ألعاب «العالم الافتراضى».. موت خلف الشاشات
10:28 ص | الخميس 05 أبريل 2018
صورة أرشيفية
ألعاب افتراضية تعتمد على أساليب مغرية لجذب الشباب إليها، والتأثير عليهم وصولاً إلى أهداف أخرى قد تصل فى بعض الأحيان إلى موت اللاعب نفسه، وهو ما حدث مع لعبة «الحوت الأزرق»، الإلكترونية، التى أثارت ضجة عالمية وعربية واسعة، وانتقلت بعدها إلى مصر لتسجل حالات انتحار جديدة بين الشباب.
الدكتور محمد الجندى، الخبير فى الجرائم الإلكترونية بالجامعة البريطانية، قال إن لعبة الحوت الأزرق، وغيرها من الألعاب الإلكترونية الخطرة، بدأت فى الأساس من جروبات السوشيال ميديا مثل «فيس بوك» وتطبيق «واتساب» لتستقطب فى الأساس الأطفال والمراهقين والشباب الذين يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية، وذلك من خلال ما يتداولونه عبر صفحاتهم الشخصية من منشورات تعطى لقائد الجروب معلومات عن الشخص، ولذلك من الخطورة أن يكتب الأشخاص أمور حياتهم الشخصية على مواقع التواصل حتى لا يقعوا صيداً سهلاً لصانعى هذه الألعاب. وأضاف «الجندى»، لـ«الوطن»، أن مثل هذه الألعاب تعتمد على أسلوب التدرج فى إدماج وجذب الأشخاص إليها، وتبدأ بجذب مجموعة من الأشخاص يعانون من مشكلات نفسية ثم يبدأ قائد الجروب إعطاء أوامر أو تحديات معينة يجب خوضها يومياً، ويسعى الأفراد لتنفيذها كنوع من التحدى والمنافسة فيما بينهم ومنها يتدرج إلى إعطاء أوامر أكثر خطورة تصل إلى أمر بالانتحار.
خبراء: تسيطر على عقول الشباب والأطفال بأوهام القوة والتحدى
وأوصى خبير الجرائم الإلكترونية بضرورة تكثيف حملات التوعية بخطورة مواقع السوشيال ميديا والألعاب الإلكترونية كحل أساسى لتفادى وقوع كوارث بسبب هذا النوع. وأكد المهندس طلعت عمر، نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسى الاتصالات، أن هذا النوع من الألعاب الافتراضية يرتكز فى المقام الأول على شد انتباه الشباب ودمجهم فى اللعبة ومن ثم يسهل الاستجابة لكل أوامر قائد اللعبة، وهى عملية وصفها بـ«غسيل مخ» للأشخاص لإلغاء قدرتهم على التفكير، وأشار إلى أن دور الجرافيكس والألوان فى هذا النوع من الألعاب لا يقع عليه الاعتماد الأكبر فى تحقيق الهدف، وإنما يكون الاعتماد الأكبر على إعطاء اللاعب معلومات وتأثيرات معينة لإفقاده السيطرة على نفسه والانغماس فى جو اللعبة، بدعم من المؤثرات السمعية والحسية والبصرية، ومن هنا فالتطور التكنولوجى الهائل لا يمكن التغلب عليه إلا بالتوعية والفهم الجيد.
من جانبه، أكد مالك صابر، خبير البرمجيات، أن طرق الحماية من هذه الألعاب تتلخص فى أن تقوم الأسرة باتباع عدة طرق تمكنهم من حجب وصول أبنائهم لتحميل هذا السم. أولها تحميل تطبيق App Lock الذى يستطيعون من خلاله غلق «البلاى ستور» للموبايل عن طريق وضع كلمة سر، وأضاف: «ممكن الأهل ينزّلوا أبليكيشن يعمل باسورد على البلاى ستور فما يقدرش الأطفال يفتحوه أصلاً ودى تنفع مع الأطفال ما قبل سن المراهقة».
