كيرى «يتملق» الفرنسيين بلغتهم لإقناعهم بضرب سوريا.. و«أولاند» يخاطب شعبه بعد قرار «الكونجرس»
أكدت الولايات المتحدة وفرنسا أنهما تحصلان على دعم متزايد لرغبتهما توجيه ضربات إلى سوريا، بعدما أبدت أوروبا ونصف دول مجموعة الـ20، تأييدها لـ«رد قوى» بدون الحديث عن تحرك عسكرى. وقال الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند، مساء أمس الأول، إنه يعتقد أن «الكونجرس» الأمريكى سيصوت على اللجوء إلى التدخل العسكرى «الخميس أو الجمعة»، مؤكداً أنه ينتظر تقرير خبراء الأمم المتحدة حول استخدام أسلحة كيماوية «على الأرجح فى نهاية الأسبوع المقبل».
من جانبه، أكد وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، خلال مؤتمر صحفى مع نظيره الفرنسى لوران فابيوس فى باريس، أن «هناك عدداً من الدول -عدد من رقمين- المستعدة للمشاركة فى عمل عسكرى. هناك مزيد من الدول المستعدة للتحرك عسكرياً، وفى الواقع أكثر مما نحتاج إليه للعمل العسكرى المطروح»، بدون أن يوضح هذه الدول.
وفى محاولة للتودد إلى الشعب الفرنسى، استعرض كيرى طلاقته فى اللغة الفرنسية، فى خطاب يتودد فيه لفرنسا لمدة ثمانى دقائق، وتناول العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة وفرنسا منذ الثورة الأمريكية، متغاضياً عن الكثير من الخلافات البسيطة بين البلدين. وقال كيرى: «حين زار الرئيس جون كيندى الجنرال ديجول فى فرنسا قبل أكثر من 50 عاماً، قال إن العلاقة بيننا مهمة للحفاظ على الحرية فى جميع أرجاء العالم». وقالت وكالة أنباء «فرانس برس» الفرنسية، إن أداء كيرى يبدو «تملقاً» لحكومة فرنسا، باعتبارها ضمن عدد قليل من الدول المساندة لدعوة الرئيس الأمريكى لضرب سوريا، وهى محاولة لإقناع الرأى العام الفرنسى المتشكك فى الهجوم.
وأكد خبراء أنه إذا جرى عمل عسكرى «قصير ومحدد الأهداف»، بحسب ما تعلن عنه واشنطن وباريس، فإنه سيتخذ شكل إطلاق صواريخ عابرة، والدول التى تملك مثل هذه القدرات باستثناء فرنسا والولايات المتحدة، قليلة. وقال: «أصبح هناك سبع من أصل ثمانى دول فى مجموعة الـ8 تشاطرنا التحليل حول رد قوى، و12 دولة من مجموعة الـ20 تشاطرنا أيضاً هذا التحليل»، مشيراً أيضاً إلى دعم الاتحاد الأوروبى ومجلس التعاون الخليجى.
ونفى فابيوس أن تكون فرنسا والولايات المتحدة، معزولتين على الساحة الدولية، بسبب رغبتهما فى شن عمل عسكرى ضد دمشق، أما كيرى، فقد رحب بـ«الإعلان القوى جداً» للاتحاد الأوروبى حول سوريا، معتبراً أنه «مشجع»، رغم أن البيان اكتفى بالتأكيد على ضرورة «رد قوى» ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، دون تحديد شكل هذا الرد.
من جانبهما، حذرت السويد وبولندا من أى ردود فعل انفعالية فى النزاع السورى، معتبرتين أن أى جهد دولى سيتطلب «التزاماً للعقود المقبلة». وفى الوقت نفسه، تواصل واشنطن وباريس ممارسة الضغوط لإقناع الرأى العام الفرنسى والأمريكى بجدوى الضربات العسكرية، ووعد أولاند بالتحدث إلى الفرنسيين بعد تصويت «الكونجرس» وتسليم تقرير مفتشى الأمم المتحدة.
فى السياق ذاته، عرضت شبكة «سى.إن.إن» الأمريكية، مساء أمس الأول، شريط فيديو لجثث ضحايا من الكبار والأطفال، قالت إنهم ضحايا الهجوم الكيماوى، وعرضت السلطات الفرنسية هذا النوع نفسه من التسجيلات للجمهور الفرنسى. وطالب مجلس التعاون الخليجى المجتمع الدولى بـ«تدخل فورى» فى سوريا، بهدف «إنقاذ» الشعب السورى من «بطش» النظام.
