بعض مما يحدث فى حياتنا السياسية يصيب المرء إما بحالة مستمرة من الحزن والكمد وإما يدفعه للتفكير فى الحدود القصوى للامعقول السياسى وكيف نتمكن نحن فى مصر من تجاوزها على نحو يومى وبامتياز. وإليكم بعض الأمثلة من الأيام القليلة الماضية:
جلسة القضاء الإدارى بشأن الجمعية التأسيسية فى 17 يوليو 2012: يبدو أن البعض لم يعد يكتفى بمحاولة الضغط على أحكام القضاء من خلال مظاهرات ومسيرات أمام المحاكم، بل يعمل على تطوير هذه الممارسة باتجاه التظاهر داخل قاعات المحاكم وتحويل الأخيرة لساحات للمشاحنة وللشد والجذب. وفى حين أن التعبير عن الرأى خارج المحاكم مقبول طالما التزمت الجموع بسلمية التظاهر والاحتجاج، يحظر تماما التجمهر داخل قاعات المحاكم والتورط فى خروج لفظى أو مادى عن واجب احترام القضاء والقضاة. اللامعقول السياسى هنا هو أن تعلن قوى وأحزاب كبيرة كجماعة الإخوان وحزب الحرية العدالة عن توجيه حشود للتظاهر أمام المحاكم ثم لا تسيطر على أتباعها وهم يتجمهرون داخل القاعات ويمتهنون كرامة القضاء.
زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون وردود الفعل بشأنها:
بالقطع تختلف المواقف والتقديرات فى ما خص السياسة الأمريكية تجاه مصر، والطبيعى أيضا أن البعض يناصب واشنطن العداء ولا يشعر بالرضا عن مجمل دورها فى مصر والعالم العربى. والمؤكد أن واشنطن لها علاقة تتطور بشكل إيجابى مع جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وقد كتبت من قبل أن مكتب الإرشاد حل محل مبارك وأعوانه فى تخطيط الولايات المتحدة لسياستها تجاه مصر وأن المؤسسة العسكرية بقيت صاحبة دور راسخ.
غير أن اللامعقول السياسى هو أن يخون البعض رئيس الجمهورية أو الإخوان أو الحرية والعدالة بادعاء أنهم عملاء واشنطن. ويصل اللامعقول هذا إلى حدود قصوى حين يرفع هذا الادعاء من يصفون أنفسهم بالانتساب لليبرالية ويتبنون ذات خطاب ومفردات أنصار الدولة العميقة والنظام القديم.