بالمخرات والسدود والبحيرات والترع.. رحلة تحول «السيول» من نكبة إلى خير
المخرات والسدود
عقب تعرض مدينة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر إلى سيول جارفة خلفت وراءها خسائر بشرية ومادية، وضعت الدولة كل إمكانياتها لحماية المدينة من السيول، وبدأت وزارة الرى والموارد المائية فى بناء سدود إعاقة وبحيرات صناعية لتخزين مياه السيول، للاستفادة منها فى الزراعة، ومنذ ذلك الوقت والعمل لم يتوقف فى هذه المواقع التى رصدتها «الوطن»، حيث بدأت الدولة إنشاء بحيرة صناعية فى وادى الدرب، غرب المدينة، لحماية المدينة من السيول، تتسع لأكثر من مليون متر مكعب من المياه، كما تم إنشاء 3 سدود و٣ برابخ، وجار العمل بوتيرة متسارعة للانتهاء منها حتى تكون المدينة جاهزة لاستقبال السيول حال سقوطها، وقد بلغت نسبة الأعمال فى البحيرة ٩٥٪.
أهالى المدينة أكدوا لـ«الوطن» أن ما تعرضوا له العام الماضى مع السيول لا يمحوه الزمن، حيث كانت الطبيعة قاسية عليهم بسقوط كمية كبيرة من المياه أغرقت نصف المدينة ودمرت مناطق كاملة وشردت سكانها، مؤكدين أنهم يعتمدون على البحيرات والسدود الجارى إنشاؤها لعدم تكرار هذه المأساة، على حد وصفهم.
«رأس غارب» تكافح السيول بـ800 مليون جنيه.. والأهالى: راح زمن الغرق
«الوطن» التقت عدداً من أهالى المدينة لاستطلاع آرائهم حول مشروع حماية المدينة من السيول ومدى شعورهم بالأمان عقب الانتهاء منها، وقال حسين فرج: «مدينة رأس غارب واجهت أخطر وأشرس موجة سيول وكانت حديث العالم، نظراً لما أحدثته من خراب ودمار فى المدينة بأكملها، بعدها وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة والقوات المسلحة على الفور إلى مدينة غارب لإنقاذها من الغرق، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد قام بإعادة تطوير وتحديث البنية الأساسية للمدينة وأقام عدداً من السدود لحماية محافظة البحر الأحمر، ولولا عناية الله ثم اهتمام الرئيس وتوجيه جهود الدولة بشكل فورى لإنقاذ المدينة لاختفت بسبب شدة وكثرة السيول»، مؤكداً أن «الرئيس السيسى مهموم بالمستقبل ويعمل من أجل تحقيقه ليل نهار، ولا يدخر جهداً من أجل النهوض بمستقبل واعد مشرق لهذا الوطن الذى عانى الكثير لعهود طويلة».
وقال لطفى الدمرانى، من أهالى المدينة: إن ما تم إنشاؤه من سدود وبحيرات للحماية من السيول يعتبر إنجازاً كبيراً فى هذه الفترة الوجيزة، خلال عام، منذ تعرض المدينة للسيول العام الماضى، وأضاف لـ«الوطن» أن السدود والبحيرات الجارى إنشاؤها تساهم بشكل كبير فى درء أخطار السيول ومنع هذه المياه من الوصول إلى المدينة، ويجب الاستفادة من تخزينها فى أعمال الزراعة وعمل مخزون مياه جوفية، مشيراً إلى أن آخر لقاء لمحافظ البحر الأحمر مع اللجنة الشعبية من أهالى المدينة، أكد أن السدود الجارى إنشاؤها عامل مساعد فى حماية المدينة من السيول المحتملة فيما بعد لمنع تكرار ما حدث العام الماضى، وأضاف أن مراحل العمل وصلت لمراحل متقدمة فى إنشاء السدود والبحيرات، وهذا العام لن تتعرض المحافظة للسيول، وقال يجب الاستفادة من مياه الأمطار والسيول وإنشاء مجمع زراعى فى هذه المناطق يساهم فى الحد من البطالة وتشغيل الشباب.
«لطفى»: المياه التى يتم تخزينها هتفرق معانا فى الزراعة.. و«حمدى»: اللى شفناه مش هيتكرر تانى.. والمحافظ: المرحلة الأولى من خطة الحماية تتكلف 368 مليون جنيه
وقال حمدى فهمى: «جار إنشاء ٣ سدود إعاقة وتوجيه، وكل هذه الأعمال سوف تساهم بشكل كبير فى عدم تكرار ما حدث العام الماضى عندما أغرقت السيول مناطق مختلفة من المدينة، وأضاف أن الأعمال الجارية فى السدود والبحيرة مصممة بطريقة هندسية لتنقذ المدينة والسكان من السيول حال سقوطها.