ويشير «مالك» إلى أن أكثر الطرق فاعلية هى استخدام الأهل لخاصية parental control الموجودة بمتجر البلاى ستور التى تمكنهم من حجب الأبليكيشن عن طريق وضع «pin code» خاص بتحميله: «الرمز ده يكون معروف من جانب الأهل بس وهما اللى يتحكموا فى تحميل التطبيق وهما بس اللى يكونوا عارفين الرمز، ودى طريقة بتناسب أكثر الشباب المراهقين».
ونوه بأن تطبيقات Screen Time، وNet Nanny وScreen Teen، من أفضل التطبيقات التى يمكن من خلالها للآباء مراقبة أجهزة أبنائهم: «البرامج دى عليها خاصية تقدر الأهالى من خلالها إنها تعمل نظام مراقبة للألعاب الخطر زى الحوت الأزرق ويعرفوا خطوات أولادهم على الإنترنت»، وما هى سوى بضع دقائق ويستطيع الأهالى التخلص من المشكلة جزئياً: «هيكون حل بس مش بنسبة 100%.. بس دى وسائل المفروض الأسرة تتبعها للاحتياطات الأمنية واحنا بقينا فى حاجة ليها». وبحسب «مالك» فإن الأهل يستطيعون أيضاً مراقبة استخدام الابن لكل التطبيقات: «البرامج دى بتديك تقرير بمدة استخدام كل تطبيق على جهاز الطفل وكل لعبة وآخر برنامج الطفل فتحه على التاب الخاص به»، كما بادر «مالك» بضرورة عمل أبليكيشن لحظر هذه اللعبة على وجه الخصوص: «سهل جداً إن أى مهندس يعمل أبليكيشن الأهل ينزّلوه على هواتفهم يعمل عن طريق حظر للعبة دى.. ودى حاجة إحنا محتاجينها فى مصر خصوصاً بسبب إدمان الأطفال ليها.. الإنترنت عامل دلوقتى زى الطوفان لازم عشان نواجهه يكون بنفس السلاح».
«الجندى»: تستقطب من يعانى مشكلات نفسية واجتماعية.. و«طلعت»: تُفقِد اللاعب السيطرة على نفسه.. و«مالك»: «أبليكيشن» الأسرة لحصر الألعاب الخطرة
وقالت الدكتورة هالة يسرى، أستاذ علم الاجتماع، إن بعض الأطفال لا يميزون بين الألعاب الخطرة والعادية، نظراً لعدم استيعابهم لها، مضيفة أن الأطفال يحتاجون إلى متابعة شديدة من قبل الآباء خاصة فى مرحلة المراهقة، ولذلك لا بد للآباء والأمهات أن يملأوا فراغ الأطفال من خلال إعطائهم عدداً كبيراً من المعلومات والروايات المختلفة وألعاب الذكاء.
فيما أوضح الدكتور طه أبوحسين، أستاذ علم الاجتماع، أن الطفل الذى يقضى فترة طويلة فى مشاهدة العنف يتحول سلوكه إلى العنف دون النظر إلى العواقب أو ما سيحدث فيما بعد. ونصح أولياء الأمور بمنع أبنائهم أقل من 3 سنوات حتى 11 سنة من مشاهدة أفلام وبرامج العنف، ووجه بالاهتمام بالأشياء المادية الملموسة مثل «كرة القدم، السيارات، العرائس، الطين وغيرها» والابتعاد عن الأجهزة الذكية فى تلك المرحلة العمرية الخطرة.
وأكد أن الانتحار لا يأتى من فراغ حيث لا تتولد الرغبة أو الدافع فى يوم ولكنها نتيجة تراكمات سلوكية تركت انطباعاً ذاتياً جداً فى الخيال يجد فيها الشخص أنه صحيح وعبقرى وذكى، ثم يُصدم من الفشل والإحباط فيرى حينها أن الموت هو الحل.
من جانبه، قال الدكتور طارق أسعد، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، إن الألعاب الإلكترونية الخطرة لها تأثير كبير فى تغير سلوك الأطفال والشباب، إذ يتحولون بمجرد ممارسة الألعاب التى بها عنف إلى أشخاص عدوانيين ومحبطين، بجانب أنه مع الوقت يميلون لفعل ما يشاهدونه، خصوصاً الأطفال، لعدم قدرتهم على التمييز بين الواقع والخيال.