«الوطن» ترصد مواجهة «إخوانية - مدنية» عن ثورة 30 يونيو داخل «معهد ويلسون» فى واشنطن
واصلت مراكز الأبحاث الأمريكية اهتمامها بالأوضاع فى مصر، ونظم معهد ويلسون للدراسات مؤتمرا، أمس، تحت عنوان «هل تقف مصر فى الاتجاه الصحيح؟»، رصدت فيه «الوطن» تفاصيل مواجهة مصرية جديدة مع الإخوان، ولكن هذه المرة فى العاصمة الأمريكية واشنطن.
شارك فى المؤتمر من مصر، كل من محمد أنور السادات، رئيس حزب التنمية، والقيادى الإخوانى، محمد طوسون، رئيس اللجنة التشريعية فى مجلس الشورى المنحل، و3 نواب شورى سابقين هم، سامح فوزى ونيللى يعقوب وفضية سالم، وعدد من الدبلوماسيين والأكاديميين الأمريكيين والأوروبيين.
وقالت جيم هارمون، مدير المعهد، وهو أحد مراكز النخبة المؤثرة فى دوائر صنع القرار الأمريكية، «إن الهدف من المؤتمر هو طرح كافة الأفكار بوضوح، من خلال حوار مفتوح، وإن المعهد سبق واستضاف الإخوان عندما كانوا فى الحكم وتناقشنا معهم حول الدستور والتنمية وضرورة الإصلاح، والآن وقد أطاح الجيش بحكم محمد مرسى دون أن أسمى ما حدث، فإن علينا أن نبحث ونناقش لمعرفة حقيقة ما حدث والمستقبل المنتظر فى مصر، التى تعد الدولة الأكبر فى العالم العربى وما يحدث فى مصر يؤثر على كل الدول المحيطة بها».[FirstQuote]
من جانبه، قال محمد أنور السادات، فى بداية النقاش، الذى أدارته هال إسفندرى، مسئول الشرق الأوسط بالمعهد، إن تدخل الجيش المصرى عقب ثورة الشعب فى 30 يونيو، لم يكن السيناريو الأفضل للأمريكيين أو للأوروبيين، ولكن هذا التدخل كان الأفضل للمصريين لأنه جنب مصر ويلات حرب أهلية.
أضاف السادات: «حاولنا كثيرا مع الرئيس مرسى ونصحناه كثيرا، ولكنه لم يكن يستمع لأحد سوى لجماعته، وهو ما تسبب فى الفشل الكبير لحكمه، فخرجت الملايين فى الشوارع للمطالبة بالتغيير، والجيش استجاب لمطالب الشعب، كما قام المصريون بدعم تحركات الجيش، ويدعمون الآن خارطة الطريق ونحن الآن لدينا طريق جديد سنصل فى نهايته لانتخابات رئاسية جديدة، تسبقها انتخابات برلمانية ودستور معدل يراعى الحقوق والحريات». وتابع: «أعرف قلق الأمريكيين والأوروبيين، وحديثكم عن ضرورة ضم الإخوان للعملية السياسية، ولكن الحقيقة أن الشعب المصرى يرفض كل من استخدم العنف وأتمنى أن يكون الإخوان قد تعلموا وأن يعيدوا تفكيرهم وأن يدركوا أن مرسى لن يعود».
وأوضح «السادات» للمشاركين فى المؤتمر «أن القوات المسلحة ليست لديها رغبة فى الاستحواذ على السلطة، وأنها ستقوم بتسليمها للرئيس الذى سيختاره المصريون عبر انتخابات حرة»، مشيراً إلى أن «الجيش نصح مرسى قبل 30 يونيو، مثلما نصحته كل القوى السياسية، ولكن مرسى لم يكن يثق ويستمع لأحد سوى جماعته وكان عقله خاضعا لنظرية المؤامرة، وأنه لا يوجد صديق حوله». وقارن «السادات» بين مرسى ومبارك عندما استجاب الأخير لمطالب الجماهير بالرحيل، وتساءل: «لماذا لم يطلب الأمريكيون والأوروبيون لقاء مبارك بعد رحيله عن الحكم، فهو أيضاً كان رئيسا منتخبا، حتى مع الاعتراف أنها كانت انتخابات أقل نزاهة من الانتخابات التى أتى بها مرسى؟ وكل هذا يثير شكوكا لدى المصريين الذين قالوا كلمتهم بأن على مرسى أن يرحل لينتخبوا رئيسا جديدا».[SecondImage]
وأشار إلى أن مرسى سيقف قريبا أمام قاض فى محاكمة طبيعية، عقب انتهاء التحقيقات معه هو والآخرين، وأن المحاكمة ليست استثنائية، وسوف تكون له كافة الضمانات القانونية التى يكفلها القانون للمتهمين.