وأكد اللواء ياسر شعبان، رئيس مدينة رأس غارب، لـ«الوطن» أنه نتيجة الأحداث التى وقعت العام الماضى نتيجة للسيول التى تعرضت لها المدينة، قامت المحافظة بالتنسيق مع وزارة الرى متمثلة فى معهد البحوث الجوفية، بإنشاء ٣ برابخ على محور طريق الشيخ فضل، باستغلال الطبيعة الجبلية للمنطقة لتوجيه مياه السيول خارج المدينة وتقليل سرعة المياه، وأشار رئيس المدينة إلى أن البربخ رقم ١ بالكيلو ٥١، جنوب الشيخ فضل، عبارة عن ١٠ فتحات، ٣ أمتار فى ٣ أمتار، بارتفاع ٦ أمتار، مزود بحاجز توجيه للمياه، والبربخ رقم ٢ بالكيلو ٥٠ لتحويل سير المياه جنوب طريق الشيخ فضل، وحتى علامة الكيلو ٨. وبربخ رقم ٣ بإجمالى ١٦ فتحة سعة الفتحة ٣ أمتار وحاجز توجيه يزيد على ٣١٩ متراً، بغرض توجيه المياه فى اتجاه الوادى واتجاه البحر خارج المدينة لحمايتها، وأضاف أن بحيرة وادى الدرب تتسع لمليون و٢٠٠ ألف متر مكعب، وتم الانتهاء منها بنسبة ٩٥٪، بالإضافة إلى إنشاء ٣ بحيرات سعة ٨٠٠ ألف متر مكعب لتوفير الحماية لشركات البترول العاملة بالمدينة، فى منطقة وادى الحوارية، من السيول، مشيراً إلى أنه يقوم بالمرور على العمل بشكل شبه يومى حتى الانتهاء منها.
وقال حمادة غلاب، عضو مجلس النواب عن دائرة رأس غارب والغردقة، لـ«الوطن» إنه عقب حدوث أزمة السيول التى ضربت المدينة العام الماضى لم تتوان الدولة ولو للحظة فى دعم المحافظة بالمخصصات المالية اللازمة لإنشاء سدود وبحيرات لحمايتها من السيول، مشيراً إلى أنه جار إنشاء ٣ سدود إعاقة لمياه السيول، بالإضافة إلى الانتهاء من إنشاء البحيرة الصناعية بنسبة كبيرة، والتى تحتجز ملايين الأمتار، وأن هذه الأعمال تساهم بشكل كبير فى حماية المدينة من السيول، هذا فضلاً عن إقامة مشروعات حماية من السيول فى جميع مدن المحافظة بتكلفة مالية كبيرة.
وأكد مصدر بالإدارة أنه من المقرر أن تفوق سعة البحيرة الصناعية المليون متر مكعب، من مياه السيول، وتسهم فى حماية وسط وجنوب المدينة، من أخطار سيول وادى الدرب، وأوشكت البحيرة على الانتهاء، وفاقت نسبة المنفذ من الأعمال أكثر من 90% من قيمة أعمال البحيرة، وتقترب لحظات الانتهاء من جميع أعمال بحيرة وادى الدرب وحاجزها الخلفى لحماية مدينة رأس غارب من أخطار السيول.
وأعلن اللواء أحمد عبدالله، محافظ البحر الأحمر، أن نسبة تنفيذ أعمال حماية مدينة رأس غارب من السيول فى بحيرة وادى الدرب، قاربت على الانتهاء، مشيراً إلى أن الأعمال التى تمت حتى الآن تستوعب ملايين الأمتار من مياه السيول والأمطار، وأضاف المحافظ أن أعمال سدود الإعاقة فى وادى حواشية برأس غارب، وصلت لنسبة كبيرة من حجم الأعمال، موضحاً أن أعمال السدود والبحيرات الهدف منها تقليل الأضرار والآثار المترتبة على السيول، وتغذى مخزون المياه الجوفية للاستفادة منها فى الزراعة ضمن خطة التنمية المستدامة، وأوضح أنه تم وضع جدول زمنى لإنهاء المرحلة الأولى من أعمال الحماية فى فبراير المقبل، والبدء فى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الحماية، مشيراً إلى أن إجمالى الأعمال فى المرحلة الأولى ١٨ بحيرة صناعية و٧ سدود إعاقة، ولفت المحافظ إلى أن تكلفة خطة الحماية من السيول بلغت ٨٠٠ مليون جنيه، والمرحلة الأولى بتكلفة ٣٦٨ مليون جنيه فى جميع مدن المحافظة، استهدفت الأودية الأكثر خطورة، والمرحلة الثانية تضمنت المناطق الأقل خطورة لصالح التنمية المستدامة والسلامة بالمحافظة والتى تبدأ فى مارس المقبل.