وفى الفاتيكان، وجه البابا فرنسيس نداءً حاراً لـ«العمل من أجل السلام والمصالحة» ووضع حد للحرب، وذلك أثناء الصلاة من أجل سوريا التى عمت العالم أجمع. وقال البابا: «الحرب هى دائماً فشل للإنسانية»، داعياً إلى «سلوك طريق آخر غير الحرب».
وأدانت الدول الـ9 الأعضاء فى التحالف البوليفارى لشعوب أمريكا «ألبا»، وهو التكتل الإقليمى الذى أسسته فنزويلا وكوبا، احتمال حصول تدخل عسكرى فى سوريا، وأعلنت إرسال مساعدات إنسانية إلى اللاجئين السوريين فى لبنان. وقال التحالف، فى بيان له أمس، تلاه أمينه العام رودولفو سانز، إنه «يدين بشدة أى عمل بشأن نية التدخل عسكريا فى سوريا. التحالف يطلب من الولايات المتحدة الامتناع عن القيام بأى اعتداء عسكرى أو تهديد باستعمال القوة ضد الشعب والحكومة فى سوريا»، متهماً واشنطن باللجوء إلى نفس الاستراتيجية ضد النظام السورى التى استعملتها فى ليبيا والعراق ومصر.
من جانبها، قالت نانسى بيلوسى، زعيمة الديمقراطيين فى مجلس النواب الأمريكى، إنه يجب أن تتضمن الكلمة التى يوجهها أوباما إلى الشعب الأمريكى يوم الثلاثاء المقبل، التأكيد على محدودية الضربة العسكرية ضد سوريا، مؤكدة أن «وقف استخدام أسلحة الدمار الشامل ركيزة للأمن القومى للولايات المتحدة، وأنه لا يمكن السماح بالاستمرار فى استخدام تلك الأسلحة». وقال مسئول أمريكى بارز، إن الرئيس الأمريكى سيسجل عدة مقابلات بعد ظهر اليوم، لتبثها الشبكات التليفزيونية الكبرى، لإقناع الرأى العام الأمريكى.
وأبدى وزير الدفاع النمساوى جيرهارد كلوج، استعداده المشاركة فى بعثة أممية لإقرار السلام فى سوريا، بهدف التخلص الآمن من الأسلحة الكيميائية، مؤكداً أن بلاده على استعداد لإرسال 20 خبيراً متخصصاً فى الأسلحة الكيماوية، إضافة إلى وحدة من القوات الخاصة، مشدداً على ضرورة توفير البيئة الآمنة لعمل البعثة، مرجعاً السبب فى تقديم هذا العرض إلى الولايات المتحدة لكونها «عنصراً مهماً» فى مجلس الأمن الدولى. وأعربت جميع أحزاب المعارضة النمساوية عن غضبها بشأن العرض الذى تقدم به وزير الدفاع، حيث طالب عضو البرلمان عن حزب الخضر بيتر بيلتس، بنشر محتوى الخطاب، ودعا إلى انعقاد مجلس الأمن الوطنى لمناقشة العرض المقدم.
وقالت صحيفة «لوموند» الفرنسية، إن «عدم اتخاذ قرار حتى الآن بشأن التدخل العسكرى، هو الثمن السياسى للفشل الذريع للهجوم الأمريكى على العراق عام 2003»، مشيرة إلى أنه «على الرغم من القناعات المختلفة (الغربية)، إلا أن الرأى العام الأمريكى، كما فى أوروبا، يعارض وعلى نطاق واسع العمل العسكرى الوشيك ومشاركة بلادهم ضد نظام الرئيس السورى بشار الأسد»، معتبرة تلك المواقف هى المواقف المعاكسة للمواقف التى اتُخذت خلال التدخلات العسكرية السابقة، بسبب إرهاق تلك الدول فى حروب دون نتيجة واضحة ومرضية.
من جانبها، قالت صحيفة «صانداى تايمز» البريطانية، أمس، إن عدداً من ضحايا الهجوم الكيماوى المزعوم، نُقلوا سراً إلى بريطانيا لإجراء اختبارات وتحليلات بالمعامل المختصة لمسح آثار الغازات السامة التى تعرضوا لها، وهى التقارير التى بنى عليها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تصريحاته.