غاز «نوفيتشوك».. أشد الأسلحة فتكاً بعد «النووى» يشعل العلاقات الفاترة
الجاسوس الروسى «سكريبال» وابنته قبيل تسممهما بالغاز
غاز «نوفيتشوك» أو «المقبل الجديد» بالروسية، أخطر ثانى سلاح عرفته البشرية بعد القنبلة النووية، أنتجه الاتحاد السوفيتى السابق منذ 40 عاماً ليكون سلاحاً للجيش يمكن لـ120 كيلوجراماً منه قتل 2 مليون شخص، وتحول إلى شرارة تنذر باقتراب حرب بيولوجية جديدة عقب استخدامه لأول مرة مطلع الشهر الماضى لتسميم العميل الروسى المزدوج سابقاً «سيرجى سكريبال» وابنته «يوليا»، عقب خروجهما من مركز تسوق بمدينة سالزبورى البريطانية، وجدتهما الشرطة فاقدى الوعى على أريكة، لتسطر العلاقات الروسية الأوروبية أزمة تاريخية غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب الباردة مطلع التسعينات، وصلت ذروتها بحملة طرد هى الأكبر شاركت بها أكثر من 24 دولة من أوروبا الوسطى والشرقية.
ماذا يعنى استخدام غاز «نوفيتشوك» فى أحد شوارع بريطانيا؟ الإجابة فى وصف خبراء الأسلحة البيولوجية للغاز بـ«السلاح العسكرى» و«سلاح دمار شامل»، ينتمى لأكثر غازات الأعصاب فتكاً، وهى (تابون - سارين - سومان - فى إكس - نوفيتشوك)، المادة السامة تعتمد على مركب كيميائى من الفوسفور والكربون، وهو من المركبات التى تشل الأعصاب وتدخل جسم الإنسان عبر الجلد أو المعدة أو جهاز التنفس، فى صورة غازية أو سائلة، ليصيب الجهاز العصبى ويسبب التشنج وفقدان الاتزان والغيبوبة العميقة، وتؤدى الإصابة به للوفاة خلال عدة ساعات، وفى حال لم يمت المصاب يصبح معاقاً، وهو أقوى عشر مرات من غاز الأعصاب «فى إكس»، الذى استخدم فى قتل الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية فى ماليزيا العام الماضى.
رئيس «مراقبة التسلح»: هناك احتمال لتعرض المئات للغاز السام وليس فقط العميل الروسى.. ومن غير المحتمل إنتاجه خارج روسيا
بداخل أحد معامل معهد الأبحاث للكيمياء العضوية والتكنولوجيا فى الاتحاد السوفيتى سابقاً كُتبت شهادة ميلاد «نوفيتشوك»، فى ستينات القرن الماضى، ليكون بديلاً أشد فتكاً من غاز «سارين» ضمن تجارب تطوير أسلحة كيميائية من الجيل الرابع، وظهرت خطورة المولود الجديد فى المراحل الأولى من تجربته عندما تسمم الباحث آندريه زيليزنياكوف بهذه المادة وفقد نتيجة ذلك القدرة على السير ونقل إلى مستشفى سرى فى مدينة لينينجراد الروسية، ظل الباحث يعانى من الاكتئاب والصرع المزمن، وتوفى بعد خمس سنوات بعد الحادث، لكن الحادث الوحيد المثبت وثائقياً لاستخدام المادة التى تثير نفس العواقب التى تثيرها مادة «نوفيتشوك»، هو حادث تسميم رجل أعمال إيفان كيفيليدى وسكرتيرته فى التسعينيات.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذى للمعهد الدولى للدراسات ومراقبة التسلح والخبير بالأسلحة الكيميائية دارلى كيمبال، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن «نوفيتشوك» يعد من الغازات الخطيرة والمميتة للغاية، وهناك احتمالية أن يكون هناك مئات الأشخاص تعرضوا للغاز وليس فقط سكريبال وابنته، ما يفسر الذعر الأوروبى من ظهوره فى أحد شوارع بريطانيا.
ويعد هذا النوع من الغازات محظوراً من قبل منظمة الأسلحة الكيميائية، كما ذكر «دارلى»، والحظر يسرى على منع استخدامه ليس فقط فى إنجلترا ولكن فى سوريا أو العراق أو أى دولة حول العالم، وطالب «دارلى» بضرورة أن تظهر التحقيقات بشكل واضح ملابسات حدوث تسمم «سكريبال»، ومن المسئول عن ذلك، حتى نتجنب تكرار هذه الحوادث، مؤكداً أنه من غير المحتمل أن ينتج هذا النوع من الغازات خارج روسيا، التى بدأت فى السبعينات من خلال الاتحاد السوفيتى السابق امتلاك المعادلة الكيميائية الحصرية لإنتاج هذا النوع من الغازات الخطيرة، ووصول هذا الغاز لأحد الشوارع البريطانية يتطلب حرصاً شديداً جداً فى نقله بطرق سرية، ورجح العضو السابق فى لجنة الأسلحة البيولوجية فى الأمم المتحدة والخبير العسكرى إيجور نيكولين، عدم إمكانية نقل مادة «نوفيتشوك» السامة، لأنها تتميز برائحتها اللاذعة والمفعول الفورى، إلا أن إمكانية تغليف هذه المادة واردة، بحسب ما ذكره، فى كبسولات صغيرة تذوب لاحقاً فى الغذاء، ويمكن تنفيذ ذلك من خلال شركات تعمل لتخليق المواد الكيميائية المجهرية وهى منتشرة فى عدد من الدول.