترش الأرض أهالى مصابى حادث مسجد الروضة، بعد أن قضوا ليلتهم الأولى نائمين على أرصفة المستشفى وحدائقه، لم يشغل تفكيرهم شىء سوى أن يحملوا المصابين إلى الإسماعيلية، دون أن يعرفوا أين سينامون هم، فلم يتزودوا بأكثر من ملابسهم التى على أجسادهم، لتصبح شوارع المستشفى وحدائقها هى ملاذهم الوحيد.
خالد محمد، شاب فى نهاية عقده الثالث، جاء مع والده ذى الثمانين عاماً، بعدما أصيب الأخير بطلق نارى فى قدمه وذراعه، جلس فى دائرة من شباب عائلته، داخل حديقة المستشفى أمام قسم الاستقبال، يتسامرون فيما بينهم عن حال أقاربهم المصابين فى الداخل، ليحكى الشاب عن ليلتهم الأولى داخل المستشفى قائلاً: «وصلنا هنا إمبارح الساعة 2 الضهر، ومن ساعتها وإحنا قاعدين نفس القعدة دى»، عملية جراحية أجراها والد «خالد» فى اليوم الأول له من دخوله المستشفى، إلا أن ابنه لا يعرف موعد خروج والده، ومن ثم لم يكن أمامه سوى النوم فى مكانه منتظراً صباح اليوم التالى: «الواحد كده كده مش عارف ينام».
وفى ركن آخر ملاصق لبوابة قسم الاستقبال بالمستشفى، جلس «إبراهيم»، وقد غطى الحزن وجهه الأسمر، وبجواره مجموعة من أقاربه، جاءوا مع ابن عمه، الذى أصيب بطلق نارى فى قدمه أثناء محاولة خروجه من المسجد: «أنا هنا من إمبارح الساعة 10 بالليل، ومن ساعة ما ابن عمى دخل وإحنا مش لاقيين مكان نقعد فيه غير على سلم المستشفى زى ما انت شايف كده، ولما جينا ننام إمبارح نمنا على الأرض زى ما إحنا».
«إبراهيم»: «مش محتاجين غير دعوات الناس» و«محمد»: «فيه ناس اتنقلت من بئر العبد بعربيات فراخ»
وضع «صعب» يرضى عنه «إبراهيم»، فهى مصيبة لا ترقى إلى مستوى اختيار أماكن النوم، حسب قوله: «أنا كده كده هستحمل، الواحد بس كل اللى عايزه إن الناس اللى جوه دى تخرج على رجليها، بدل ما كل شوية نلاقى واحد واتنين ماتوا بعد ما وصلوا، غير إننا ملناش مكان تانى نروح له، ومنعرفش حاجة هنا، فتعتبر المستشفى أفضل مكان ممكن ننام فيه».
جانب آخر من حديقة المستشفى، جلس فيه الثلاثينى «محمد»، وفى يده بعض المخبوزات يأكلها على مهل، وقد تبدت فى عينيه حمرة دلت على قلة نومه فى الليلة السابقة، بعد أن أتى بشقيقه المصاب مع غيره من المصابين ظهيرة يوم الجمعة، ولم يكن أمامه ملجأ سوى حديقة المستشفى يقضى فيها معظم وقته: «نمت زى ما أنا كده، وهفضل كده لحد ما أطمن على أخويا».