وحذر السادات الأمريكان من التلويح للمصريين بقطع المساعدات، وقال: «المصريون لديهم كرامة، ومثل هذا الحديث يوجه رسالة سلبية للشعب المصرى، ويعزز من أقاويل تآمرية تتردد عند المواطن العادى، فى العلاقة بين مرسى والولايات المتحدة، ومخططات لتوطين الفلسطينيين فى سيناء، وأشياء من هذا القبيل، فمصر الآن لديها الكثير من التحديات وعلى الولايات المتحدة أن تبرهن على صداقتها لمصر بمساعدتها على المزيد من الإصلاح». فى المقابل، قال القيادى الإخوانى، محمد طوسون: «إن ما حدث فى مصر هو انقلاب عسكرى واضح المعالم، واعتداء على شرعية رئيس منتخب، ولا يجوز عزله بواسطة الجيش، كما أن رد فعل الولايات المتحدة والدول الغربية لم يكن مناسبا لما حدث، وذلك رغم تأكيدنا رفض التدخل الخارجى، ولكن كيف يُعتدى على شرعية رئيس بهذه الطريقة؟».
أضاف طوسون: «فى عهد مرسى لم تغلق أى قناة فضائية أو صحيفة، والآن تم إغلاق كافة القنوات الفضائية الإسلامية، وأُودعت كافة قيادات الإخوان فى السجون والآن يصاغ دستور بخمسين من المعينين، بعدما صاغته هيئة منتخبة، وكانت تذاع جميع جلساته على الهواء، وفى لجنة الخمسين تم إقصاء التيار الإسلامى الذى يمثل فقط بعضوين».
وشدد على أنه لا خروج من المأزق الحالى إلا بالاحتكام إلى الشعب، من خلال استفتاء شعبى، وقال إن مرسى لا يعنينا فى حد ذاته، ولكن ما يعنينا هو الشرعية التى يمثلها مرسى، والإرادة الشعبية التى تأتى عبر الصناديق هى الحكم. وزعم طوسون أن الذين سقطوا فى الانتخابات هم الذين يحكمون مصر الآن، والذين انتخبهم الشعب أصبحوا داخل السجون وبتهم مضحكة -على حد تعبيره- مشيراً إلى أن الليبراليين فقدوا الليبرالية، بدعوتهم إقصاء الإخوان، وظنوا أن الانقلاب سوف ينقذهم. وتملص القيادى الإخوانى من تهم العنف والإرهاب، وقال: «الإخوان لم يحرقوا الكنائس بل البلطجية هم من أحرقوها، ولو كان الأمر بيد الإخوان لدافعوا عنها بكل قوة»، فيما وصفت نيللى يعقوب، حديث القيادى الإخوانى، بأنه يجافى الواقع والحقيقة، وطلبت من المهتمين داخل الولايات المتحدة أن يقوموا بزيارة مصر ويلتقوا مع المصريين فى الشوارع لمعرفة الحقيقة.
وقال سامح فوزى إن مرسى كانت شرعيته بفارق 1% عن منافسه، ومعظم الذين انتخبوه كانوا يهدفون إلى منع وصول المرشح المنافس أحمد شفيق، ومع ذلك لم يسع لكى يكون رئيسا لكل المصريين، ولم يعمل للمصلحة القومية المصرية، مضيفا: «الديمقراطية ليست فقط عملية الانتخاب ونتيجة التصويت، ولكنها معايير وممارسة، وهو ما فشل فيه نظام مرسى والإخوان الذى استبعد ليس فقط الليبراليين والعلمانيين، بل حتى القوى الإسلامية التى اختلفت معه، والمجتمع المصرى عانى خلال العام الماضى بيئة الاستبعاد التى خلقها مرسى الذى تراجعت فى عهده قضايا المواطنة والعلاقة بين المسلمين والمسيحيين، فمرسى ركز على الصراع مع الجميع، ولم يفكر فى تحقيق إنجاز سياسى أو اقتصادى أو اجتماعى، على الرغم من كونه رئيسا جاء بعد ثورة لها مطالب اقتصادية واجتماعية واضحة»، وتابع: «الآن المطلوب من المجتمع الديمقراطى المصرى أن يتسع للجميع، ولكن لا يوجد مجتمع ديمقراطى فى العالم سيقبل بضم من ينتهجون طريق العنف».
فى حين قالت فضية سالم: أنا نائبة كنت أمثل سيناء، التى حولها مرسى إلى ملاذ آمن للإرهابيين، صحيح أن مرسى كان رئيسا منتخبا ولكن كان فوقه رئيس لم ينتخبه المصريون، فى إشارة لمرشد الإخوان.
وأضافت: «لم يكن يسعى لشىء سوى التمكين والسيطرة على الدولة، وفى عهده تمت محاصرة المحكمة الدستورية وتعطيلها، ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى لإرهاب الإعلاميين، وقام بتعيين نائب عام بما يخالف الأعراف القضائية، ولم يعبر عن المصريين، وتدنى وضع المرأة وتم الدفاع عن الذين يتحرشون بالنساء فى المظاهرات لأنهن يتظاهرن ضد مرسى».