الشرقية.. حملات شعبية ومجالس قروية أهلية بديلاً للمحليات
انتشار التعدى على الأراضى الزراعية بالشرقية
أدى غياب المجالس المحلية إلى وجود خلل فى المشهد السياسى وتردى الخدمات فى قرى ونجوع محافظة الشرقية نظراً لغياب أعضاء هذه المجالس الذين كانوا يشكلون الجانب الأكبر فى الرقابة وتصعيد المشكلات وأوجه القصور للجهات التنفيذية للعمل على حلها، إضافة إلى مراقبة العاملين فى المحليات.
ومع غياب المجالس المحلية بعد أحداث ثورة 25 يناير، ظهرت الحملات الشعبية والمجالس القروية الأهلية فى عدد من القرى والمدن بالمحافظة لتتولى مهمة حل مشكلات الأهالى ومنها المجالس القروية بمركز فاقوس والجمعية الشعبية لخدمة المجتمع بمركز بلبيس، التى تحولت إلى كيان رسمى وأصبحت جمعية مشهرة وحملة التلين قرية نموذجية بمركز منيا القمح إضافة إلى الجهود الفردية التى يقوم بها عدد من الأهالى مثل مركزى الحسينية ومشتول السوق لتصبح هذه الجهود هى الأداة للوصول إلى أبواب المسئولين للعمل على حل المشكلات.
«الشرقاوى»: شكلنا حملة «التلين قرية نموذجية» لحل مشكلات الأهالى ولم نحظَ باهتمام المسئولين ونواب البرلمان
وقال عماد الشرقاوى، أحد أبناء قرية التلين، إن سبب تكوين حملة «التلين قرية نموذجية» هو العمل على حل مشكلات القرية وتنميتها، مشيراً إلى أنه على الرغم من زيادة السكان بالقرية والتى يصل عدد سكانها لـ70 ألف نسمة يعيشون بالقرية والعزب التابعة لها، لم تحظَ بأى اهتمام من جانب المسئولين أو نواب البرلمان الذين تم انتخابهم على مدار الدورات البرلمانية السابقة إضافة لغياب المحليات ما دفعهم للبحث عن حل مشاكل القرية بأنفسهم ومنها مشكلة الصرف الصحى حيث كانت الأرض المخصصة لإنشاء المحطة مهددة بالضياع، مشيراً إلى أنه تم إسناد مشروع صرف صحى للقرية بقرار إسناد 107 لسنة 2004 لشركة المقاولون العرب بتكلفة تقديرية قدرها 60 مليون جنيه، وتمت المخاطبة بإصدار شيك لإتمام عملية شراء أرض «محطة الرفع» ملك للحاج «عبدالفتاح ع.م» بمبلغ خمسين ألف جنيه وأرض محطة المعالجة ملك آخرين بمبلغ 500 ألف جنيه. وتابع قائلاً: «تم نزع ملكية أرض محطة المعالجة ومحطة الرفع بقرار رئيس الوزراء رقم 1884 لسنة 2008 وتم عمل محضر تسليم وتسلم للشركة بحضور جميع المسئولين بتاريخ 20 يناير 2009».
وأوضح أنه تم مواجهة العديد من المعوقات، التى حالت دون تنفيذ القرار ولم تنفذ أى أعمال ما دفع أصحاب الأرض لرفع دعوى قضائية وصدور حكم نهائى لصالحهم وخسرنا قطعة الأرض التى تبلغ مساحتها 6 أفدنة و8 قراريط و11 سهماً. دون أن يحضر أى محامٍ من أى جهة للدفاع عن الأرض وتم التعدى والبناء من قبل الأهالى فى صمت من جميع المسئولين.
وتابع «الشرقاوى»: «قام شباب حملة التلين، منذ 2012، بمتابعة هذا الملف واختيار قطعة أرض جديدة ومارسنا ضغوطاً على الشركة المنفذة للبدء فى تنفيذ محطة الرفع التى كانت هى أيضاً مهددة بضياع الأرض الخاصة بإقامة تلك المحطة، وتمكنا من وضع أيدينا على الأرض من البائع لها وتوجيه تهديد للشركة بأنه إذا لم تبدأ التنفيذ خلال شهر فإنها تصبح مشتركة فى إهدار المال العام مع الهيئة وبالفعل تم البدء فى البناء»، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من محطة الرفع بنسبة 40% أما محطة المعالجة فقد تأخر تنفيذها حتى الآن بسبب الروتين والإجراءات الكثيرة.
وقال «أيمن شعبان»، أحد أبناء مركز فاقوس، إن غياب المحليات أدى إلى قطع التواصل بين الأهالى فى المراكز والقرى والمسئولين التنفيذيين فهى كانت حلقة الوصل بينهم لتوصيل المشاكل وسرعة حلها وأيضاً حلقة الوصل بين الأهالى وأعضاء مجلس النواب، مشيراً إلى أن أعضاء المحليات فى المراكز يكونون على دراية كاملة بمشاكل القرى والمناطق الموجودين بها أكثر من المسئول التنفيذى لأنه غالباً يكون من خارج المركز أو المحافظة وليس لديه الوقت الكافى للتعرف على المشاكل على أرض الواقع وغياب هذا الدور أثر بشكل كبير على غياب الخدمات المقدمة للقرى والمراكز وجعل المواطن يذهب بنفسه للمحافظة أو مجلس المدينة لعرض مشكلته سواء كانت بصفة عامة أو خاصة، لافتاً إلى أن المواطن غالباً لا يلاقى أى اهتمام عند التقدم بأى شكوى عكس عضو المجلس المحلى عند مناقشته لمشكلة الأهالى يكون هناك تأثير بشكل كبير وسعى من المسئولين لحلها.
