رئيس مركز «دلتا» للأبحاث: «الدولة العميقة» ستبتكر آليات لإخراج «ترامب» من البيت الأبيض
محمود حيدر
«الاضطراب».. هكذا وصف محمود حيدر، المفكر اللبنانى ورئيس مركز دلتا للأبحاث المعمقة ورئيس التحرير الأسبق لمجلة «مدارات غربية»، السياسة الأمريكية الخارجية خلال العام الأول من دخول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب البيت الأبيض، لافتاً إلى فقدان الإدارة الأمريكية أى استراتيجية تجاه الشرق الأوسط منذ تولى «ترامب» الحكم.
وأضاف «حيدر»، فى حواره لـ«الوطن»، أن السياسة الأمريكية أصبحت تعبر عن سلة الرغبات الإسرائيلية، ما جعلها تفقد الكثير من أوراق اللعبة السياسية والعسكرية بالمنطقة، مع الحرص الواضح من الإدارة الأمريكية على تحسين أوضاعها الاقتصادية الداخلية باستغلال علاقاتها ببعض الدول العربية، بخاصة الخليجية، وهو ما عكسته زيارات «ترامب» الأخيرة للمنطقة.
محمود حيدر لـ«الوطن»: سياسة الرئيس الأمريكى تظهر ولاء مطلقاً للرغبة الإسرائيلية.. وواشنطن فقدت أوراق اللعبة السياسية والعسكرية
ويتوقع «حيدر» أن تتدخل المؤسسة السياسية الأمريكية خلال الفترة المقبلة لإخراج «ترامب» من البيت الأبيض إذا لزم الأمر، بابتكار آليات تدشنها الدولة «العميقة» الأمريكية، بحسب وصفه، لإقصاء «ترامب» حال استمراره فى الإضرار بالمصالح العليا الأمريكية من خلال سياسات غير مدروسة بمنطقة الشرق الأوسط.
وإليكم نص الحوار:
ما تقييمك للعام الأول للسياسة الخارجية الأمريكية فى عهد دونالد ترامب بخاصة ما يتعلق بالشرق الأوسط؟
- السمة البارزة التى تعكس خلاصة سنة من حكم ترامب للبيت الأبيض هى حالة الاضطراب التى تعيشها الإدارة الأمريكية حيال أزمات العالم عموماً وأزمات المنطقة على نحو خاص، يبدو كما لو أن هناك فقداناً لاستراتيجية أمريكية واضحة تجاه المنطقة، وما يجرى فى الشرق الأوسط ربما تكون الإدارة الأمريكية الوحيدة مقارنة بالإدارات السابقة التى تنفرد بالخروج على تقاليد المؤسسة الأمريكية وصلت لمرحلة الذروة باتخاذ عدد من القرارات تخالف ما أجمعت عليه المنظومة الدولية، أبرزها الاتفاق النووى بين المجموعة النووية وإيران.
ماذا عن إخفاقات السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط؟
- بالنظر لهذه السياسة وطريقة تعاملها مع قضية الإرهاب نجد الكثير من المواقف المتناقضة، يعكس من الوهلة الأولى ولاءً مطلقاً للرغبة الإسرائيلية، بخاصة فى موضوع القدس، وكانت السياسة الأمريكية ما قبل ترامب تحجم عن إعطاء إسرائيل الفرصة لإعلان القدس عاصمة لها، ولكنه اتخذ هذا القرار وكأنه وضع كل أوراقه فى سلة الرغبات الإسرائيلية، ما يشكل ضرراً على الاستراتيجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، لدرجة أنه حتى المعتدلين بالمنطقة العربية لم يستطيعوا مجاراة موقف «ترامب» فيما أعلنه تجاه اعتبار القدس عاصمة إسرائيل، وهى من الشواهد البينة على الإخفاق الأمريكى الذى بدأ يتشكل مع حكم «ترامب».
ما تفسيرك لاستمرار التوسع العسكرى الأمريكى بالمنطقة العربية خلال العام الأول من حكم «ترامب»؟
- فى رأيى لا تزال هناك قناعة غالبة للعقل السياسى والاستراتيجى الأمريكى بضرورة الانسحاب العسكرى من منطقة الشرق الأوسط، وأن الدخول من جديد بقوة عسكرية بهذه المنطقة أمر تحيط به المحاذير، وكانت إدارة الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، تحاول الانسحاب الاستراتيجى من المنطقة بأقل قدر ممكن من الخسائر مع الحفاظ على المصالح الأمريكية العليا، ويدل المشهد الحالى على أن أمريكا فقدت الكثير من أوراق اللعبة على المستوى العسكرى أو السياسى، ولا تسعى الإدارة الأمريكية حالياً للتكيف مع التغيرات الجديدة التى تطرأ على المنطقة، وهذا الإرباك فى سياساتهم التفصيلية والعامة، حاصل بسبب تغير ميزان القوى، سابقاً كانت تتحكم فى كل تفاصيل اللعبة بالمنطقة، ولكنها الآن فقدت هذه القدرة وأصبحت إدارة «ترامب» تعبر عن الاضطراب، انعكس حتى على الداخل الأمريكى الذى بدأ يثير مسألة إسقاط «ترامب» من البيت الأبيض، بخاصة فى حال استمراره فى اتخاذ قرارات تؤدى لمزيد من الإضرار بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية العليا، ومن غير المستبعد أن تلجأ الدولة العميقة فى أمريكا لابتكار آليات وطرق من أجل إقصاء «ترامب» قبل إكمال ولايته طالما يؤدى وجوده للإضرار بالمصلحة العليا الأمريكية.
فترة حكم «أوباما» آخر ما وصلت له القوة العظمى.. والصين وروسيا وإيران تزاحم أمريكا فى «صراع القوة»
كيف ترى أجندة المساعى الأمريكية فى منطقة الخليج العربى خلال حكم «ترامب»؟
- لا شك أن كل رئيس له بعض السياسات، وبالنظر للسياسة الأمريكية خلال العام الماضى، نجد زيارات «ترامب» الأخيرة للمملكة العربية السعودية والمبالغ التى حصلها من أجل إعادة تأمين الاقتصاد الأمريكى، وإيجاد مساحات ممكنة لتشغيل العاطلين عن العمل، ما يجعل التعامل مع المنطقة فى منظور «ترامب» يعكس مصالح اقتصادية للداخل الأمريكى، ورغم انتفاء الضرر الداخلى لهذه السياسات ولكن لها كثير من الأضرار على مستوى السياسة الخارجية، يضاف إلى ذلك أن التركيب النفسى الشخصى للرئيس «ترامب» يلعب دوراً أحياناً، بل إنه يتخذ بعض القرارات الكبرى على حسب ما يوافق «مزاجه».
وما توقعاتك للعام الثانى فى السياسة الخارجية لدونالد ترامب؟
- أتصور أن سياسة ترامب سوف تسير على النحو الذى بدأت فيه، ولن تصل للدرجة التى يبلغ فيها مزاجه إعلان حرب أو حشد إرسال الجيوش لأى منطقة للعالم، بخاصة منطقة الشرق الأوسط، لتغيير أى نظام، ولكن تبقى الأمور فى إطار الاضطرابات التفصيلية التى سوف تزيد من استيعاب الولايات المتحدة للتحكم بمفاصل السياسة الخارجية.