أصعب مشاهد «نظرية كل شىء» عندما فقد «هوكينج» قدرته على النطق.. وبطل الفيلم كان يستحق «الأوسكار»
ستيفن هوكينج
«ستفقد قدرتك العضلية وقدرتك على البلع ثم قدرتك على التنفس»، يسأله المريض: وماذا عن المخ؟ الرد: لن يتأثر، ولكن ستظل أفكارك مدفونة فى رأسك لن يطلع عليها أحد إلا أنت!.. ملخص الحوار بين طبيب الأعصاب وعالم الفيزياء العبقرى ستيفن هوكينج مريض الـ«ALS».. يا له من عذاب أن أظل ماكينة تفكير وإبداع يقظ لكن هذه الماكينة سرية تجتر بلا فائدة أو إشعاع، مثلها مثل الثدى الملىء بحليب الرضاعة لكنه مخزون لا يخرج للرضيع.
هذه الجملة كانت مفتاحى لفيلم «نظرية كل شىء» عن قصة كنت مندهشاً كيف لم يلتفت إليها صناع السينما، فهى من وجهة نظرى أعظم قصة تحدٍ فى القرن العشرين، وما زالت فى القرن الحادى والعشرين تواصل التحدى، وكذلك قصة الحب بين هوكينج وزوجته «جين» هى أيضاً واحدة من أعظم قصص الحب والعطاء.
قال له الأطباء: ستفقد قدرتك العضلية وقدرتك على البلع ثم التنفس.. فسألهم عن المخ: لن يتأثر ولكن ستظل أفكارك مدفونة فى رأسك لن يطَّلع عليها أحد
«جين» الجميلة الرومانسية دارسة الشعر الإسبانى تصر على استكمال قصة حبها مع الفيزيائى الشاب ستيفن هوكينج بعدما اكتشفت مرضه وعرفت أنه سيموت بعد عامين، وتيقنت من أنها ستكون ممرضة أكثر منها زوجة، برغم كل ذلك أصرت ووقفت إلى جانب زوجها الذى عاش أكثر من خمسين عاماً بعد نبوءة الأطباء، وحتى أصبح أشهر عالم فيزيائى فى العالم تتسابق الدول إلى استضافته كمحاضر فى جامعاتها، قصة حب أسطورية ناعمة تبكيك أحياناً، وتبث فيك الأمل أحياناً أخرى.
ستيفن هوكينج لغز بشرى تمرد على كل قواعد الطب، هو شخص استثنائى بكل المقاييس، يحل أعقد مسائل الفيزياء بمنتهى السلاسة والسرعة، يعشق موسيقى فاجنر ويعرف أدق تفاصيلها وكأنه مؤرخ موسيقى، يمتلك روح دعابة تتفوق على ممثلى الـ«ستاند أب كوميدى»، صاحب إرادة فولاذية، كلما اقترب منه الموت أشاح بوجهه وكأنه خجلان من قوة وصلابة إرادته، فما زال عند «هوكينج» الجديد الذى يقدمه للعالم، وكأن الموت يقول: «سأتركك حتى تنتهى من نظرية تفسر كل شىء فى الكون، فأنت الوحيد القادر على ذلك».
عشق موسيقى «فاجنر» وكان يعرف أدق تفاصيلها وأحب «جين» ممرضته الجميلة وتزوجها ووقفت بجانبه حتى أصبح أشهر عالم فيزيائى فى العالم
تخيلوا إنساناً لا يصعد السلم إلا زحفاً، شخصاً مهدداً كل ثانية بتوقف البلع والموت من كسرة خبز محشورة، ينتظر توقف التنفس فى أى لحظة، وقد حدث وهو فى صالة الأوبرا وانتهى الموقف بشق حنجرته حتى يستطيع التنفس ولكنه فقد بعدها القدرة على الكلام، كيف لمثل هذا الإنسان أن يواصل حياته، ولن أقول كيف يبدع ويؤلف نظريات علمية ويعلم ويجادل الفطاحل فى أصعب وأعقد العلوم؟ كان ذلك مستحيلاً بكل المقاييس وبالورقة والقلم، لكن المستحيل قد حدث بحقنة الأمل، كانت أصعب مشاهد الفيلم عندما فقد القدرة على الكلام والتواصل فصار جثة مقعدة على كرسى متحرك، حتى أنقذته شركة «أنتل» بالجهاز الذى يترجم أفكاره وخواطره إلى صوت ناطق. كان الجهاز يعمل بلمسات اليد، والآن صار يعمل برمش العين بعدما لفظت يده رعشتها الأخيرة، يستحق بطل الفيلم «إيدى ريدماين» جائزة الأوسكار، فقد أدى دور ستيفن هوكينج ببراعة، خاصة أن النصف الثانى من الفيلم كان فيه العبء كله على نظرات وتعبيرات ورسائل العين فقط تصل منها للمشاهد كل الأحاسيس من الشجن إلى الفرح.
الفيلم ركز على قصة الحب نظراً لاعتماده على كتاب يحكى هذه القصة من وجهة نظر الزوجة المحبة المضحية، لكن ما زالت هناك مناطق ثرية فى حياة هذا العبقرى تستحق التصوير والتسجيل.
صورة لأفيش الفيلم عن الراحل