«شعبان»: «لجان قروية» من أهالى «فاقوس» تعتمد على المبادرات الذاتية والجهود التطوعية والتبرعات فى مجال الخدمة العامة
وأضاف أن من يقوم بدور المحليات متطوعون للعمل فى الخدمة العامة ويطلق عليهم القيادات الطبيعية فى المجتمع المدنى ولكن بصفة تطوعية وإن عادت المحليات مرة أخرى يمكن أن تكتسب هذه القيادات صفة قانونية ويكون لهم الحق فى مناقشة المشكلات واستجواب المسئولين. خاصة أن نواب البرلمان يجد الأهالى صعوبة فى مقابلتهم حتى بعض النواب يذكرونها صريحة «أنا دورى تشريعى ورقابى وليس خدمياً»، ولفت إلى أن أهالى فاقوس كونوا لجاناً قروية أهلية تطوعية انخرطت فى العمل العام حيث حصرت الوحدات المحلية الأهالى النشطاء وبدأوا التواصل معهم لحل المشكلات، لافتاً إلى أن اللجان القروية توجد بالمركز بنسبة 25% فقط وتعتمد على المبادرات الذاتية والجهود التطوعية وأيضاً التبرعات.
وأوضح أن الأهالى فى قرية العدوى التابعة لمركز فاقوس تقدموا بعدة طلبات لإنشاء مكتب بريد منذ عام 2012 دون جدوى ما دفع الأهالى واللجنة القروية بالقرية لإطلاق مبادرة لإنشاء مكتب البريد على نفقتهم الخاصة بتكلفة بـ150 ألف جنيه. وأضاف: «نسعى لعمل عيادة شاملة بالدور الثالث فى دار المناسبات بالقرية لخدمة الأهالى وتنشيط جمعية تنمية المجتمع بخلاف متابعة تمهيد الطرق»، لافتاً إلى أن جميع هذه الجهود هى بالنيابة عن المحليات.
وأشار «شعبان» إلى أن نتيجة لغياب المحليات استولى البعض بقرية «النوافعة» على نحو 15 فداناً وانتزعتها الدولة مؤخراً خلال الحملة التى تم شنها بناء على قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى كما استرد مجلس المدينة منذ نحو 3 أشهر مساحة نحو 200 متر بجوار نادى التطبيقيين فى مدينة فاقوس بعد أن استولى عليها الأهالى بوضع اليد، لافتاً إلى أنه جارٍ إنشاء مبنى عليها ليكون مقراً لإدارة الطرق.
وقال على إسماعيل، أحد أهالى مركز الحسينية، إن المجالس المحلية تمثل ضرورة ملحة خاصة إذا تم تفعيلها لخدمة المواطنين والرقابة على المحليات ومجالس المدن والتصدى لعمليات الفساد التى تتم داخل أروقة هذه المؤسسات حيث يتم التستر على الاستيلاء على أراضى أملاك الدولة والتعديات على الأراضى الزراعية. وأوضح أنه أثناء وجود المحليات كان يوجد عضو ممثل للمركز فى مجلس محلى المحافظة وعضوين فى مجلس محلى المركز وكل قرية 5 أعضاء وكانوا يقومون بمساعدة رئيس مجلس المدينة فى وضع الخطة العامة للخدمات مثل الصرف والطرق والمياه وكانوا شريكاً أساسياً فى تقنين أوضاع أراضى أملاك الدولة. وتابع: بعد غياب المحليات أصبح كل رئيس مجلس له الحق فى أن يضع الخطة وفق أهوائه.
وأضاف أن محافظة الشرقية مؤخراً شكلت مجلساً استشارياً ليكون حلقة وصل بين المواطنين والمسئولين التنفيذيين إلا أن المجلس لم يحقق الهدف حيث تم اختيار أعضاء المجلس بالواسطة والمحسوبية ولا يتم التواصل بينهم وبين المواطنين بشكل فعلى.
وقال مجدى البقرى، أحد أهالى مركز الحسينية، إن العمل على حل مشكلات الأهالى يتم من خلال مبادرات فردية لأشخاص منخرطين فى العمل العام، مشيراً إلى أنه وأحد الأهالى يدعى «محمود نصر» تقدما بكثير من الخطابات والشكاوى للمسئولين لإقامة مستشفى «شرارة» لخدمة الأهالى، وغيره، إضافة لحل مشكلات أخرى مثل مياه الشرب غيرها.
وقال سليمان السيد، أحد أهالى مركز الحسينية، إنه تم التعدى من قبل بعض الأهالى على مساحة 32 قيراطاً كانت مخصصة لإقامة مدرسة تعليم أساسى ولغات بقرية «الإخيوة» بمركز الحسينية وأقام الأهالى منازل عليها وذلك منذ عام 2010 دون أن يعترض أحد ثم قاموا بتسوية أوضاعهم بالواسطة والرشاوى.