ما بين الملكية والجمهورية.. مواقف أم كلثوم مع حكام المحروسة
أم كلثوم
عاصرت أم كلثوم 5 حكام تولوا مقاليد حكم البلاد، وبحكم تربعها على عرش الأغنية المصرية والعربية، كانت لها مواقف وتجارب عدة مع حكام مصر، بداية من الملك فؤاد ونجله فاروق، ثم مرورًا بقيام ثورة يوليو وتولي الرئيس جمال عبدالناصر السلطة، ومن بعده محمد أنور السادات.
«الوطن» تحدثت مع الكاتب الصحفي حنفي المحلاوي، نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار الأسبق، ومؤلف كتب: «أم كلثوم و50 سنة سياسة»، «أم كلثوم: الحب والزواج والأصدقاء»، «سيدتان من مصر أم كلثوم وجيهان: خفايا الصراع وأسبابه»، «عبدالناصر وأم كلثوم علاقة خاصة جدًا»، وغيرها من المؤلفات التى تناولت جوانب من حياة الفنانة الراحلة، بناء على روايات المقربين من الأحداث مثل مصطفى أمين، وسعد الدين وهبة، وحسن الإمام عمر، إضافة إلى ما نُشر في الصحف.
واستهل «المحلاوى» حديثه عن أم كلثوم، قائلاً: «لم تكن لها علاقة مباشرة بالملك فؤاد، ولكن ما حدث، إبان عهده، أن شريف صبري، شقيق الملكة نازلي، طلب الزواج منها، ولكنها رفضت؛ لأنه طلب أن يتزوج منها عرفيًا، وكان وقتها متزوجًا من أخرى، ومن هنا نشأت حالة من الشقاق بينها وبين نازلي التي رأت أنه من غير اللائق أن يُرفض اخوها».
وتابع: «بعد رحيل الملك فؤاد، ومن خلال الصحفي محمد التابعي نشأت علاقة صداقة قوية بين أم كلثوم وأحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكي حينها، وفي إحدى حفلات ذكرى تتويج الملك فاروق، المقامة في النادي الأهلي وقتها، غنت "الليلة عيد" والتي كتبها الشاعر بيرم التونسى، احتفاءً بالملك آنذاك».
وأكمل: «كانت أم كلثوم وقتها تحاول أن تنشئ علاقة طيبة بفاروق بعيدًا عن والدته الملكة نازلي، وخلال الحفلة رد عليها الملك الهدية، بمنحها وسام الكمال الذي لا يمنح سوى لعضوات الأسرة المالكة، واعترضت نازلي حينها على الأمر، لكن أحمد حسنين باشا كان له تأثير على الملك وجرت الأمور دون أي مشكلات، وفيما بعد أصبح الوسام محل تبرم من السيدة جيهان السادات».
سقوط الملكية وقيام ثورة يوليو شكل مرحلة فارقة في حياة كوكب الشرق، ويقول «المحلاوى»: «أعلن مجلس قيادة الثورة منع تشغيل أغنيات أم كلثوم على الإذاعة المصرية، وحرمانها من إقامة حفلاتها، فلجأت إلى صديقها مصطفى أمين، الذى تحدث مع الرئيس جمال عبدالناصر حينها، باعتباره رئيس مجلس قيادة الثورة، وقال له إن الهرم من العهد البائد، فهل من الممكن أن نزيله؟! فما كان من ناصر إلا أن طلب أم كلثوم لحضور اجتماع مجلس قيادة الثورة، ورفع الحظر الذي فرضه المجلس على أغانيها وحفلاتها، بل وقرر أن يقام لها حفل شهري، وكانت بداية العلاقة الطيبة بينه وبين سيدة الغناء العربي، التي أصبح لها نفوذ في مؤسسة الرئاسة حتى وفاته».
وأضاف: «كانت أم كلثوم على صلة وطيدة بأسرة جمال عبدالناصر، فكانت تزورهم باستمرار في منزلهم، وتغني في حفلات أعياد ميلادهم، كما كان هناك اتصال دائم بينها وبين الرئيس ناصر، وجمعتها بالطبع علاقة ود بحرمه تحية».
كارثة الخامس من يونيو 1967، كانت شاهدة على مدى تعلقها ببلدها، وبحسب «المحلاوى»: «كادت أن تموت بسبب النكسة، حيث أخذت على عاتقها إقامة حفلات داخل مصر وخارجها لصالح المجهود الحربي، وتبرعت بما لديها من أموال وذهب للقوات المسلحة، كما شهدت خلال هذه الفترة بأغنيات خاصة لرفع الروح المعنوية للجيش، وغنت له بعد بيان التنحي "ابق فأنت حبيب الشعب"، وعندما مات عبدالناصر أعلنت اعتزالها الغناء».
ويرى «المحلاوى» أن علاقة أم كلثوم بالرئيس السادات شهدت توترات عدة: «عندما تولى أنور السادات مقاليد الحكم ذهبت لتهنئه، قائلة: مبروك يا أبوالأنوار، وتضايقت وقتها جيهان السادات، فكانت عداوتها شديدة تجاهها، وحاولت الرد على حيازة كوكب الشرق على وسام الكمال أيام الملكية، لا سيما أن السادات لقب زوجته بسيدة مصر الأولى، لتكون هى الأعلى من أم كلثوم».
وأردف: «السادات حسب أم كلثوم على مرحلة الناصرية، وفي كل الأحوال لم تكن العلاقة بينهما جيدة، وتراجعت الراحلة عن قرار اعتزال الغناء عملاً بآراء المحيطين بها، بعدما قال الشاعر أحمد رامي لها إنها إن أصرت على موقفها ستدخل السجن، حيث نصحها بالابتعاد عن المواقف السياسية».