بين مواطن يلوث ودولة تسعى للحماية.. نهر النيل محاط بالقمامة والصرف
مخلفات طبية بجوار أحد أفرع النهر
«من يلوث ماء النيل، سيصيبه غضب الآلهة» نص فرعوني قديم، حفظه الأجداد وطبقوه، وبعد آلاف السنين كان الأحفاد، يوجهون إليه ماسورات الصرف، وتقف عربات الكسح على فروعه تلقى فيه ما حوت، وعلى شاطئيه قمامة ومخلفات حيوانية وطبية، في مشهد لا يليق بشريان الحياة لمصر، في ظل أزمة يتابعونها تخص سد النهضة.
مخلفات طبية، تنوعت ما بين جوانتي وإبر وضمادات، وقطع قطنية سبق تنظيف بعض الجروج بها، وعلب أدوية فارغة، ملقاة إلى جوار أحد أفرع نهر النيل، الذي يمر داخل مركز البدرشين في الجيزة، يقف أمامها معتمد عربي، وعلى وجهه علامات الاستنكار، يضرب يده كفا بكف: «مش زمان قالوا مصر هبة النيل، آدى اللي إحنا بنعمله في النيل» الرجل الذي يعمل محاسبا بإحدى الشركات الخاصة، ويتابع عبر وسائل الإعلام ما يحدث في أثيوبيا، والتصريحات المقلقة بخصوص السد، يتمنى أن يحترم المصريون النيل قبل الشكوى من تصرفات الغير: «لما إحنا بنعمل فيه كده، يجيلنا وش نتكلم إزاي، وناس ترجع تقول المية ملوثة والمية فيها مشاكل».
على بعد خطوات كان عمر على يمسح التوكتوك الذي اشتراه منذ أشهر، بقطعة من الإسفنج، التي يغطيها في جردل مياه مغطى بالصابون، يشير الشاب إلى عربة كسح تقف غير بعيد، وتضع خرطومها في المياه ثم تصرف كل ما حوت: «على الحال ده من زمان، وعشان كده بيبقى عندنا فشل كلوي، ومشاكل صحية، بس لما حد يجيب سيرة سد النهضة بنتحمق» ثم ينهمك الشاب في مسح التوكتوك قبل أن يلقي بالمياه التي معه في النيل، ويعود مجددا للحديث: «كان أولى بينا نهتم بالمية بتاعتنا، قبل ما نشوف الغريب هيعمل فيها إيه». يتمنى الشاب الذي يشارك بدور بسيط في تلويث المياه أن تكون هناك رقابة شعبية وتوعية بخطورة تلويث المياه بشكل أكبر.
إلقاء القمامة على الطريق، أو أمام مبنى، ربما يخلق المشاكل ويجلب السباب، لكنها حين توضع بالقرب من المياه، فلن يشتكي أحد، أو يعلن آخر تضرره، بحسب محمود شكري، أحد سكان مركز البدرشين والذي أشار للقمامة الملقاة بجانب النهر: «والله عيب علينا اللي إحنا فيه، الدولة مفروض إنها بتتحرك عشان تحمي النيل من السد ومخاطره، لكن العيب في الآخر علينا إننا بنتعامل معاه كده».