«المصالح الأمريكية».. كلمة السر التى تحكم كل الحروب
لا تعرف الولايات المتحدة شن الحروب لأسباب إنسانية، فواشنطن لا تخوض حروبها أبداً دفاعاً عن حقوق الناس وحياتهم. كل التدخلات العسكرية الأمريكية فى الدول الأخرى لم تكن إلا فى سبيل المصلحة الأمريكية، حتى لو تسببت فى مأساة بالنسبة للتاريخ.
لقد خاضت الولايات المتحدة حروباً عدة أتت بنتائج كارثية غيَّرت مجرى التاريخ، كان عنوان تلك الحروب دائماً هو «المصلحة»، لم تدخل واشنطن حرباً تقريباً إلا وكان لها مصلحة فيها، ولهذا، فعلى كل من يدعو للتدخل العسكرى الأمريكى فى الأزمة السورية، أن يقرأ جيداً ما ربحته الولايات المتحدة من تدخلاتها العسكرية فى الدول الأخرى، خاصة فى حرب الخليج الأولى وحربى العراق وفيتنام.
فى 15 يناير 1991، انتهت المهلة التى حددها الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش «الأب» لانسحاب الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين من الكويت، وكانت الحرب الباردة قد انتهت للتو وسقطت التحالفات القديمة وأصبحت واشنطن هى القوة الوحيدة فى العالم، نصبت نفسها «شرطياً» يتولى مسئولية الحفاظ على الأمن والاستقرار، ولكنها استخدمت تلك الصفة لحماية كل ما يتعلق بمصالحها فقط. وجه العالم أنظاره إلى واشنطن باعتبارها «الشرطى الدولى»، لإنقاذ الكويت من الغزو العراقى لها، وكان واضحاً حينها السبب الحقيقى وراء التدخل الأمريكى فى الأزمة، فالعامل الإنسانى فى تلك الحروب كان ضعيفاً وضئيلاً جداً، وكان الأساس فى حرب الخليج الأولى هو حماية مصادر النفط والطاقة التى تسيطر عليها.
وتشير صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إلى أن من يبحث فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يدرك أنها سبق أن أيدت حكاماً قتلة وسفاحين ارتكبوا أبشع الجرائم ضد الإنسانية، واستخدمت عباءة «الحرية» للتعلل بدعم تلك الأنظمة، ولكن على حساب آلاف الأرواح التى قضت حينها. الدليل الأبرز على اتباع واشنطن سياسة حماية مصالحها فقط بغض النظر عن أى شىء آخر، هو جملة لوزير الخارجية الأسبق هنرى كسينجر، قال فيها إن «من يحكم مصادر الطاقة فى العالم يتحكم فى قارات بأكملها، والسياسات الخارجية ليست عملاً يشتغله المُبشِّرون».
أما فى أوروبا، حين تعلق الأمر بـ«كوسوفو» والحرب الأهلية بين الصرب والبوسنيين، امتنعت الولايات المتحدة عن التحرك لثلاثة أعوام كاملة، راح ضحيتها آلاف القتلى فى تلك الحرب، ولم تتدخل إلا بعد أن كاد الطرفان يبيدان بعضهما، وكان أحد أبرز أوجه فشل واشنطن فى مهمتها كـ«شرطى دولى» مرة أخرى، هو فشلها فى التعامل مع المذابح التى ارتكبها حاكم رواندا ضد الشعب عام 1994، بعد أن أخفى الرئيس الأمريكى بيل كلينتون المعلومات عن الأحداث، وكُشف بعد ذلك عن إخفائه تلك المعلومات عن قصد.
وأضافت «معاريف»: «والأمر نفسه بالنسبة للعراق، التى اجتهد الرئيس بوش الابن لغزوها رغم عدم وجود دلائل على تطوير صدام حسين للأسلحة النووية، وهو ما أثار شكوكاً حول شن تلك الحرب للسيطرة على الموارد البترولية فى العراق، إضافة إلى المكاسب التى حصلت عليها الشركات الأمريكية والاقتصاد الأمريكى بشكل عام نتيجة المشاركة فى إعادة إعمار العراق».
هذه المرة، أصبح الأمر متعلقاً بمصداقية واشنطن والرئيس الأمريكى باراك أوباما أمام العالم، فهو نفسه الذى وقف قبل عام يعلن فى خطابه عن «خط أحمر» للرئيس السورى لا يمكنه تخطيه، وهو استخدام الأسلحة الكيماوية، وبالفعل تم استخدامها للمرة الأولى وتغاضى العالم أجمع عن هذا، إلا أنه مع خسارته مصداقيته فى الشرق الأوسط واقترابه من خسارة أهم حليف له «مصر»، بسبب مواقفه من الأحداث الأخيرة، فقد أصبح الأمر متعلقاً الآن باستعادة وجه أمريكا «الجميل» أمام الشرق الأوسط.